الاستثمار في المرأة: نحو مستقبل أفضل

02:36 صباحا
قراءة 3 دقائق

على مدار أكثر من 100 عام، ظل يوم المرأة العالمي مُناسبة تُذكّرنا بالقوة التي تحملها روح المرأة، ورمزية عطائها وإرادتها في مختلف ثقافات العالم، وهذا العام يشكل شعار «الاستثمار في المرأة لتسريع وتيرة التقدم» دعوة للاحتفاء بالمنجزات التي حققتها المرأة وتقدير حجم مساهمتها في مسيرة التنمية الشاملة والمستدامة، وفي الوقت نفسه فرصة لتأكيد التزامنا تجاه تمكين المرأة في مناحي الحياة كافة.

تؤكد المرأة دائماً أنه لا توجد عقبة تقف أمامها، ولا يوجد تحد لا يمكن تجاوزه. كما تثبت أن الأحلام مهما تكن كبيرة فإنها قابلة للتحقق، فاليوم أكثر من أي وقت مضى تتقلد أعداد كبيرة من النساء مناصب عليا، ويترأسن مؤسسات كبرى، ويبرزن في مختلف القطاعات العلمية والإبداعية والفنية، فمن رائدات فضاء، إلى فنانات ومبتكرات وعالمات في الهندسة والطب والفيزياء، إلى قياديات وشخصيات رسمية في مناصب سياسية ومهام اقتصادية كبيرة، وكأنهن بذلك يثبتن أن الموهبة لا تعرف فرقاً بين الرجال والنساء.

ليس ذلك ما تمثله النساء في كل ما يحققنه من ريادة ونجاح وتفوق وحسب، فكل واحدة منهن تشكل نموذجاً ملهماً للأجيال الجديدة، وتضيء بإسهاماتها ومبادراتها وجهودها الطريق أمام المزيد من النساء حول العالم ليستكملن المسيرة، ويكنّ جزءاً أصيلاً في بناء غدٍ أفضل وأكثر تنوعاً وابتكاراً للإنسانية جمعاء.

هذا الواقع الذي نفخر به، وهذه المكانة التي وصلت لها المرأة، لا يعنيان أن التحديات اختفت، وأننا وصلنا إلى الطموحات كاملة، فعلى الرغم من كل ما تحقق، إلا أن بعض التحديات لا تزال قائمة، وتذكرنا كل يوم بأهمية وضرورة العمل الجماعي، أفراداً ومؤسسات، إذ تشير منظمة العمل الدولية إلى أن النساء يشكلن نصف سكان العالم، لكن 61% منهن فقط يشاركن في القوى العاملة، مقارنة ب 90% من إجمالي الرجال.

إلى جانب ذلك يشير تقرير الفجوة العالمية بين الجنسين لعام 2022، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، إلى أننا نحتاج إلى 132 عاماً لسد الفجوة القائمة والوصول إلى التكافؤ الكامل، وهو في الواقع ليس تحدياً وإنما يشكل في الحقيقة دعوة لصنّاع القرار وقادة التغيير، لتسريع وتيرة العمل لتغيير هذه الأرقام كاملة.

وهذا يوجب علينا الاعتراف بأن تحسين التمثيل النسائي يتطلب العمل المباشر والمكثف من المؤسسات المعنية، وفي الوقت نفسه يتطلب من كل سيدة أن تستثمر في طاقاتها وقدراتها، لأن الحلول الجذرية والشاملة تتطلب تعاوناً دولياً وعالمياً، وإيماناً وجهداً شخصياً أيضاً.

من خلال تجربتي الخاصة في منصب قيادي بصناعة النشر، كنتُ أتفاجأ دائماً بضعف التمثيل النسائي في الاجتماعات، وقررتُ أن أكرّس جهودي خلال تولي منصب رئاسة الاتحاد الدولي للناشرين لتغيير هذا الواقع، وقد تكللت الجهود بإطلاق مبادرة «ببلش هير» PublisHer لتمكين النساء في قطاع النشر، وتعزيز تقدمهن نحو المشاركة في مجالس الإدارات وتقلد المناصب العليا والقيادية، وعملنا على توسيع نطاق المبادرة من خلال إطلاق جوائز «ببلش هير» للتميّز، بهدف تكريم النساء والاحتفاء بالأصوات النسائية وتعزيز قدراتهن وأدوارهن القيادية في صناعة النشر.

ونحن ملتزمون في العمل للحد من غياب تكافؤ الفرص بين الرجل والمرأة في كافة المجالات، خاصة مجال التعليم، لأنه يعد واحداً من أهم جوانب الحياة، ومن خلاله يمكن إنارة الطريق أمام المرأة للاستفادة من الفرص وبناء مستقبل أفضل وأكثر إشراقاً. ويشكل التزامنا هذا محركاً رئيسياً داخل المؤسسات التعليمية في إمارة الشارقة وفي برامجها التنموية، فجامعاتنا ذات المستوى العالمي تهدف إلى تعزيز تنوع القيادات من خلال تزويد الطالبات بالأدوات اللازمة لمساعدتهن على التميز في رحلتهن الأكاديمية والمساهمة الفعالة في القوى العاملة، فضلاً عن الجهود في سد الفجوة الرقمية بشكل فعّال من خلال تمكين المرأة ودعمها في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.

مع احتفائنا بالإنجازات التي تحققت في الماضي، نتطلع إلى تعزيز إنجازات المستقبل بكامل عزيمتنا، فمن خلال الاستثمار بتطوير قدرات المرأة، نحن لا نكتفي بتسريع وتيرة التطور فحسب، وإنما نعمل على ترسيخ الأسس اللازمة لبناء مستقبل يسهم فيه جميع الأفراد، نساءً ورجالاً، بتحقيق إنجازاتنا المقبلة.

لذلك ننتهز مناسبة يوم المرأة العالمي للتأكيد على التزامنا تجاه تجاوز ما تبقى من عقبات تعرقل جهود ترسيخ تكافؤ الفرص والشمول، وبناء عالم تتحقق فيه إمكانات كل امرأة وتلقى فيه الاحتفاء والتقدير والتكريم الذي تستحقه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/66fyhtcd

عن الكاتب

الرئيسة الفخرية لجمعية أصدقاء الرضاعة الطبيعية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"