للمشاهدة طعم آخر

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

قبل أشهر، وحتى قبل أسابيع، كنا نقول إن كثرة الإنتاج وضخ الأعمال الدرامية طوال السنة وعلى مختلف القنوات والمنصات سيسحب البساط من تحت الدراما الرمضانية، فتأتي باهتة إلى حد ما، تفتقد إلى لهفتنا عليها وشوقنا لملاقاة نجومها ككل عام، لكن رمضان جاء وجاءت معه سلته الكريمة من الأعمال المغلفة بقوالب من التشويق والتميز، والمكللة بأسماء نجوم كبار ونجوم شباب من مختلف الدول العربية وبنكهات متنوعة من أصناف الدراما، لتؤكد أن لرمضان سحراً وبهجة لا يمكن لأي شهر آخر ولا لأي موسم آخر خطفهما منه، ولن يكون للمشاهدة في أي موسم آخر طعم المشاهدة نفسه في الشهر الفضيل.

مازلنا نحتفظ بلهفتنا نفسها لاستقبال شهر رمضان، ولهفتنا نفسها لملاقاة أهل الفن ومقدمي البرامج، ولهفتنا حتى للإعلانات المبهجة خلال هذا الشهر، سواء كانت خيرية أم تجارية، فهي في الحالتين ثرية ومميزة، ينتظرها الصغار والكبار؛ فما الذي يجعل للمشاهدة طعماً آخر في رمضان، مادام البث ممتداً طوال الساعات وعلى مدار الأيام؟.

هناك سحر في أجواء رمضان التي وإن تضاءلت إلا أنها تحتفظ بجوهرها وروحها، روح تنعكس على كل ما نفعله وعلى كل طقوسنا خلال هذا الشهر، حتى المشاهدة التلفزيونية تتزين بلمّة الأسرة والأصدقاء، وتصير حكاياتها حديث المجالس؛ فالجمهور يتعلّق بمشاهدة الأعمال الدرامية بسبب تعلقه بحكاياتها، يحب متابعة قصص اجتماعية قد يرى نفسه فيها أو يرى أحد معارفه والمؤكد أنه يرى مجتمعه فيها، ويتفاعل مع أبطالها.

الأبطال هم السر الثاني خلف حب الجمهور للدراما، وكلما زاد عدد الأعمال المعروضة خلال الشهر الفضيل، زادت حدة المنافسة بين النجوم لكسب ود الجمهور، وميزة الشاشة هذا الموسم أنها تجمع الكبار مع الشباب، كبار لا يطلّون إلا في هذا الموسم، مثل الكبير يحيى الفخراني الذي نترقب أعماله دائماً بشوق، (وما زلنا نفتقد بلا شك وجود الزعيم عادل إمام)، ناهيك عن حضور نجوم المرحلة الوسطى والشباب الذين تألقوا خلال العامين الأخيرين فقفزوا سريعاً إلى الصدارة.

هناك ميزة أخرى ونكهة تضيفها تلك الخلطة الجميلة للأعمال التي تأتينا من معظم البلدان العربية، وإذا كانت مصر هي الرائدة في الدراما والأكثر إنتاجية، فإن باقي الدول تحرص على التواجد خلال رمضان ولا تقيس أعمالها بالكم، خصوصاً إذا كانت الدول التي تعاني ظروفاً سياسية أو اقتصادية صعبة تؤثر في حركة الإنتاج الفني فيها؛ فالمشاركة تمنح الجمهور قدرة أكبر على تذوّق الفنون والتمييز بين الممتاز والجيد وما دونهما.

ثراء الشاشة في رمضان يفتح شهية الفنانين والمؤلفين والمخرج والمنتجين على تقديم أفضل ما لديهم، ويفتح شهية الجمهور على الاستمتاع والاستفادة في الوقت نفسه مما تجود به الشاشة في رمضان.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/y62jz7a5

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"