عادي

نقل الرسائل مهنة شديدة السرية

21:13 مساء
قراءة 3 دقائق
المرسال

القاهرة: الخليج

أصدر بيت الحكمة للنشر والتوزيع رواية الكاتب الصيني، ليو ليانغ تشنغ، وعنوانها «المرسال»، بترجمة د. يحيى مختار، والرواية تقدم لنا مغامرة داخل عالم غرائبي غارق في الخيال، والأساطير المحمّلة بطابع المناطق الغربية الصينية، حيث تتمحور الأحداث حول حرب اندلعت منذ آلاف السنين بين مملكة «بيشا» في الشرق، ومملكة «هيلا» في الغرب، بسبب الشائعة القائلة إن الجدار العالي للمعبد الكبير في مملكة «بيشا» يحجب الشمس عن مملكة «هيلا» التي تعتنق ديانة مختلفة، فزرعت بذور الكراهية بين شعبَي المملكتين، واستمرت الحرب بينهما لعقود طويلة.

يقول المترجم في تقديمه للرواية، إنه بسبب هذه الحرب تم حظر تبادل الرسائل بين الشعبين، وأصبحت عملية نقل الرسائل مهنة سريّة، حيث لعب أشخاص يمتهنون مهنة «المرسال» دوراً مهماً، في نقل المعلومات بين المملكتين خلال الحروب المتعاقبة، و«المرسال» الذي تتحدث عنه الرواية هو مترجم معروف من مملكة «بيشا» يستطيع التحدث بعشرات اللغات اسمه كو. لكنه لم يكن يحمل معه رسالة مألوفة، بل يسير بجوار حمارة اسمها «شيه»، نقش كبير رهبان مملكة «بيشا» نصاً دينياً مقدساً أسفل وبرها، وطلب منه إيصالها بسلام إلى كبير الرهبان في مملكة «هيلا» الذي يعتنق ديانة مملكة «بيشا» سراً، ليسافر رفقة تلك الحمارة عبر المناطق والصحارى التي تدور فيها العديد من المعارك بين جيشي المملكتين، ويلاقي خلالها الكثير من الأهوال، والمخاطر، والأمور العجيبة، وسط عالم مملوء بالأشباح من قتلى تلك الحروب.

لكن عندما نجح في الوصول بالحمارة إلى مملكة «هيلا» اكتشف أن كبير رهبان المملكة غيّر ديانته، ولم يعد يؤمن بالنص المقدس المنقوش أسفل وبر الحمارة، فيقرر قتل الحمارة، وسلخ جلدها ودفنه، لكن الحمارة تحولت إلى شبح، وتلبّست جسد المرسال لينتقل بذلك النص المقدس من جلدها إلى عقله، ويصبح التخلص من النص المقدس أمراً بعيد المنال.

ووسط عالم من مخيلة الكاتب تحكمه الأصوات، يتعايش البشر مع باقي المخلوقات، وتنتشر في ذلك العالم الأصوات البشرية، وأصوات صياح الديكة والدجاج، ونباح الكلاب، إلى مسافات بعيدة، بل تصعد إلى السماء، كما يمكن للحمير رؤية الأشباح، ورؤية أشكال الصوت، وألوانه، وفهم مكنون البشر.

وتحكي الرواية من وجهة نظر الكاتب قصصاً عن الحرب والإيمان والقتل، والعاطفة، والعلاقة بين الإنسان والحيوان والأشباح، ويمكن القول إن البطل الرئيسي في الرواية هو «الحرب»، لكن في عيون الحمير، وليس البشر.

وفي ما يتعلق بالعدالة والظلم في الحرب، اعتمد الكاتب على حوار بين شبحين لجنديين ماتا في المعركة، اندمجا معا بشكل خاطئ، وبسبب مواقفهما المختلفة يتبنى الكاتب موقفاً محايداً، حيث لا يوجد من وجهة نظره صواب، أو خطأ، ففي النهاية لا يعرف أحد كيف آلت الأمور بين المملكتين، كأنه يريد أن يقول إنه لا يوجد تصالح في عالم البشر.

وعلى النقيض من ذلك، يبرز الكاتب حالة التواصل بين البشر والحيوانات، والتصالح بين الأشباح، كأنه يريد أن يقول إن الحياة ليست البداية، والموت ليس النهاية، وأن التصالح لا يحدث إلا بعد الموت، أو أن الإيمان والمعتقد غير خاضعين لمؤامرات البشر، كما أن الصراعات العقائدية لا تجلب سوى الويلات، وأن الأصل في العلاقات البشرية هو التواصل.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3v4rkrbr

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"