لا أحد يتعلم

00:54 صباحا
قراءة دقيقتين

ينشغل العالم بالبحث عن سبيل لوقف المأساة التي تتدفق تفاصيلها في غزة، لكنّ حركتي «حماس» و«فتح» تجدان الوقت مناسباً للتراشق على خلفية تعيين الرئيس الفلسطيني محمود عباس، رئيساً جديداً للوزراء.

هذا التراشق غير المبشّر ربما يمثل للكثيرين رفاهية، بل إن تعيين رئيس وزراء جديد قد لا يكون أمراً ذا أهمية بالنسبة لهم إذا ما قورن بالأولويات على الساحة الفلسطينية، وفي مقدمتها بغير شك وقف ما يجري في غزة.

أما الذين يعتبرون الحكومة الجديدة جزءاً من صيغة مستقبلية موحدة لإدارة أمور الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة، فإن هذه البداية تشي بأن الطريق إلى ذلك طويل ومجهد ومحفوف بمخلفات فترة الانقسام الطويلة، بما فيها من اختلاف في ولاءات كل طرف وتحالفاته حتى بلوغ المرحلة المأساوية التي تعيشها القضية الفلسطينية.

إن التراشق حين يحيط ببداية عمل حكومة، من أولوياتها إعادة إعمار غزة وتوحيد المؤسسات ونظم الحكم الفلسطينية، فهو يعني ببساطة سعي بعضهم إلى إفشال كل جهد لجمع الشتات وإنهاء ازدواجية القرار. صحيح أن لا سبل معلنة لكيفية تحقيق هذه الأولويات التي يحددها تكليف الحكومة، لكن المؤكد أن تولّيها الأمور، والأمل في تصديها لمهمات تبدو شاقة، هما جزء من تفاهمات دولية وإقليمية تخص ما بعد المشهد الحالي، أي «اليوم التالي» لما بعد المأساة في غزة؛ لمنع تكرارها.

والخشية ألا يتحقق شيء من أولويات الحكومة الجديدة، ببساطة لأن لا أحد يتعلم، وأن تبقى المصالح الضيقة محور خلاف الفصائل الفلسطينية التي يملك بعضها الآن رفاهية الحديث عن ما يتعلق بأصول تكليف رئيس الوزراء الجديد، وكأن الأمر يتعلق بدولة طبيعية لا تواجه إحدى جناحيها ويلات خطف القرار والمغامرة من جانب بعضهم.

إن جهود تخفيف هذه الويلات عمن تبقى من أهل غزة تتوالى من كل صوب، وكلما انسد أفق للعون، بحث أصحاب هذه الجهود عن غيره، لكن «حماس» تجد الوقت الكافي، أو الجرأة بتعبير بعضهم، للحديث عن تفرد فتحاوي بالقرار، أي قرار تعيين رئيس وزراء جديد، وإصرار على «الضرب عرض الحائط بكل المساعي الوطنية للم الشمل الفلسطيني والتوحد في مواجهة العدوان».

وبديهي أن ترد «فتح» مستهجنة حديث «حماس» عن التفرد والانقسام، وهما اتهامان أصيلان يوجهان للحركة التي تمسك بزمام الأمور وحدها في غزة منذ 2007، فضلاً عن اتهامها بالارتهان بأجندات خارجية.

إن بيان «فتح» باتهامه «حماس» بالانقلاب على الشرعية في 2007 وصولاً إلى مغامرة السابع من أكتوبر/ تشرين الأول بغير مشاورة أحد، وإعادة احتلال غزة، وغير ذلك، قد يكون من علامات وعورة الطريق إلى وحدة فلسطينية تستلزم المكاشفة وتذكير كل طرف بأخطائه ومحاسبته على خطاياه.

ولا شك أن المطلوبين للمساءلة سيراوغون طويلاً، وأن من يهدد إصلاح ذات البين مصالحهم سيعرقلون أي جهد للم الشمل.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yn2rvcs2

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"