لماذا امتنعت؟

00:35 صباحا
قراءة دقيقتين

وليد عثمان

صحيح أنه لا دولة عارضت قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن «تدابير مكافحة كراهية الإسلام» ودعوته إلى تعيين مبعوث خاص للأمم المتحدة معني بمكافحة هذا المسلك، لكن امتناع 44 دولة عن التصويت يستدعي تساؤلات وجهوداً دون أن يقلل ذلك من قيمة تأييد 115 دولة للقرار الذي صاغته باكستان، وقدمته نيابة عن منظمة التعاون الإسلامي.

اقتناع هذا العدد من الدول المؤيدة للقرار هو مكسب كبير منعكس في حجم الترحيب العربي والإسلامي بما حدث في الأمم المتحدة في إطار اليوم الدولي لمكافحة كراهية الإسلام «الإسلاموفوبيا». ومبعث الترحيب العربي والإسلامي هو اعتبار القرار من ثمار الجهود المبذولة، خاصة على الصعيد العربي، للحوار مع «الآخر»، ومد أواصر الأخوّة الإنسانية وتقويتها بين كل من يعيش على الأرض، وصولاً إلى شيوع قيمة التسامح.

ولا يخفى على أحد ما بذلته الإمارات في هذا الملف المصيري، متعاونة من الأزهر الشريف والفاتيكان تحديداً، لتحويل النوايا الحسنة والخُطب المتبادلة بين كل الرموز الدينية، على أهمية هذه النوايا والخطب، إلى وثيقة للأخوّة الإنسانية. وهذه الوثيقة هي بلا شك، وقد اقترنت باسم أبوظبي، أحد ملامح النهج الإماراتي الداعي إلى إدارة كل العلاقات في العالم على أسس من الحكمة والحوار والرغبة الصادقة في تجاوز الخلافات، وصولاً إلى شيوع قيم التعايش والعدل والسلام.

لا ينكر أحد أن ما اقترفته وتقترفه جماعات وفرق محسوبة على الإسلام والمسلمين أحدث شروخاً عميقة في علاقتهم ب «الآخر» بكل تنوعاته. ولم تكن خطورة ذلك فقط في توفير المبررات للمتربصين بالمسلمين ومتعمدي الإساءة، بل أيضاً في ترسيخ صور مغلوطة عنهم لدى شعوب كثيرة لا تعرف الكثير عن الإسلام غير ما يرتبط به زوراً من عنف في الإعلام الغربي. واحتاج الأمر وقتاً وجهوداً لإصلاح ذلك، وكان مما يحمد هو اشتراك رموز الأديان في صياغة رسالة إنسانية موحدة تبرئ الأديان من جرائم أتباعها، وتكشف قيمها المشتركة الداعية إلى التعايش الإنساني.

ويبدو أن كل ما بُذل على أهميته ليس كافياً، ليس لإقناع الشعوب بخطورة التربض بالإسلام والمسلمين ومعاداتهم، أو بالأحرى كراهيتهم والرغبة في الخلاص منهم، بل لحمل أصحاب القرار في 44 دولة على استشعار خطورة التشجيع، أو الصمت، على دوام معاداة فئة لفئة وأثر ذلك على شكل العالم.

قد يثير الاستغراب أن معظم هذه الدول أوروبية، وأن بينها دولاً كبرى مثل فرنسا وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا والدنمارك وبلجيكا والسويد وسويسرا، وفيها أيضاً الهند، والبرازيل، والأرجنتين، وكوبا، وقبرص.. وهو تنوع لا يمكن ربطه بسيطرة سياسية لتيار ما، كاليمين في أوروبا مثلاً، أو خلافات مع العالمين العربي والإسلامي، أو الانحياز لطرف ما في نزاعات المنطقة.

نحتاج، بعد الترحيب بالدول المؤيدة، إلى سعي لفهم دوافع الممتنعين، ومبرر هذا التكتل الأوروبي السلبي الذي قد يغذي شكوك البعض، وهو ما لا نتمناه.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"