جريئة النصوص الدرامية التي تقرر كسر جمود القوالب الاجتماعية التي تدور عادة في فلكها، فتتمرد على القضايا المستهلكة على الشاشة مثل، الصراع على الميراث والثأر والسلطة والمال والخير والشر والحب والخيانة.. لتقدم حكايات غير تقليدية، تطرح علناً ما قد يخجل من التحدث عنه المجتمع الشرقي، مثل، العنف والتمييز والكبت، الذي تتعرض له بعض الفتيات والنساء، وتناولتها بإتقان نادين جابر في مسلسل «ع أمل»، وقضايا الإجهاض وتأجير الأرحام التي يتناولها مسلسل «صلة رحم»، بقالب درامي مشوّق، أجاد صياغته وحبكه المؤلف محمد هشام عبية.
«صلة رحم» عمل غير تقليدي، لا شك أن صُنّاعه كانوا يعلمون منذ البداية أنه سيثير جدلاً لأنه يتناول موضوعاً يشعل جبهات الرفض والقبول، بين من يعتبرونه حراماً ولا يجوز شرعاً، وبين من يجدون له مبررات تبيح المحظورات فيصبح «حلالاً» إذا وجد فعلياً ما يجعله «علاجاً» لأزمة إنسانية ملحّة!، والميزة الأهم في هذا المسلسل وفي كتابة عبية، أنه تناول أكثر من قضية شائكة، الإجهاض بسببين، الأول علاقة غير مشروعة، والثاني إجهاض بسبب زواج بالإكراه وزوج عنيف يضرب زوجته باستمرار.. وقضية الزواج من امرأة أجنبية قررت ترك زوجها فجأة لأنها لم تعد تحبه، فسافرت آخذة معها ابنهما ما جعل الدكتور حسام يعاني نفسياً، ثم قضية تجميد البويضات وتأجير الأرحام، حيث يسعى هذا الدكتور إلى تعويض حرمانه من ابنه بالزواج من الطبيبة النفسية ليلى والإنجاب مجدداً..
فتاوى وقوانين والمنطق العلمي ورأي المجتمع.. تدفع الجمهور للتفاعل مع المسلسل، لكنها ليست وحدها التي تجعل هذا العمل مميزاً وتحثنا على متابعته يومياً، فأداء إياد نصار، الرائع والسلس والصادق الذي يشعرك بأنه نابع من القلب وبأنه يعيش حالة الدكتور حسام بكل حواسه، وجمال أسماء أبو اليزيد بانفعالاتها وفيض مشاعرها ولغة الجسد والعيون لديها، وهي تؤدي دور حنان.. نقاط جذب ترفع من مستوى العمل وتزيده تميزاً، ولابد من الإشادة بأداء الممثلة السورية ريام كفارنة بدور الدكتورة جيهان.
المخرج تامر نادي، والكاتب محمد هشام عبية، يقدمان عملاً يستحق المشاهدة، وربما كان من الأفضل إخراجه من وسط هذا الزحام الدرامي كي ينال ما يستحقه من مشاهدة، فيصل إلى أكبر عدد من الجمهور، خصوصاً أنه عمل فني لم تتم كتابته من أجل الوجود على الشاشة بل لفتح قضية وإثارة ضجة إيجابية ومحاولة إيجاد حلول ولفت الأنظار إلى قضايا شائكة، والأهم أنه يلفت الانتباه إلى معنى تأجير الرحم، فهو ليس مجرد عقد إيجار ولا هو مجرد حمل، بل هناك مخاطر قد تتعرض لها من يتم الاتفاق معها لتأجير رحمها، سواء خطر الإجهاض أو الإصابة بالسكر أو الضغط أو أي من مشاكل الحمل ومن ثم الولادة، ناهيك عن تعلقها بالجنين وصعوبة انفصالها عنه بعد الولادة، وكأنه لا يعنيها، بينما يكون تغذى من غذائها ومن روحها وكبر على إيقاع نبضات قلبها.
