الإدارة وكرسي الحلاق

02:41 صباحا
قراءة دقيقتين

علم الإدارة علم واسع يتميز بالتنوع والتعدد ويساعد في صنع القرار وحل المشكلات، ولكنني سوف أتناول جزئية مهمة جداً وهي العلاقة بين الموظف ومديره المباشر. هذه العلاقة التي يفترض فيها الوضوح والشفافية والتعاون، ولكن نلاحظ أن هذه العلاقة في أغلبية المؤسسات علاقة قائمة على سوء الفهم والضبابية؛ فأغلبية المديرين يديرون العمل بعقلية مركزية ولا يسمحون بالتنوع ولا بالابتكار ولا بالأفكار الجديدة ولا الظهور ولا التعبير عن أنفسهم. إن هذه الأجواء غير صحية تؤثر في نفسية الموظفين وإنتاجيتهم، ومن ثم تنعكس على بيئة العمل وتؤدي إلى انخفاض توقعاتهم بالحصول على تقديرات أو تقييمات عالية، وكل ذلك يؤدي إلى حدوث خلل كبير في الإدارة يؤدي إلى قلة الإنتاجية وانخفاض في العمل وكثرة الغيابات وزيادة في التذمر والغيابات والإجازات المرضية. دراسة سويدية جاء فيها أن المدير السيئ لا يسبب فقط الضغط النفسي للموظفين، بل قد يزيد خطر إصابتهم بأمراض في القلب، وليس هذا فحسب، بل هناك نوع من المديرين ورؤساء العمل يقومون بوضع حاجز وفجوة كبيرة بين موظفيهم؛ خشية من بعض المطالبات التي يتخوفون منها طلب الموظف زيادة الراتب أو الحصول على المكافأة أو ترقية وغيرها من الأمور المشروعة التي يمكن للموظف الحصول عليها. المدير الفاشل أو المتعثر هو الذي يبتعد عن فريقه، فلا يسمع للمبادرات ولا يقوم بالتشجيع ولا يشارك موظفيه بنوع من الشفافية ولا الاحترام، بل قد تزداد الفجوة وتصبح هناك حواجز كبيرة بينه وبين موظفيه المفترض منه أن يكون قريباً منهم، فيعقد اجتماعات دورية ويحرص على سماع همومهم ومشاركته لأفراحهم وأحزانهم، ولا ننسى أهمية المعرفة بقدرات أفراد فريق العمل، ومعرفة مكامن الضعف القوة؛ حيث يمنح هذا الأمر مدير الإدارة ورؤساء الأقسام قدرة على معرفة الاحتياجات التدريبية للموظفين ومساعدتهم على الحصول على التدريب الكافي مجال تخصصاتهم وأعمالهم اليومية.

منذ فترة شاهدت مقابلة لمحمد القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء، تحدث فيها عن أول يوم استلم فيها منصب مدير إدارة الترخيص التجاري في إمارة دبي؛ تحدث فيها عن حادثة صارت له أول يوم مع رجل كبير في السن دخل عليه وأخبره بنصيحة هي أن «الكرسي اللي انت عليه مثل كرسي الحلاق». يقول القرقاوي إن هذه النصيحة غيرت حياته وكانت في سنة 1995؛ فلم يعد لديه أي مكتب أو طاولة، بل استبدل بها طاولة مستديرة، وأصبح يقابل الجميع على طاولة مستديرة صغيرة في طابق مشترك مع جميع الموظفين، ويقابل العملاء يومياً ويستمع لشكاواهم! الحياة فلسفة، والحياة حكمة.. والحقيقة أن الإدارة ليست منصباً ولا كرسيّاً، بل الإدارة خلق وفن وذوق في التعامل.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"