التخلي عن الكتاب

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

د. باسمة يونس

يمكن أن نلتقط كتاباً وفي داخلنا آمال كبيرة بأن نستمتع بقراءته لنجد أنفسنا نتخلى عنه في منتصف الطريق وهنا نصبح من أصحاب القراءات غير المكتملة أي الذين لا ينهون قراءة الكتب.

وسواء كان ذلك بسبب قلة الاهتمام أو ضيق الوقت أو ببساطة فقدان مسار الحبكة فإن الكثير منا لديه مجموعة متزايدة من الكتب التي قرأناها جزئياً لكننا تخلينا عنها للصمت.

ولكن ما الذي يدفعنا إلى ترك كتاب قبل الوصول إلى آخر صفحاته؟ هل لأنه فشل في جذب اهتمامنا ونحن جميعاً نعرف بأن الكتاب إذا لم يجذبنا منذ البداية فمن غير المرجح أن نكمل قراءته.

أم لأن القارئ يختبر حالة ركود القراءة كما يحدث للكاتب بحيث لا يبدو أن هناك كتاباً يجذب انتباهه، فيعيش حالة قلق تسمى الملل الأدبي تصعب عليه الانخراط بشكل كامل في أي كتاب يحاول قراءته.

أو لأننا في عالم سريع الخطى بحيث يعتبر إيجاد الوقت للقراءة نوعاً من الترف بين مسؤوليات متعددة لا تترك لنا وقتاً للقراءة على مهل، ونتيجة لذلك ينتهي الأمر بالتخلي عن الكتب.

أم لأنه في بعض الأحيان قد لا تتوافق توقعاتنا للكتاب مع واقع ما يقدمه، سواء كان ذلك بسبب التسويق المضلل أو المراجعات المبالغ فيها أو سوء فهم لمحتواه، وعندما يفشل في تلبية توقعاتنا فنميل إلى وضعه جانباً ونسيان وجوده؟

فضلاً عن عوامل التشتيت الرقمية وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي وخدمات البث وألعاب الفيديو، وكل ما ينافس الكتب في جذب انتباهنا واستسلامنا لإغراء الإشباع الفوري والتخلي عن الكتاب لصالح أشكال الترفيه الأكثر جاذبية.

وفي حين أن قرار التخلي عن الكتاب هو في النهاية قرار شخصي، فمن الجدير بالذكر أن القراءات غير المكتملة ليست بالضرورة انعكاساً لجودة الكتاب أو جدارته، فكل قارئ يجلب مجموعته الفريدة من التفضيلات والخبرات والظروف التي تشكل عادات القراءة الخاصة به واستجاباته الفردية للكتب المختلفة.

ويمكن أن تختلف تفضيلاتنا وأمزجتنا في القراءة بشكل كبير، فالكتاب الذي لم نتقبل قراءته ذات زمن قد يأسرنا في زمن آخر، وقد نتخلى عن الكتب لأنها تحتوي على موضوعات أو مشاهد أو لغة تشعرنا بعدم الارتياح، فإذا دفعنا الكتاب إلى خارج منطقة راحتنا نختار التخلي عنه بدلاً من مواجهة انزعاجنا بدون شك.

ويمكننا زيادة احتمالية إنهاء الكتب التي نبدأها إن استطعنا اختيار الكتب التي تتوافق مع اهتماماتنا وتفضيلاتنا وتخصيص قدر معين من الوقت كل يوم للقراءة أو الانضمام إلى نادٍ للكتاب، ومع هذا من المهم أن نتذكر أنه لا بأس من التخلي عن كتاب إذا لم يجد صدى لدينا، ففي نهاية المطاف يجب ألّا نضيع الوقت على الكتب التي لا تجلب لنا السعادة ولا ترضينا.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2fhhts7e

عن الكاتب

​كاتبة ومستشارة في تنمية المعرفة. حاصلة على الدكتوراه في القيادة في مجال إدارة وتنمية المواهب وعضو اتحاد كتاب وأدباء الإمارات ورابطة أديبات الإمارات. أصدرت عدة مجموعات في مجالات القصة القصيرة والرواية والمسرح والبرامج الثقافية والأفلام القصيرة وحصلت على عدة جوائز ثقافية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"