قرار يحتاج إلى تنفيذ

01:22 صباحا
قراءة 3 دقائق
2

شكَّل امتناع الولايات المتحدة عن استخدام «الفيتو» في مجلس الأمن ضد قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار خلال شهر رمضان والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن، تحولاً نوعياً في الموقف الأمريكي، بعد أن استخدمت «الفيتو» أربع مرات خلال الأشهر الخمسة السابقة، ما شجع إسرائيل على المضي في حرب الإبادة التي تمارسها ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

الموقف الأمريكي الجديد ليس تعبيراً عن خلافات في وجهات النظر بينها وبين إسرائيل فقط، بل هو يعبر عن خلافات أساسية حول المصالح الأمريكية الاستراتيجية في المنطقة.

كان الموقف الإسرائيلي من الموقف الأمريكي سلبياً جداً، إذ أعلن بنيامين نتنياهو على الفور إلغاء زيارة الوفد الإسرائيلي لواشنطن، والذي كان مقرراً أن يبحث مع المسؤولين الأمريكيين الخطط الإسرائيلية تجاه الإصرار على شن هجوم على مدينة رفح، وهو ما كانت واشنطن قد حذرت من نتائجه الكارثية.

وإذا كان الموقف الأمريكي شكل تحولاً تجاه الحرب على غزة، إلا أنه ظل محكوماً بضوابط العلاقات التاريخية مع إسرائيل، إذ إن الخارجية الأمريكية، وفي محاولة منها للتخفيف من آثار القرار، اعتبرته «غير ملزم»، وتنفيذه ربما سيتم عبر المفاوضات، وهو موقف يتعارض مع موقف الدول التي أيدت القرار، ودعت إلى تنفيذه فوراً.

وأعلنت دولة الإمارات موقفاً صريحاً وحاسماً في دعمها للقرار، ودعت بعثتها في الأمم المتحدة جميع الأطراف إلى «الالتزام به وتنفيذه بالكامل»، مؤكدة أنه «يجب على المجتمع الدولي ضمان نجاحه»، وهذا يعني أنه ليس مهماً صدور قرار يدعو لوقف فوري لإطلاق النار، بل المهم تنفيذه، ووضع الأطر اللازمة لذلك، خصوصاً أن إسرائيل التي تعتبر نفسها فوق القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، لم تلتزم بتنفيذ أي قرار صدر عن مجلس الأمن أو عن الجمعية العامة، وهي تعلن الآن أنها لن تنفذ القرار، وتصر على مواصلة الحرب، ومهاجمة مدينة رفح التي تؤوي أكثر من مليون ونصف المليون إنسان.

من الواضح أن إسرائيل في رفضها تنفيذ القرار، إنما تعلن تحديها مجدداً للعالم عامة وللولايات المتحدة خاصة، ومن الواضح أن نتنياهو لا يعير كبير اهتمام للموقف الأمريكي، رغم الآثار السلبية لموقفه على العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، وقد عبَّر عن ذلك مسؤول إسرائيلي كبير بقوله وفق موقع «واينت»، إن رد فعل نتنياهو «يفاقم المشكلة.. لقد اختار خلق أزمة مع الولايات المتحدة»، وقال عضو الكنيست ديبي ببطون «كل مرة يثبت نتنياهو أنه لا يوجد قاع للهاوية التي يجر إسرائيل إليها»، فيما قال عضو الكنيست شيلي تال ميرون «إن فشل نتنياهو السياسي يضع إسرائيل أمام خطر وجودي حقيقي، ويجعلها معزولة عالمياً، وحذر من أن يؤدي المسار الحالي مع البيت الأبيض إلى «كارثة على إسرائيل».

صحيح أن هناك أزمة في العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، لكنها لا تمس العلاقات الاستراتيجية بينهما. إنها أزمة حول الأسلوب والطريقة التي تدير بها إسرائيل حرب الإبادة في قطاع غزة، وليس حول أهدافها بإنهاء المقاومة ونزع سلاحها وتحقيق الأمن لإسرائيل. بمعنى أن الإدارة الأمريكية تريد إنقاذ إسرائيل من حرب لا أفق لها، ومن تداعيات قد لا تستطيع إسرائيل تحمل نتائجها، حيث تغرق أكثر فأكثر في وحل غزة من دون أن تحقق أياً من أهدافها حتى الآن سوى القتل والتدمير. قرار مجلس الأمن يحتاج إلى أسنان لتنفيذه، وإلا سيبقى حبراً على ورق.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ykahn7sp

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"