عادي
مدن تكتب التاريخ

قرطبة.. درّة العلم والحضارة

17:30 مساء
قراءة 3 دقائق
المسجد الجامع في قرطبة
الشارقة: عثمان حسن
شهدت بلاد الأندلس ثورة علمية وحضارية في عهد الحكم الإسلامي، وأصبحت عاصمتها قرطبة، منارة للعلم والحضارة التي يقصدها أمراء وملوك أوروبا، ليتلقوا العلوم على أيدي العرب، فأضحت درّة العلم والحضارة في القارة الأوروبية، والعالم الغربي، وبلغت هذه المدينة أوج ازدهارها وقمة ريادتها وحضارتها، وصارت أهم مدينة في شبه الجزيرة الإيبيرية، ومقراً للخلافة الإسلامية في العالم الغربي، وفي هذه الفترة شهدت المدينة تطوراً في شتى مناحي العلوم، في التجارة والزراعة والعمارة الإسلامية، بل إنها أصبحت واحدة من أعظم مدن العالم، ونافست بغداد في البهاء والعظَمة، واتسعت حتى بلغ عدد سكانها في عهد عبد الرحمن الناصر نحو نصف مليون نسمة،، ثم شيّد فيها نحو 3,837 مسجداً، ومئة وثلاثة عشر ألف دار، ونحو ثلاثمئة حمام عام، وكان لها سبعة أبواب، كما كثرت قصورها ومتنزهاتها، وازدهرت في مجال العمارة الإسلامية على نحو خاص، بخاصة في عهد عبد الرحمن الناصر.
  • *مدينة الزهراء
يعد تأسيس مدينة الزهراء أعظم أعمال عبد الرحمن الناصر في مجال العمارة والبناء. بنيت شمالي غرب قرطبة بنحو خمسة أميال، لتكون قاعدة ملكية جديدة بعدما ضجت قرطبة بساكنيها وازدحموا فيها. وجلب الناصر لبناء الزهراء المهندسين والعمال والفنانين من شتى المدن، وبالأخص من بغداد والقسطنطينية، وقد استخدم البناؤون فيها أنواعاً عدة من الرخام الأبيض والأخضر والوردي، كما استخدم فيها 4324 سارية مختلفة الأحجام من الرخام.
  • *أهمية
يعتبر مسجد قرطبة من أعظم الآثار الإسلامية في الأندلس، حظي بعناية خاصة من المؤرخين، نظراً لأهميته الكبرى في التاريخ الإسلامي بالأندلس، واستغرق بناء المسجد قرنين من الزمان، وهو أكبر مساجد أوروبا، وثاني أكبر مساجد العالم في القرن الثالث عشر.. ففي عام 784 ميلادية، أعطى أمير قرطبة، عبد الرحمن الأول، الأمر ببنائه، ثم توسع في عهد خلفائه على الإمارة، وصولاً إلى آخر التعديلات التي أضيفت إليه عام 987 على يد المنصور بن أبي عامر.
تحول المسجد إلى كاتدرائية كاثوليكية، بعد سقوط قرطبة على يد فرديناند الثالث، قائد مملكة قشتالة في حزيران 1236.
تقع كاتدرائية مسجد قرطبة اليوم عند سفح سييرا مورينا في جنوب إسبانيا؛ وهو مُدرَج ضمن قائمة مواقع التراث العالمي، كما تصدّر قائمة كنوز إسبانيا الـ12 عام 2007.
يمتاز المسجد بتصميمه الفريد، فقد بني على طراز المسجد الأموي في دمشق، ويتألف من حرم عرضه 73 متراً ونصف المتر، وعمقه 36.8 متر، وهو مقسم إلى 11 رواقاً، بواسطة 10 صفوف من الأقواس.
  • *أعلام
وحين تذكر قرطبة، لابد أن ترد سيرة ابن رشد، وهو أبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد الأندلسي، الذي ولد في قرطبة سنة 1126 ميلادية وتوفي في مراكش سنة 1198م،، وهو ذلك الفيلسوف الأندلسي المسلم، الذي درس علوم الفقه والأصول، والطب، والرياضيات، والفلك والفلسفة، مارس الطب، وتولى قضاء قرطبة، عرفه الأوروبيون باسم «أفيرس»، نشأ في أسرة أندلسية عرفت بمذهبها المالكي، حفظ موطأ الإمام مالك، وديوان المتنبي. ودرس الفقه على المذهب المالكي، والعقيدة على المذهب الأشعري. يعد ابن رشد من أهم فلاسفة الإسلام. دافع عن الفلسفة وصحح لعلماء وفلاسفة سابقين له، كابن سينا والفارابي، فهم بعض نظريات أفلاطون وأرسطو. وقدمه ابن طفيل لأبي يعقوب خليفة الموحدين فعينه طبيباً له، ثم قاضياً في قرطبة. تولى ابن رشد منصب القضاء في إشبيلية، وأقبل على تفسير آثار أرسطو، تلبية لرغبة الخليفة الموحدي أبي يعقوب يوسف، وتعرض هذا الفيلسوف الكبير في آخر حياته لمحنة حيث أبعده أبو يوسف يعقوب إلى مراكش وتوفي فيها سنة 1198.
وقرطبة كذلك، هي موطن الإمام القرطبي وهو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر الأنصاري القرطبي، ولد فيها في القرن الثالث عشر، ويعد من أشهر العلماء، كان فقيهاً محدثاً واشتهر بتفسيره للقرآن الكريم (تفسير القرطبي).
درس في قرطبة على يد الكثير من العلماء أمثال: ابن أبي حوتشي، والفقيه الأشعري، غادر قرطبة بعد أن استولى الملك فرديناند الثالث على المدينة عام 1236م، متجهاً إلى مصر، حيث مكث في مدينة الإسكندرية، وأكمل دراسته في مجال الحديث والتفسير، وانتقل إلى القاهرة واستقر في مدينة «منية أبي الخصيب» حتى وفاته عام 1273.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mryhy932

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"