صعود الصين في الجنوب العالمي

الشرق الأوسط وإفريقيا والنظام العالمي البديل
01:11 صباحا
ترجمة وعرض:
نضال إبراهيم
قراءة 6 دقائق
1

عن المؤلف

الصورة
1
داون سي ميرفي
داون سي. ميرفي أستاذة مشاركة في استراتيجية الأمن القومي في كلية الحرب الوطنية الأمريكية.
  • الصين تعمل على توسيع نفوذها العالمي وبناء نظام دولي بديل

يبدو أن ميزان القوّة العالمية يشهد تحولاً في عالم سريع التغيّر، وأن القوة الأمريكية لا بدّ أن تواجه طموحات الصين، واستراتيجياتها، أو تتعاون معها في مناطق نفوذها التاريخية، في الشرق الأوسط وإفريقيا. ويسعى هذا الكتاب إلى فهم تعقيدات مشاركة الصين في هاتين المنطقتين، وآثارها في النظام الدولي.

يقدم هذا الكتاب، تحليلاً شاملاً حول كيفية توسيع الصين لنفوذها في منطقتين مهمتين في الجنوب العالمي، وهما الشرق الأوسط وأفريقيا. ويأتي هذا العمل في وقت تستمر ديناميكيات القوة العالمية في التحول، حيث يُنظر إلى الصين على نحو متزايد باعتبارها منافساً للولايات المتحدة في المناطق التي يهيمن عليها النفوذ الأمريكي تاريخياً.
تقدّم داون ميرفي، وهي أستاذة مشاركة في استراتيجية الأمن القومي في كلية الحرب الوطنية الأمريكية، خبرتها في التحليل بناء على معرفتها، وعلى عمل ميداني مكثف ومئات المقابلات. تقدم الكاتبة تحليلاً مقارناً على مدار ثلاثة عقود من ارتباطات الصين في هذه المناطق.
تتمثل إحدى نقاط القوة الرئيسة في الكتاب في دراسته التفصيلية لمبادرة «الحزام والطريق» الصينية، وشراكاتها الاستراتيجية في الشرق الأوسط وأفريقيا، وهي المجالات التي تشكل منعطفات حاسمة في مجالات الطاقة والتجارة والأمن العالمية. وتجادل ميرفين بشكل مقنع، بأن الصين لا تعمل على توسيع نفوذها العالمي فحسب، بل تعمل بنشاط على بناء نظام دولي بديل، ما يتحدى معايير وهياكل الحوكمة العالمية القائمة.
تنتقل ميرفي إلى التفاعل المعقد بين الجغرافيا السياسية، والاقتصاد، والأمن، وتقدم رؤى دقيقة حول استراتيجيات الصين وأهدافها في الجنوب العالمي. والأهم من ذلك، أن الكتاب يتدخل في الجدل الدائر بين وجهات النظر، الليبرالية والواقعية، حول صعود الصين كقوة عظمى، ويقدم منظوراً ثالثاً دقيقاً يعترف بنهج الصين الفريد في صياغة دورها على المسرح العالمي. 
كيف نفهم سلوك الصين؟
تقول المؤلفة: «إن العالم اليوم في خضم انتقال محتمل للقوى العظمى بين الولايات المتحدة وجمهورية الصين الشعبية. وهذا الاتجاه يجعل من صعود الصين واحدة من الظواهر، الاقتصادية والسياسية والعسكرية، الأكثر أهمية في القرن الحادي والعشرين. فعلى مدى السنوات العديدة الماضية، بدأت الولايات المتحدة بإعطاء الأولوية لمنافسة القوى العظمى مع الصين، باعتبارها التهديد الأكبر للأمن القومي الأمريكي. وعلى نحو متزايد، تصف الولايات المتحدة الصين بأنها دولة منافسة في جميع المجالات الوظيفية. وتدرك الصين أيضاً أن المنافسة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة آخذة في الصعود. 
في عصر المنافسة بين القوى العظمى، تتساءل المؤلفة: كيف نفهم سلوك الصين؟ ونظراً للرؤى المستمدة من نظرية العلاقات الدولية في ما يتعلق باحتمال نشوب حرب ناجمة عن تحولات القوى العظمى، والعلاقة العدائية المتزايدة بين الولايات المتحدة والصين، ترى أن فهم صعود الصين مطلوب بشكل عاجل. وتقول: «منذ أن أطلقت الصين الإصلاح والانفتاح الاقتصادي في عام 1978، زادت قوتها الإجمالية بشكل كبير. ومع نمو قدراتها، فما هو نوع القوة الصاعدة التي قد تتحول إليها: قوة تنافسية صاعدة أم عضو متعاون في المجتمع الدولي؟ وهل سلوكها يتقارب مع المعايير الدولية، أم يتباين؟ هل تعمل الصين على بناء نظام عالمي بديل؟ إذا كانت الإجابة بنعم، ما هي خصائص هذا النظام الجديد؟ كيف تصوّر الصين وتميّز نفسها كقوة عظمى؟ كيف يتم بناء مناطق النفوذ؟».
وتشير إلى أن المقارنة بين هاتين المنطقتين تكشف عن أوجه التشابه والاختلاف في سلوك الصين. تعد منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى منطقتين غنيتين بالموارد، وكانتا ساحتين لمنافسة القوى العظمى في الماضي، وتحديداً بين جمهورية الصين الشعبية والولايات المتحدة، فضلاً عن جمهورية الصين الشعبية، والاتحاد السوفييتي. وفي ضوء احتياجات الصين المتزايدة من الموارد، بخاصة النفط والغاز الطبيعي والمعادن الصناعية، فمن المرجح أن تتزايد تفاعلاتها مع هاتين المنطقتين بمرور الوقت.
وتوضح المؤلفة أن المصالح الوطنية الحيوية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط تشمل التدفق المستمر لموارد الطاقة؛ ومحاربة الإرهاب العالمي، بما في ذلك تنظيم «داعش»، في العراق وسوريا، ومنع إيران من الحصول على أسلحة نووية؛ ودعم إسرائيل. وفي منطقة جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا، أصبحت مصالح الولايات المتحدة أكثر محدودية. وهي تشمل أمن الطاقة، ومنع انتشار الإرهاب (بسبب الدول الفاشلة وصعود جماعات مثل «داعش»، و«القاعدة»، والشباب، وبوكو حرام)، ومخاوف الصحة العامة، مثل انتشار فيروس إيبولا، وكوفيد-19. وعلى نحو متزايد، تؤكد وثائق سياسة الحكومة الأمريكية أيضاً، منافسة القوى العظمى الناشئة بين الولايات المتحدة والصين في إفريقيا كأولوية سياسية. 
دور الصين في الشرق الأوسط وإفريقيا
توضح المؤلفة أن الصين ليست وافداً جديداً إلى منطقة الشرق الأوسط، ومنطقة جنوب الصحراء الكبرى، في إفريقيا. وعلى الرغم من أن اتصالها بهذه المناطق يمتد لمئات السنين، بما في ذلك طرق الحرير القديمة التي بدأت قبل أكثر من ألفي عام، إلا أن الأغلبية العظمى من التفاعلات حدثت خلال السبعين عاماً الماضية. يركّز الكتاب على علاقات الصين مع هذه المناطق في فترة ما بعد الحرب الباردة (من عام 1991 إلى الوقت الحاضر)، ولكن التاريخ الطويل جداً لتفاعلات الصين مع هذه المناطق يشكل بطرق عدة، علاقات اليوم.
ويعود تاريخ طرق التجارة البرية لطريق الحرير الصيني مع الشرق الأوسط، إلى عهد أسرة هان في القرن الثاني قبل الميلاد. هناك أيضاً معلومات صينية بأن تفاعلات الصين مع إفريقيا تعود إلى ذلك الوقت. 
وفي عهد ماو، دعمت الصين الحركات المناهضة للاستعمار وجماعات التحرر الوطني، في هذه المناطق، وقدمت المساعدات الخارجية. وخلال الثمانينات والتسعينات، تركز اهتمام الصين في الداخل على التنمية الاقتصادية، وعلى الخارج للبحث عن مصادر الاستثمار الأجنبي المباشر، والمساعدات من العالم المتقدم لاقتصادها المحلي. ونتيجة لذلك، أصبحت تفاعلات الصين مع الشرق الأوسط ومنطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا أكثر تقييداً.
وبعد عام 2000، أعادت الصين الانخراط في الشرق الأوسط ومنطقة جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا، وتوسعت علاقاتها مع هذه المناطق لتشمل مجموعة واسعة من التفاعلات، السياسية والاقتصادية، والمساعدات الخارجية والعسكرية. ومن أبرز التطورات ما يلي: 1) النمو السريع للتجارة والاستثمار والمساعدة الإنمائية الخارجية للعديد من البلدان في هذه المناطق. 2) الإنشاء الاستباقي لمنظمتين إقليميتين خارج محيطها الإقليمي: منتدى التعاون الصيني الإفريقي في عام 2000 ومنتدى التعاون الصيني العربي في عام 2004. 3) تعيين ثلاثة مبعوثين خاصّين: المبعوث الخاص للصين والشرق الأوسط (2002)، والمبعوث الخاص للصين لإفريقيا (2007)، والمبعوث الصيني الخاص لشؤون سوريا (2016). 4) الإعلان عن الحزام الاقتصادي لطريق الحرير الصيني وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين (2013)، اللذين تم دمجهما لاحقاً في مبادرة الحزام والطريق (2015). 5) مساهمات قوات حفظ السلام في بعثات عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام في الشرق الأوسط وإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. 7) نشر سفن البحرية الصينية في المياه قبالة الصومال للمشاركة في عمليات مكافحة القرصنة (2008). 8) بناء قاعدة بحرية صينية في جيبوتي (2017).  وفي ضوء هذه التفاعلات المعاصرة المتزايدة، كيف ينبغي للمرء أن يفسر صعود الصين في الشرق الأوسط ومنطقة جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا؟  ما الذي تريد الصين أن تسلط الضوء عليه من خلال سياستها الخارجية العالمية ونهجها وطموحاتها في التعامل مع النظام الدولي؟
هيكل الكتاب
يبدأ الكتاب بالفصل الأول وهو المقدمة، ويقدم في الفصل الثاني المنهج التحليلي للكتاب، ويستكشف في الفصل الثالث مصالح الصين المعاصرة. ويتناول الفصل الرابع منتديات التعاون الصينية مثل: منتدى التعاون الصيني الإفريقي الذي تأسس عام 2000، ومنتدى التعاون الصيني العربي الذي أنشئ عام 2000. ويقارن الفصل أيضاً هذين المنتديين بمنظمة شنغهاي للتعاون. ثم يقارن الفصل الخامس بين المبعوثين الخاصّين الذين أنشأتهم الصين لمعالجة القضايا الإقليمية 2016).
بعد ذلك، تتناول ثلاثة فصول علاقات الصين المعاصرة مع هذه المناطق من عام 1991 إلى الوقت الحاضر. ويركز فصل العلاقات الاقتصادية (السادس) على التجارة، وخدمات العقود، والاستثمار الأجنبي المباشر، والمساعدات، ومفاوضات اتفاقية التجارة الحرة، والمناطق الاقتصادية الخاصة، ومراكز عرض التكنولوجيا الزراعية. ويتناول الفصل الخاص بالعلاقات السياسية (السابع) تصويت الصين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وشراكاتها الاستراتيجية. ويحلل فصل العلاقات العسكرية (الثامن) عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام، وعمليات مكافحة القرصنة، ومبيعات الأسلحة التقليدية، والتبادلات العسكرية.
وأخيراً، يحلل الفصل التاسع مبادرة الحزام والطريق الصينية. يحدد هذا الفصل ماهية مبادرة الحزام والطريق وكيفية ارتباطها بتفاعلات الصين مع الشرق الأوسط وإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. ويحلل الفصل الختامي (العاشر) هذه النتائج مع مرور الوقت، وعبر المجالات الوظيفية، وبين المناطق لتقديم نظرة ثاقبة لسلوك القوة الصاعدة للصين في الشرق الأوسط، وإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، والعالم.

 

الصورة
1
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن المترجم

نضال إبراهيم
https://tinyurl.com/yt6zbfj8

كتب مشابهة

1
مايكل كريبون
بوتين وشي جين بينغ
ريتشارد ساكوا
1
هاين دي هاس
1
جيريمي غارليك

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"

المزيد من الكتب والكتاب

1
ميريام لانج وماري ماناهان وبرينو برينجل
جنود في كشمير
فرحان م. تشاك
لاجئون سوريون في تركيا
لميس علمي عبد العاطي
1
ديزيريه ليم
1
جيمي دريبر
1
جورج ج. فيث
1
باسكال بيانشيني وندونجو سامبا سيلا وليو زيليج
1
ماكسيميليان هيس