6 ركائز للدبلوماسية الاقتصادية الإماراتية

00:49 صباحا

د. محمد إبراهيم الظاهري*

د. أحمد رشاد**

تمثل نظرية الميزة النسبية في التجارة الدولية الأساس الذي تقوم عليه دراسات التجارة الدولية، وتعد حجر الزاوية في فهم العلاقات التجارية بين الدول والتي صاغها الاقتصادي الشهير ديفيد ريكاردو في القرن التاسع عشر، وتبين هذه النظرية كيف يمكن للدول الاستفادة من التجارة عبر التركيز على إنتاج السلع التي تتمتع فيها بكفاءة نسبية عالية مقارنةً بإنتاج السلع الأخرى.

ويعتقد البعض أن العلاقات التجارية التي نشأت بين إنجلترا والبرتغال استندت أساساً إلى مبدأ الميزة النسبية في التجارة وقوى السوق فقط، لكن في الواقع، كان للدبلوماسية الاقتصادية دور محوري؛ فقد ساهمت اتفاقية ميثون في عام 1703، التي عملت على خفض الرسوم الجمركية بين البلدين، بشكل كبير في ازدهار التجارة بينهما، وهذه الاتفاقية لم تكن لتتحقق بدون الجهود الدبلوماسية التي ركزت على تعزيز العلاقات التجارية. على مدى فترة طويلة من الزمن، مثلت الدبلوماسية والاقتصاد مجالين منفصلين في ممارسة العمل الحكومي، ومع ذلك، وفي ضوء التحولات الاقتصادية العالمية الكبرى، أصبح النشاط الاقتصادي يحتل مكانة مركزية ضمن الدبلوماسية، وفي هذا يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، في كتابه رؤيتي: «الاقتصاد عصب الحياة اليوم كما كان عصب الحياة في الماضي وسيكون عصب الحياة في المستقبل.. إنه الخبز والكتاب والاستقرار والرخاء والسياسة وجوهر العلاقات والمصالح بين الشعوب».

اليوم، يبرز دور دولة الإمارات في الاقتصاد العالمي، استناداً إلى نهج قائم على التجارة، والاستثمار، والابتكار، ووفقاً للمبدأ الأول من المبادئ الاقتصادية العشرة للدولة، يُعد الاقتصاد المنفتح على العالم بلا قيود والمرحب بالتبادل الاقتصادي والتجاري الدولي أساساً رئيسياً لبناء الاقتصاد؛ حيث ينص هذا المبدأ على بناء جسور اقتصادية مع العالم، وإقامة شراكات تجارية واسعة، بما يعزز من مكانة الدولة كمركز حيوي في اقتصاد العالم الحر. وتُعتبر الدبلوماسية الاقتصادية أداة أساسية في استراتيجية دولة الإمارات لتعزيز مكانتها العالمية، ولكن قبل الغوص في ركائز دبلوماسية الإمارات الاقتصادية، من الضروري تقديم تعريف واضح للدبلوماسية الاقتصادية؛ حيث يمكن تعريف الدبلوماسية الاقتصادية بأنها «استخدام موارد الحكومة لتعزيز توسع اقتصاد الدولة من خلال أنشطة مثل تحسين التجارة وتوسيع نطاق الوصول إلى الأسواق، وجذب الاستثمارات، والمشاركة في الجهود التعاونية للتفاوض بشأن اتفاقيات التجارة الثنائية ومتعددة الأطراف».

وفي أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية قمنا بتعريف ست ركائز أساسية للدبلوماسية الاقتصادية والتي تتمثل في:

* الركيزة الأولى: الدبلوماسيون ووزارة الخارجية؛ حيث يلعبون دوراً أساسياً في إقامة العلاقات الاقتصادية مع الدول الأخرى، كما تعمل البعثات الدبلوماسية كمنصات للدبلوماسية الاقتصادية، ومن خلالها تتمتع الدولة بحضور عالمي واسع بوجود عدد كبير من السفارات والقنصليات، التي تدعم بنشاط أهداف الدولة الاقتصادية في جذب الاستثمارات وفتح الأسواق

* الركيزة الثانية: الجهات الداعمة للاستثمار في الدولة؛ الجهات الداعمة للاستثمار في الدولة؛ حيث لدى دولة الإمارات عدد كبير من الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية التي تدعم ترسيخ مكانة الإمارات كوجهة جاذبة للاستثمار والتي تعمل على جذب الاستثمارات، وتسهيل نمو الأعمال التجارية مثل وزارة الاقتصاد والعديد من الهيئات والجهات الحكومية المحلية

* الركيزة الثالثة: الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية؛ التي تسعى لتعزيز الاندماج الاقتصادي وتوسيع شبكات التجارة، اعتمدت استراتيجية دولة الإمارات على الشراكات التجارية واتفاقيات التجارة الحرة؛ حيث دخلت الإمارات في عدة اتفاقيات اقتصادية مهمة، مع العديد من دول العالم في مختلف القارات.

* الركيزة الرابعة: تتمثل في المساعدات الخارجية والإنمائية من دولة الإمارات؛ حيث تعتبر الإمارات رائدة في مجال المساعدات، ولدى الدولة عدد كبير من الجهات المانحة مثل صندوق أبوظبي للتنمية والهلال الأحمر الإماراتي وغيرها من الجهات التي تضع في الاعتبار الأول لها الجوانب الإنسانية المتمثلة في تحقيق متطلبات، واحتياجات الشعوب، وتحسين جودة الحياة والحد من الفقر في المجتمعات الأقل حظاً.

* الركيزة الخامسة: الصناديق السيادية والاستثمارات الخارجية؛ حيث تشمل الدبلوماسية الاقتصادية القدرة على الاستثمار في الخارج من خلال صناديق الثروة السيادية والشركات الإماراتية، كما أن لدى دولة الإمارات عدة صناديق ثروة سيادية رئيسية، وتتيح هذه الاستثمارات المشاركة الفعالة في الأنشطة الاقتصادية العالمية ومن أبرز صناديق الثروة السيادية في الإمارات ذات التوجه الدولي جهاز أبوظبي للاستثمار، وشركة مبادلة للاستثمار «مبادلة» وجهاز الإمارات للاستثمار.

* الركيزة السادسة: تمثل العضوية في المنظمات الدولية واستضافة الفعاليات العالمية؛ حيث إن دولة الإمارات هي عضو في العديد من المنظمات الدولية مثل منظمة التجارة العالمية، ومجموعة «أوبك» ومجموعة دول «البريكس» وغيرها من المنظمات الدولية، فضلاً عن استضافة فعاليات عالمية مثل إكسبو 2020، ومؤتمر الأطراف (كوب 28)، والمؤتمر الوزاري ال 13 لمنظمة التجارة العالمية في فبراير/ شباط 2023.

وبعد هذا العرض لهذه الركائز لا بد من الإشارة إلى أنها مكنت من الإسهام في توسيع نطاق العلاقات الاقتصادية وتعزيز التبادل التجاري والعلاقات الاستثمارية لدولة الإمارات مع مختلف دول العالم، بما يدعم استراتيجيات النمو الاقتصادي للدولة.

* نائب مدير عام أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية

** أستاذ الاقتصاد المساعد بأكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5beyc849

عن الكاتب

* نائب مدير عام أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية

** أستاذ الاقتصاد المساعد بأكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"