عادي

الفن التشكيلي..علاج ناجع للأطفال

21:11 مساء
قراءة 3 دقائق
العلاج بالفن للأطفال

القاهرة: «الخليج»

تعترف جوديث آرون روبن في كتابها «العلاج بالفن للأطفال» (ترجمة شاكر عبد الحميد) أن المبادئ الأساسية الموجودة في هذا العلاج قابلة للتطبيق في العلاج قصير المدى، ولحسن الحظ، أصبح من الأيسر الآن - على نحو جدير بالاعتبار - أن يحصل عليه الأطفال المضطربون، لأنه علاج أكثر قبولاً من سواه.

وعلى الرغم من أن ميدان العلاج بالفن قد اتسع نطاقه على نحو سريع، فإن هذا النمو استمر في الزيادة أضعافاً مضاعفة، خلال السنوات الأخيرة، ليس في الولايات المتحدة فحسب، بل في العالم كله.

يشير شاكر عبد الحميد (20 يونيو 1952 – 18 مارس 2021) في تقديمه للترجمة - التي صدرت بعد رحيله - إلى أن هذا الكتاب أصبح واحداً من الكتب الكلاسيكية في مجال العلاج بالفن عامة، والعلاج بالفن للأطفال خاصة، فمن خلال مقدمة وواحد وعشرين فصلاً متنوعاً، يقدم الكتاب الشروط الضرورية للنمو الإبداعي للأطفال، والمراهقين، من ذوي الإعاقات الجسدية، أو من المصابين باضطرابات عقلية، أو حتى من الأسوياء، كما أنه يقدم مجموعة من الطرق المهمة في قياس قدرات هؤلاء الأطفال والمراهقين الفنية، وعدداً من المناهج والأساليب الأساسية في علاج الأطفال الفردي والجمعي والأسري، من خلال الفن والإبداع، كما يقدم توجيهات وأفكاراً مهمة للوالدين والمعلمين والمعالجين، حول العلاج بالرسم والتصوير والنحت واللعب والدراما، وغيرها من الأشكال العلاجية التعبيرية، ويقدم أيضاً تصورات واستبصارات مهمة، في فهم تلك الرسائل المباشرة أو غير المباشرة، التي يحاول الطفل توصيلها إلينا من خلال شخبطاته ورسوماته وتلويناته ومنحوتاته وأقنعته، وحركاته وتساؤلاته، وغير ذلك من الوسائل التعبيرية الخاصة به.

* مقاربات

تؤمن مؤلفة الكتاب بأن الفن إحساس خاص تم تجسيده في شكل عام، كما تؤكد اقتناعها بأهمية الربط بين العلاج بالفن واللعب والحرية والخيال والإبداع، وقد تمثل ذلك في كتابها هذا، وفي كتبها الأخرى، كما تمثل أيضاً في ذلك الكتاب الذي قامت بتحرير الطبعة الثالثة منه في عام 2016 وعنوانه «مقاربات في العلاج بالفن»، واحتوى على معظم المقاربات الموجودة في مجال العلاج بالفن عامة.

وفي أكثر من موضع في الكتاب، تقول المؤلفة إن الفن لا يمكنه أن يعطي الإبصار لطفل كفيف، أو يمنح طفلاً متأخراً عقلياً حالة من الفهم الواضح لكثير من الأمور، أو أن يجعل طفلاً يعاني عرجاً أو شللاً، قادراً على الحركة الطبيعية، لكن الفن يمكنه أن يمنح الأطفال وغيرهم أشياء كثيرة، منها على سبيل المثال وليس الحصر أنه: يستطيع أن يمنح طفلاً ما طريقة مثيرة منشطة محفزة، كي يستمتع بالعالم الحسي المحيط به، وأن يستكشفه، ويمكنه أن يمنحه طريقة يكون من خلالها المسؤول - ولو في نطاق ضيق - عن وسيط أو أداة يتحكم فيها، وفقاً لرغبته، كما يمنحه القدرة والفرصة ليتذوق المتعة بالمهارات التي يصل إليها وينميها من خلال الممارسة، ويمنحه أيضاً القدرة على التحكم، وعلى التنظيم، وعلى وضع تفاصيل مهمة متعلقة بمشاعره النفسية والبدنية والاجتماعية والدراسية، وإحساسه بالزمن الذي يعيش فيه، وبالمكان الذي يتحرك خلاله، والقدرة على إضفاء المعنى أو استخلاصه من ممارساتهم الفنية هذه.

* حيوية

ومن ناحية أخرى يمنح الفن الأطفال فرصة للشعور بالفخر والزهو والثقة في النفس والآخرين، من خلال الإبداعات الفنية التي يقدمونها، وكذلك من خلال شعورهم بأنهم استطاعوا أن يضفوا بها جمالاً حقيقياً على العالم، وأن يبعثوا مشاعر البهجة والإعجاب والسعادة لدى الكثيرين داخل أسرهم وخارجها، كما يضفي ما يقدمونه معنى حقيقياً على حياتهم الخاصة، وعلى تفاعلاتهم مع الآخرين، وعلى رؤيتهم لذواتهم وللآخرين وللعالم، وللمستقبل أيضاً.

وتشتمل الفنون على عناصر الصوت والحركة واللون والطاقة والمساحة والخط والشكل واللغة والملمس والإيقاع والمسافات والعمق والتقارب والتباعد، وهذه وغيرها عناصر مهمة في إثراء حياة الطفل الوجدانية والعقلية، حيث تجعله يعيش حياة أخرى أكثر خصوبة وثراء من حياته العادية الموجودة خارج الفن.

لا تقتصر أهمية الفن على شغل الوقت فحسب، أو كونه وسيلة لتحسين المهارات اليدوية، وخاصة للأطفال والمراهقين والمعاقين، أو الذين يعانون اضطرابات نفسية، بل الفن بالنسبة لجميع البشر - خاصة الفئات المذكورة آنفاً - هو طريقة للأداء البدني والعقلي والإبداعي، لنشاط مرغوب فيه وممتع، ربما كان من المستحيل القيام به من دونه.

تستخدم المؤلفة «جوديث آرون روبن» في مواضع كثيرة من الكتاب كلمة «الفن»، وتعني بها الفنون التشكيلية عامة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2s49a4wa

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"