عادي

عذب الكلام

23:20 مساء
قراءة 3 دقائق
عذب الكلام

إعداد: فوّاز الشعّار

لُغتنا العربيةُ، يُسر لا عُسرَ فيها، تتميّز بجمالياتٍ لا حدودَ لها ومفرداتٍ عَذْبةٍ تُخاطب العقلَ والوجدانَ، لتُمتعَ القارئ والمستمعَ، تُحرّك الخيالَ لتحلّقَ بهِ في سَماءِ الفكر المفتوحة على فضاءات مُرصّعةٍ بِدُرَرِ الفِكر والمعرفة. وإيماناً من «الخليج» بدور اللغة العربية الرئيس، في بناء ذائقةٍ ثقافيةٍ رفيعةٍ، نَنْشرُ زاوية أسبوعية تضيءُ على بعضِ أسرارِ لغةِ الضّادِ السّاحِرةِ.

  • في رحاب أمّ اللغات

كان الشُّعراء يقتبسون من أشعار بعضهم بعضاً، وكان في ذلك لُطف وإبداع؛ منه قول النّابغة الجَعْدي:

ومَوْلى جَفَتْ عَنْهُ المَوالي كأنَّما

إلى النَّاس مَطْلِيٌّ بِهِ القارُ أَجْرَبُ

وهذا مأخوذ من قَوْل النّابغة الذُّبياني:

فلا تَتْرُكَنّي بالوَعيد كأنَّني

إلى النَّاس مَطْلِيٌّ بِهِ القارُ أَجْرَبُ

وقال امرؤ القيس:

وقَدْ أَغْتَدي والطَّيْرُ في وُكُناتِها

بِمُنْجَرِدٍ قَيْدِ الأَوابِدِ هَيْكَلِ

وهو مأخوذ من قول أبي دؤاد الإيادي:

وقَدْ أَغْتَدي والطَّيْرُ في وُكُناتِها

بمُنْجَرِدٍ حافِ السَّبيبِ عَتيقِ

وقال أبو زياد:

إذا ما عَقَدْنا لَهُ ذِمَّةً

شَدَدْنا العِناج وعَقْدَ الكَرَبْ

فأخذه الحطيئة وقال:

قَوْمٌ إذا عَقَدوا عَقْداً لِجارِهُمُ

شَدُّوا العِناجَ وشَدُّوا فَوْقَهُ الكَرَبا

  • دُرَرُ النّظْمِ والنَّثْر

من كتاب «سِحْرُ البَلاغة وسِرُّ البَراعة» لأبي منصور الثعالبي:

«إنَّ اللهَ يأمرُ بالعَدلِ والإحْسان، فَبادِرْ إلى امتثالِ الأمرِ أيُّها الإنْسان، وانشُرْ أَعلامَ الإنْصاف، واتَّصِفْ بِمحاسنِ الأَوْصاف، وارْفُقْ بالرَّعيَة، وأكثرْ من البِرِّ إلى البَرِيّة، وابْسُط رداءَ المَعْدَلَة، وساوِ بينَ الخُصومِ في المَنْزِلَة، واسْمَحْ بِجَبْرِكَ وخَيْرِك، ولا تَظْلِم النّاسَ لِغَيْرِك. وتجاوزْ عَنِ الهَفَوات، وادْرَأ الحُدودَ بالشُّبُهات. وأَنْجِزِ الوَعْدَ وأَخْلِفِ الوَعيد، وقَيِّدْ لَفْظَكَ، فَلَدَيْكَ رَقيبٌ عَتيد، وتَفَكّرْ في العَواقِب، والْحَظْ الأُخْرى بِعَيْنِ المُراقِبَ.

وعَلَيْكَ بالحِلْمِ فإنَّه مَعْدِنُ السُّرور، وعِقال الفِتَنِ والشُّرور. يُبْلِغُكَ مِنَ المَجْدِ قاصِيَتَه، وتَمْلِكُ بِهِ مِنَ الحَمْدِ ناصِيَتَه. واعْفُ عَمَّنْ ظَلَمَك، وصِلْ رَحِمَك، وارْحَمْ حَرَمَك، واطْفُ بالأَناةِ جَمْرَ الغَضَب، واحْذَرْ مِنْ غاسِقِ الغَيْظِ إذا وَقَب، وصُنْ عِرْضَكَ عَنِ الأَدْناس، وادْخُلْ في زُمْرَةِ العافينَ عَنِ النّاس، فَهُمْ أَهْلُ الفَضْلِ يَوْمَ القِيامة، والمُتَقَلّدونَ بِكَرَمِ الكَرامَة.

  • من أسرار العربية

في صغار الأشياء: الكُرْزُ: الجُوالِقُ (الوعاء) الصَّغيرُ. الجُرْمُوزُ: الحَوْضُ الصَّغِيرُ. الهُبَيْرَةُ: الضّبُعُ الصَّغيرةُ. الشَّصرَةُ: الظَّبْيَةُ الصَّغيرةُ. الخُشَيْشُ: الغَزالُ الصَّغيرُ. الشِّرْغُ: الضِّفْدعُ الصَّغير.الحُسْبانَةُ: الوِسَادَةُ الصَّغيرةُ. الكِنانَةُ: الجَعْبَةُ الصَّغيرةُ. الشَّكْوَةُ: القِرْبَةُ الصَّغيرةُ. الكِفْتُ: القِدْرُ الصَّغيرةُ. الخَصاصُ: الثُّقْبُ الصَّغِيرُ. النُّبْلَةُ: اللُّقْمَةُ الصَّغيرَةُ. القَارِبُ: السَّفِينَةُ الصغيرَةُ. الرُّسُلُ: الجارِيةُ الصَّغيرةُ.

وفي الكبيرة: اليَفَنُ: الرّجلُ الكَبِيرُ. القِلْعَمُ: العجوزُ الكَبيرةُ. القَحْرُ: البَعِيرُ الكَبيرُ. الرَّسُّ: البِئْرُ الكَبِيرَةُ. القُلّةُ: الجَرَّةُ الكَبيرةُ. التِّبْنُ: القَدَحُ الكَبِيرُ. الشَّاهِينُ: الميزانُ الكَبِيرُ. الخِنْجَرُ: السِّكِّينُ الكَبِيرُ. الطِّبْعُ: النَّهْرُ الكَبِيرُ؛ قال لبيد:

فَتَوَلَّوْا فاتِراً مَشْيُهُمُ

كَرَوايا الطِّبْعِ هَمَّتْ بالوَحَلْ

  • هفوة وتصويب

ترد هذه العبارة في بعض الكتابات «وكان فلانٌ يتصنّعُ الزُّهُوَّ»..(بضمّ الزاي، وضم الهاء وتشديد الزاي) وهي خطأ، والصّواب «الزَّهْوَ» وهي: الكِبْرُ والتِّيهُ والفَخْرُ والعَظَمَةُ؛ قال أَبو المُثَلَّمِ الهذلي:

مَتى ما أَشَأْ غَيْر زَهْوِ المُلُوكِ

أَجْعَلْكَ رَهْطاً على حُيَّضِ

ورجل مَزْهُوٌّ بنفسه أَي مُعْجَبٌ. وبفُلان زَهْوٌ أَي كِبْرٌ؛ ولا يقال زَها. وزُهِيَ فُلانٌ فهو مَزْهُوٌّ، إذا أُعْجِبَ بنفسه وتَكَبَّر.

يقول بعضُهم «كرَّس فلانٌ وقته لعمل كذا».. ويقصدون تفرّغ.. وهي خطأ لأن تَكَرَّسَ الشيءُ وتَكارَس: تَراكَمَ وتَلازَبَ. وتَكَرَّس أُسُّ البِناء: صَلُبَ واشتدَّ؛ قال العجاج:

يا صاحِ هل تَعْرِفُ رَسْماً مُكْرَسا؟

قال: نعم أَعْرِفه، وأَبْلَسا

أي تراكم بعضه فوق بعض. والصوّاب القول «نَذَرَ فلانٌ نَفْسه.. أو سَخّرَ ذاتَه..».

  • من حكم العرب

يَبْقى الثَّناءُ وتَذْهَبُ الأَمْوالُ

ولِكُلِّ دَهْرٍ دَوْلةٌ ورِجالُ

لا تَرْضَ عَنْ رَجُلٍ حَلاوَةُ قَوْلِهِ

حتّى يُصَدِّقَ ما يَقولُ فِعالُ

البيتان لإسحاق الموصلي، يقول فيهما إن مكارم الرجل الحقيقية، تتبيّن من فعاله النبيلة وشيمه التي يراها الجميع ويلمسون آثارها، وليس بمجرّد الأقوال ونثر الكلام وترديده.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3tm4aedf

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"