عن «الدولة» الفلسطينية

00:13 صباحا
قراءة 3 دقائق
2

بعد اجتماعين مغلقين لمجلس الأمن، يومي الاثنين والخميس الماضيين، لمناقشة طلب حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة «لم يتم التوصل إلى توافق في الآراء»، وفق ما صرّحت به سفيرة مالطا فانيسا فرازير التي تترأس المجلس لهذا الشهر، رغم أن ثلثي الأعضاء أيدوا هذه العضوية. لكن ذلك ليس نهاية الطريق؛ إذ يمكن لأيّ دولة عضو في المجلس أن تطرح على التصويت قرار العضوية مجدداً، وهو ما ستبادر به الجزائر الممثلة للدول العربية في المجلس يوم 18 إبريل/ نيسان الحالي.

اللافت هو ما قاله نائب السفير الأمريكي في المجلس روبرت وود بأن الاعتراف بدولة فلسطينية «يجب أن يتم في إطار اتفاق مع إسرائيل، وليس في الأمم المتحدة»، وهو موقف يتناقض مع المواقف الأمريكية الأخيرة التي تحدثت عن ضرورة «حل الدولتين كسبيل وحيد لإنهاء الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين»، كما أنه يتعارض مع الأصول المعتمدة لقبول أية دولة عضو في الأمم المتحدة، من خلال إجراءات محددة تتضمن تقديم طلب إلى الأمين العام للأمم المتحدة تلتزم فيه بميثاق الأمم المتحدة، ثم ينظر مجلس الأمن فيه، وفي حال القبول تُقدم توصية إلى الجمعية العامة، ثم تصبح العضوية نافذة بتاريخ اعتماد قرار القبول.

بدا مؤخراً أن الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى باتت تتفهم ضرورة قيام دولة فلسطينية، بعدما أدركت على ضوء الحرب الإسرائيلية على غزة نتائجها الكارثية وتداعياتها ومخاطرها على الأمن والسلام في المنطقة والعالم. لكن ما جرى في مجلس الأمن أعاد طرح مضمون السياسة الأمريكية من جديد بوجهها المزدوج وعدم اقتران القول بالفعل، وأن الإدارة الأمريكية لم تخرج بعد من دائرة التماهي المطلق مع السياسة الإسرائيلية.

الموقف الأمريكي الداعي مجدداً إلى وضع حل الدولتين في إطار التفاوض بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية يعيد الأمور إلى المربع الأول، أي إلى مفاوضات جديدة معروفة نتائجها سلفاً، كما كان الحال مع المفاوضات التي استمرت 25 عاماً بعد اتفاق أوسلو وبرعاية أمريكية أيضاً، وكانت نتيجتها المزيد من التغول الإسرائيلي في التهويد والاستيطان ومصادرة الأرض والتهجير، وفرض أمر واقع يلغي أية إمكانية لقيام دولة فلسطينية.

يبدو أن الإدارة الأمريكية تنسى أن قيام إسرائيل وقبولها دولة عضو في الأمم المتحدة تمّ وفقاً للقرار الأممي رقم 273 في 11 مايو/ أيار 1949 الذي يشترط «قبولها من دون تحفظ الالتزامات الواردة في ميثاق الأمم المتحدة، وتتعهد بأن تحترمها منذ اليوم الأول الذي تصبح فيه عضواً في الأمم المتحدة»، كما أنها «تقر بأنها دولة محبة للسلام، راضية بالالتزامات الواردة في الميثاق، قادرة على تنفيذ هذه الالتزامات، وراغبة في ذلك». فهل التزمت إسرائيل يوماً بميثاق الأمم المتحدة وقراراتها؟

ثم، إن قيام إسرائيل مرتبط ارتباطاً محكماً بتنفيذ قرار الأمم المتحدة رقم 181 الذي صدر في 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 1947، والذي يتبنّى خطة تقسيم فلسطين إلى ثلاثة كيانات: دولة عربية مساحتها 42.3 في المئة من أرض فلسطين، ودولة يهودية 57.7 في المئة، والقدس وبيت لحم تحت وصاية دولية، لكن إسرائيل التهمت كل الأرض الفلسطينية ومعها أراضٍ عربية أخرى.

الكلام عن الدولة الفلسطينية يحتاج إلى كلام جدّي.. وأفعال.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yz98jhsn

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"