ابتسم فقط للصورة

00:08 صباحا
الصورة
صحيفة الخليج

ذكرت ماري آيكن في كتابها «التأثير السيبراني، كيف يغير الإنترنت سلوك البشر» أن «هناك بعض التغييرات التي حدثت سريعاً بحيث أصبح من الصعوبة تمييز الفارق بين الميول العابرة، والسلوك الذي في طور النشوء والتبلور، والأشياء التي أصبحت من المعايير الاجتماعية المقبولة».

في زمن الثورة التكنولوجية، تغيرات عديدة طرأت على سلوكياتنا نتيجة «التنازل البطيء» عن بعض المبادئ والقيم والعادات والتقاليد، وبات ما كان مرفوضاً لدينا، مقبولاً وربما روتينياً نمارسه دون أن يتسلل إلينا شعور رفض الفعل أو حتى استهجانه، وما كنا ننتقده من أفعال عندما يمارسه الآخرون، نقوم نحن بممارستها وكأن الفرد وصل إلى مرحلة وجد نفسه فاقداً للسيطرة على خصوصيته.

مصطلح «الخصوصية» وضعناه في قالب يبتعد عن معناه الحقيقي، واستخرجنا العديد من المبررات التي تجعلنا نقتنع بتلك الممارسات ولا نستهجنها، ونستمتع عندما نشاهد تلك الخصوصيات العلنية التي يبثها البعض من خلال شاشات الهواتف الذكية، وربما مع اعتياد الشيء مع قليل من التنازل عن المبادئ والقيم قد نبدأ باستهجان استخدام لفظ خصوصية في محيط الحياة الاجتماعية.

من يجلس على دكة المتفرجين أو من يسلط بصره على سلوكيات البعض في المطاعم أو غيرها من الأماكن العامة، يرصد سلوكيات مصاحبة لتصوير اللقطات التي يتم بثها للعلن في وسائل التواصل الاجتماعي، والغريب في الأمر أن كل من يقوم ببث خصوصياته «للمتفرجين» في شاشات الهواتف المتحركة، يمارس السلوكيات نفسها ومن أبرزها «اصطناع السعادة» وهو ما يجعل اللقطة السعيدة عبارة عن سيناريو يمثله الأفراد بطرق فنية هزيلة يفقد معها الشخص لذة الاستمتاع بالذكريات الجميلة.

من أبسط تلك السيناريوهات التي باتت مكشوفة للعلن، أن تجد أفراد العائلة أو الأصحاب فجأة تراصّوا جنب بعضهم بعضاً ورسموا ابتسامات مختلفة؛ كلٌّ بحسب قدرته على التمثيل حيث يبلغ الأمر لدى البعض بادعاء الضحك، ومن ثم يتم تصوير اللقطة وبثها بلحظات على برامج التواصل.

السؤال الذي يطرح نفسه.. هل يشعر هؤلاء بالسعادة بالرغم من أنها وهمية أو مصطنعة؟

وهل يدرك هؤلاء أن الأمر تعدى مسألة الحرية الشخصية إلى درجة خلق مشاكل اجتماعية ومنها مشاكل زوجية وأسرية خاصة لدى من يمكن تسميتهم ب «الخاوين فكرياً».

وبعد هذا وغيره.. هل سيستمر مصطلح الخصوصية ماضياً في منحنيات أخرى؟ وهل يدرك الآباء والأمهات الآثار النفسية والاجتماعية التي تخلفها في الأبناء الذين يشاركونهم أو يشاهدونهم عند تمثيل السعادة وفتح الأبواب للغير للاطّلاع على خصوصيات الأسرة.

mona_b_k@yahoo.com

عن الكاتب:
كاتبة