مشروع تجديدي لمناهج العربية

لزوم ما يلزم
00:14 صباحا
قراءة دقيقتين

عبداللطيف الزبيدي
قلت للقلم: ما هي آخر صيحة لديك في شأن تطوير مناهج العربية؟ قال: «لن تستطيع معي صبراً». قلت: «إن شاء الله ستجدني صابراً ولا أعصي لك أمراً». قال: أمنيتي أن تُشكّل لجنةٌ من علماء اللغة، وخبراء التربية وعلم النفس، ويقال لهم: هيْتَ لكم، نريد منكم مناهج لم يأت بمثلها الأقدمون، ولا الآخِرون الأشدّ قِدماً. قلت: «إذا لم تستطع شيئاً فدعهُ.. وجاوزْه إلى ما تستطيعُ»، «لا يكلّف الله نفساً إلاّ وُسعها»، هؤلاء قضوا قرناً لا يعرفون كيف يُؤتى التجديد، حتى صاروا ترتعد «فرائسهم» إذا ذُكر أسد التطوير. قال: أخطأت وخطلت وخلطت وخبطت، فأنظمة التعليم لا تخشى في الركود نومةَ نائم، لذا يجب أن ينبري لهم فتية مجدّدون آمنوا باستئناف حضارتهم التي وأدها المغول القدامى والجدد.

قلت: كلام يحتاج إلى البيان والتبيين، حتى تجد فيه النفس الإمتاع والمؤانسة. فماذا وراء احتدامك، حتى تضمن جلب احترامك؟ قال: أروع خطة لوضع المناهج، هي البدء من الصفر، كأن شيئاً لم يكن. أوّلاً لأن تدريس العربية أثبت فشله جملةً وتفصيلاً. لا تستقيم في عقل سلامة دراسة العربية، وأنت لا تجد 10% في أحسن الأحوال، من خريجي الجامعات، يستطيعون كتابة صفحة واحدة من دون أخطاء. إقامة الدليل بسيطة، فالاختبار لا يكلّف شيئاً.

قلت: من أين البداية؟ قال: يجب أن يُصطفى أعضاء اللجنة من كل البلاد العربية، حتى لا يئن أحد وينوء بوطأة إهماله، وحتى لا يتوزع دم المشروع بين نزاعات النزعات. أمّا «ضربة المعلم»، فهي أن يجرّدوا النحو العربي من الشحوم والأورام، فلا يبقوا غير «الهبرة»، فتخرج القواعد مثل غصن البانِ الرشيقة الراقصة على الجليد، قاطفة الميداليات الذهبية في الجمباز والجمناز في الألعاب الأولمبية. لكن، في مقابل التخسيس للتحسيس بجمال القدّ الميّاس الميّاد الميّال، تتفنّن اللجنة في إحياء البدائع البلاغية التي أبدعتها أقلام العرب عبر العصور، مع ابتكار صور عصرية لها، أي تحديثها بالتعبير الحاسوبي. أشنع خطأ يقع فيه المثقف والناقد وواضع المناهج، هو وهْم أن الأساليب القديمة بالية. كلاّ، فتلك الجماليّات الأسلوبية تقنيات موسيقية، وهذه كالرياضيات لا يبليها كرّ الليالي. أكبر صحيفة فرنسية ساخرة «لو كانار آنشينيه» (البطة المغلولة)، وهي أهمّ مطبوعة ساخرة عالميّاً، تستخدم كل التقنيات البلاغية في لغة فولتير وموليير.

لزوم ما يلزم: النتيجة المأساوية: مصيبة أن تستوي أساليب الأدباء وتحرير الأخبار. أين حاسّة شمّ الآباء؟ تابعوا طريقة كتابة البنات والأبناء.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/kfjpr3up

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"