إيضاحات المشروع التجديدي

00:07 صباحا
قراءة دقيقتين

هل لديك شكوك في صحّة الطرح التطويري لمقرر العربية في كل المراحل الدراسية؟

الفكرة تنطلق من ضرورة التغيير بعد ثبوت تدهور سلامة لغتنا في كل العالم العربي، مع تفشّي مظاهر التردّي اللغوي في الإعلام السمعي البصري، وانحدار العربية في وسائط التواصل الاجتماعي إلى قيعان لا قرار لدركاتها.

إذا استبقينا من النحو والصرف ما يحتاج إليه الطلاب في حياتهم اليومية، مثلما أوصى الجاحظ منذ ألف عام، وأرحناهم من نحو أبواب العامل والاشتغال والتنازع، وأعتقناهم من صرف احرنجم واخرنطم واقعنسس، فإن المساحة المربوحة ستحظى بها المادة الواعدة الموعودة: تربية الإحساس بجمال اللغة. هذه المادّة الجوهرية ظل القلم سنين يندّد بأن المناهج العربية تُهمل أهمّ ما يجب تدريسه، وترهق الدارسين بأعباءٍ ما أنزل الله بها من ضرورة. من باب الديمقراطية: على التربويين واللغويين أن يفحصوا ما يُدرّس من القواعد، في ضوء متطلبات عصرنا، والتنقيب عن أسباب عدم نجاعة تعليم اللغة.

سينبري المصابون برهاب التطوير قائلين: لم نسمع نحن ولا آباؤنا الأوّلون بمناهج أو كتب لتدريس الإحساس بجمال العربية، غير البلاغة. هنا فتح القوس واجب. لا يتوهمنّ أحد أن الأصالة هي الماضي لا غير، فللحاضر أصالته التي ستنبني عليها المرجعية التاريخية للأجيال المقبلة. إنه لَتشويه للأصالة أن نُكره التلاميذ والطلاب سنة 2050 وستين وثمانين، على دراسة النحو بشواهد من الشعر الجاهلي وما إليه. ستكون حواسيب «الكوانتوم» من أدواتهم. نحن الآن في «جي 5»، فهل لديكم فكرة عن «جي 6» التي ستظهر غداً أو بعد غد؟ ستشمل شبكة الاتصالات ما على سطح الأرض، والأقمار الصناعية التي حول كوكبنا، بينما مقرر العربية يشغل الدارسين بالبيت: «أيا شجرَ الخابور ما لك مونقاً.. كأنك لم تحزن على ابن طريفِ».

عند التحليل التأثيلي التجذيري للمفردات يفيدنا أن نعرف أن الإحصاء أصله الحساب بالحصى، لكن التعليم الحديث لا يردّنا إلى العمليات الحسابية بالحصوات في عصر الحواسيب العملاقة. المهم في تدريس الإحساس بالجمال هو أن نستخرج من كل نصوص الأدب العربي كل التقنيات الفنية البديعة، ونحوّلها إلى تقنيات أسلوبيّة عصريّة.

لزوم ما يلزم: النتيجة التطبيقيّة: لكي نحيي التقنيات القديمة يجب أن نبعث فيها روح الحاضر والمستقبل. أبناء العرب أيضاً خُلقوا لزمان غير زمان الأوّلين.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2vya3tkf

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"