من المواضيع التي تُطرح بهاجس مُحمّلٍ بقلق بالغ ومخاوف من المستقبل، موضوع استدامة الموارد الطبيعية، ويقصد ديمومتها واستمرار الموارد على الأرض، مثل المياه العذبة، والهواء النقي، والتنوع النباتي والحيواني، وكثافة الغابات، وغنى المساحات الزراعية، ونحوها، هذه جميعها موارد طبيعية، هناك مخاوف مبررة لفقدها أو تدنٍّ في تواجدها، مما يؤثر في الحياة على كوكبنا بأسره.
ولا شك أن تلك الموارد الطبيعية، هي العصب الرئيسي للحياة على كوكب الأرض، وعند حدوث أي خلل في واحد منها فإن الخلل سيتوسع وينتشر بسرعة، ويصيب مختلف جوانب الموارد الطبيعية، وهذا يعني إصابة مباشرة في الغذاء، والمأوى، والطاقة، بل حتى في المواد التي تتم من خلالها الصناعة، والتي هي سبب رفاهيتنا وتطور المجتمعات ورقيها.
هناك تحدث عن مبالغات في قضايا استدامة الموارد الطبيعية، واعتبار أنها مخاوف غير مبررة؛ لأن في الأرض ما يكفي من غذاء ومياه، ونباتات، بل التقنية ساهمت في مخترعات تخفف الضغط على تلك الموارد، وتكتسب مثل هذه الأقوال انتشاراً، وقد تلاقي من يقتنع بها، لكن على أرض الواقع الصورة مختلفة تماماً؛ لأن نشاطات الإنسان المدمرة للبيئة واضحة، وظهرت نتائجها في قضايا أخرى خطِرة، مثل التلوث، والاحتباس الحراري، وخلل في الموارد الطبيعية، بسبب الإفراط في استهلاكها بشكل غير مبرر. وتماماً كالسلسلة المترابطة، إذا انفكت من جزء منها فإنها تتبعثر روابطها، فإن الخلل في جانب واحد من الحياة البيئة يعني سلسلة من التخلخلات الأخرى في جوانب مختلفة، فالتدهور البيئي، يعني تغيّرات مناخية، وموتاً للأحياء البحرية أو المائية، بل تلوث الهواء والماء، أو وجود رواسب تؤثر في نقاء الهواء والماء، وعلى المدى البعيد تكون مؤثرة في الحياة والكائنات الحية بأكملها.
قد يستغرب البعض، عند الربط بين الأضرار التي تصيب الموارد الطبيعية، وتنامي التحديات الاقتصادية والاجتماعية، ومثل انتشار الفقر أو التعطل عن العمل، وغيرها، والحقيقة أن الترابط قوي، وماثل وواضح، ولا شك أن تنامي الموارد الطبيعية، يؤدي إلى الرفاه، وتطور الأعمال، ونمو الاقتصاد، والعكس تماماً عندما تكون هناك مشاكل في إمدادات حيوية للحياة البشرية.
نحن بحاجة لفهم الحاجة للمحافظة على الموارد الطبيعية، وعدم الادعاء بأن التقنيات الحديثة ستقوم بوضع حلول وتبتكر مخرجات؛ لأن فقدان الموارد الطبيعية، والتي تشكل عصب الحياة على كوكب الأرض، ليست موضوعاً للنقاش أو التأجيل، بل للعمل، والمسارعة في العمل..
