هل تطوف بخيالك دروس فات العالمَ العربيَّ تعلّمها؟ دماثة الأخلاق القلميّة تأبى مقاربة القسوة في التعبير، كالقول: لماذا طال بالدماغ العربي النوم عن ضرورات العصر العاجلة، منذ مطلع القرن العشرين، في الأقل؟
هيّا إلى الغوص مباشرةً في صلب الموضوع: الأخطار الناجمة عن عدم المشاركة في مسارات الحضارة الإنسانية ومعتركاتها تترتب عليها عواقب جيوسياسية وجيوستراتيجية وخيمة ومتدحرجة نحو الجميع. ما ذنب الإعلام إذا كانت الكرة تستقرّ في كل مرّة في ملعب أنظمة التربية والتعليم؟ أمّ المعضلات الكبرى تتمثل في غياب تربية العقل الناقد، العقل الباحث.
تلك الأمّ هي «صندوق باندورا» كل المشكلات. يجب الاعتراف بالمسلّمة البديهية: عندما لا يكون لأمّة أيّ حضور في ميادين زمانها الأساسيّة الحسّاسة تكون قد أقصت نفسها وألغت أدوارها تلقائيّاً. هنا تنهال الأهوال، لأنك، في الفيزياء أو الكيمياء أو الأحياء، لا تستطيع أن تتصوّر عنصراً يتنحى جانباً بعيداً من معادلة، ويرجو أن يكون له دور فيها. كذلك المنسحب من لعبة رياضية، كذلك المكوّن في طبخة...
نخشى أن يقول المغرضون، لا قدّر الله، إن ملايين الأمّة الأربعمئة استكثروا على أنفسهم عدد بلدانهم، والمساحة الشاسعة الثانية عالميّاً، فحسدوا أنفسهم على الآلاء الإلهيّة الجمّة، فآثروا التفرق إلى أرخبيل جزر. كان طبيعيّاً ألا يستطيعوا فرض وجودهم، بالاستئثار بدور فاعل في الحلول السياسية إقليمياً ودوليّاً. لا غرابة مطلقاً في أن أزماتهم كافّة غدت مداخلها ومخارجها بأيدي الجبابرة الظالمين. لكن التداعيات لها رحاها، إذ لا يمكن فصل الاقتصاد عن السياسة. هل يُعقل أن تكون البلدان الغائبة عن المسرح السياسي الدولي قادرةً على حماية حقوقها ومقدّراتها في الاقتصاد؟
تأمّل كيف تتدحرج كرة الثلج بالمقلوب، أي من الصغير إلى الأصغر. تذكّر أن القلم أودعك أمانةً، وهي أن تأخذ في الحسبان باستمرار مسؤولية مناهج التعليم، وأنت تدرك أن هذه الظاهرات تشمل جلّ الدول العربية. كيف ترى الحضور العربي العام في مجالات البحث العلمي والاكتشاف والاختراع والتقانة وإنتاج العلوم؟ ما معنى التذرّع بأن الحروب اليوم سيبرانية وذكاء اصطناعي، بينما في العالم العربي من لا تفصله مسافة كبيرة عن مرادفات السيف. من المسؤول؟ أمّا الفنون فالتحولات مشهودة، فالنقاد في كل يوم يلهجون بألوان جديدة من الهبوط.
لزوم ما يلزم: النتيجة الشعرية: من حق المناهج العربية رفع عقيرتها منشدةً: «أأنا العاشق الوحيد لتُلقى.. تبعات الهوى على كتفيّا؟».
[email protected]
https://tinyurl.com/4avknats