عدم التوازن والدوخة من المشكلات المزعجة التي يواجهها الأشخاص وعلى الرغم من أن أغلب الحالات تكون عرضاً مؤقتاً وبسيطاً، إلا أنها تتسبب في الارتباك وتعوق القدرة على الحركة والمشي بشكل ثابت وأداء المهام والواجبات اليومية وربما ترتبط في الحالات المزمنة بأمراض الجهاز العصبي والصداع النصفي والتهاب الأذن الوسطى ويؤثر سلباً على أجهزة الجسم وفي السطور التالية نستعرض آراء الخبراء والاختصاصيين في هذا الموضوع تفصيلاً وطرق الوقاية والعلاج.
تقول د.أسماء مشتاق، أخصائية طب الأعصاب: إن اختلال التوازن يحدث عندما يفشل الدماغ في تلقي المدخلات الحسية الدقيقة أو المتسقة أو المتكاملة بشكل جيد وبالتالي تعطيل الأجهزة الرئيسية، بما فيها: الرؤية، واستقبال الإحساس بوضعية الجسم والجهاز الدهليزي (الأذن الداخلية) والجهاز العصبي.
وتضيف: إن اختلال توازن الجسم يمكن أن يحدث لجميع الأشخاص من كافة الأعمار، إلا أن بعض الفئات تكون معرضة للخطر بشكل أكبر ومن بينها: كبار السن، حيث إنه يرتبط بتقدم العمر وكذلك بضعف الحس العميق والبصر وقوة العضلات، ما يزيد من خطر السقوط والذين يعانون من حالات عصبية، مثل: مرض باركنسون والمرض والتصلب المتعدد ومرضى اضطرابات التمثيل الغذائي والاعتلال العصبي المرتبط بمرض السكري ونقص الفيتامينات، كونهما يتداخلان مع وظيفة الأعصاب ومن يخضعون للعلاج الكيميائي واستعمال الأدوية التي تُضعف الجهاز العصبي ومن لا يواظبوا على النشاط البدني لفترة طويلة، ما يؤدي إلى تدهور العضلات وانخفاض الاستقرار الأساسي.
وتذكر د.أسماء مشتاق أن تشخيص اختلال التوازن يتم عن طريق الاطلاع على التاريخ الطبي المفصَّل وإجراء فحص بدني لتقييم قوة العضلات والتنسيق والمشي وتصوير الوضع الديناميكي المحوسب، لتقييم القدرة على الحفاظ على التوازن في ظل ظروف مختلفة واختبارات الوظيفة الدهليزية، التي تشمل اختبار السعرات الحرارية وتصوير «الرأرأة» بالفيديو، الذي يقيم وظيفة الأذن الداخلية، بالإضافة إلى استخدام التصوير المقطعي والتصوير بالرنين المغناطيسي لتحديد التشوهات الهيكلية في الأذن الداخلية أو جذع الدماغ، كما تُعد دراسة التوصيل العصبي مفيدة بشكل خاص لتقييم الاعتلال العصبي المحيطي كسبب لمشكلة التوازن.
وتبين د.أسماء مشتاق، أن اختلال التوازن يمكن أن يتسبب في العديد من المضاعفات، مثل: الإصابات في الرأس والكسور والاستشفاء، وخاصة بين كبار السن، وينجم عن الخوف من السقوط انخفاض القدرة على الحركة، ضعف العضلات والعزلة الاجتماعية، كما تؤدي قلة النشاط البدني إلى تفاقم القلق والاكتئاب والتدهور المعرفي.
وتضيف: تتضمن طرق الوقاية من اختلال التوازن الحفاظ على نمط الحياة النشط مع ممارسة التمارين الرياضية بانتظام والعلاج الطبيعي وإعادة التأهيل واليوجا والعلاج التأهيلي الدهليزي، كما يُعد الاكتشاف المبكر وإدارة الحالات المزمنة، مثل مرض السكري والأمراض العصبية، أمراً ضرورياً، بالإضافة إلى مراجعة وتعديل الأدوية التي تسهم في زيادة خطر الدوخة أو عدم التوازن، كما يفيد تحسين نمط الحياة، واستخدام المعدات المساعدة، مثل: العصا، والمشايات وتقوية النفس وتعزيز الحماية في المنزل بوضع قضبان الإمساك، والإضاءة الكافية وإزالة مخاطر التعثر.
الصداع النصفي
توضح د.شيريل كوشي، أخصائية طب الأعصاب، أن الصداع النصفي يحدث نتيجة حالات وراثية أو نتيجة الإجهاد وعدم الحصول على النوم الجيد، وتخطي وجبات الطعام، والتغيرات في الهرمونات الأنثوية والظروف الجوية والروائح ويرافقها نوبات متكررة من الصداع من جانب واحد وغالباً ما يصاحبها الغثيان والقيء وزيادة الحساسية للضوء والصوت وفي بعض الأحيان يسبق ظهور الصداع عدم وضوح الرؤية في عين واحدة لعدة دقائق وعادة ما يستمر الألم لمدة 4-72 ساعة، غير أن الشخص يستمر في الشعور بالتعب وعدم الارتياح بعد التعافي من النوبة.
وتضيف: يرتبط الصداع النصفي عادة بالشعور بالدوخة أو الدوار ويظهر اختلال توازن الجسم على الأكثر لدى المرضى المصابين ب«الصداع النصفي الدهليزي» ويعتمد التشخيص بشكل رئيسي على الأعراض التي يعاني منها المريض وينجم عن الإصابة العديد من المضاعفات، مثل: فقدان الإنتاجية في المدرسة والعمل، كما تتسبب الهجمات المتكررة في الاكتئاب والقلق بين المصابين، كما أن استخدام الأدوية المسكِّنة للألم يمكن أن يؤدي إلى أن يصبح الصداع النصفي مزمناً ويصعب علاجه.
تلفت د.شيريل كوشي، إلى أن الحالات المعرضة للنوبات الحادة من الصداع النصفي، تحتاج إلى تناول مسكنات الألم وفقاً لنصيحة الطبيب والراحة في غرفة هادئة ومظلمة وكوب من القهوة أو الكمادات الباردة، لتقليل الألم، أما الذين يعانون من النوبات المتكررة، فيجب الالتزام بالعلاج الوقائي بانتظام، بما في ذلك الحقن والأقراص.
وتضيف: يمكن منع الهجمات عن طريق الحفاظ على جدول منتظم للنوم والاستيقاظ، الحصول على حوالي 7-8 ساعات من النوم كل ليلة وتجنب تخطي وجبات الطعام وممارسة التمارين الرياضية والتأمل، واليوجا وتدريبات الوعي الذهني لإدارة التوتر، والاحتفاظ بمذكرات الصداع النصفي لتتبع النوبات وتحديد المحفزات التي تزيد من حدوثها.
الأذن الوسطى
يشير د.أميت جويل، أخصائي أمراض الأنف والأذن والحنجرة، أن التهاب الأذن الوسطى التهاب أو عدوى تُصيب المساحة المملوءة بالهواء التي تقع خلف طبلة الأذن وتحتوي على عظام الأذن الاهتزازية الصغيرة وتعد من المشكلات الشائعة عند الرضع والأطفال الصغار، وتستهدف البالغين الذين يعانون من التهاب الأنف التحسسي والتهاب الجيوب الأنفية ونزلات البرد، وتتسبب في آلام الأذن وانخفاض السمع والدوخة.
ويتابع: تعتبر البكتيريا أو الفيروسات التي تصيب الأذن الوسطى من أهم عوامل الإصابة، بالإضافة إلى المشكلات المرضية التي تؤدي إلى الالتهاب، وانسداد قناة استاكيوس، مثل: تضخم الغدة الدمية ونزلات البرد والتهاب الجيوب الأنفية والتهاب الأنف التحسسي ويعتبر فصلا الخريف والشتاء بجانب ارتفاع مستويات تلوث الهواء أو استنشاق التبغ من العوامل المسببة للعدوى بسبب ارتفاع نسبة حبوب اللقاح.
يلفت د.أميت إلى أن التهاب الأذن الوسطى يؤدي إلى انسداد الأذن وانخفاض القدرة على السمع ويؤثر الالتهاب أو العدوى على الأذن الداخلية، ما يتسبب في عدم التوازن والدوخة، وتتمثل الأعراض لدى الصغار في صعوبة النوم، والتهيج وفقدان التوازن وصعوبة في السمع أو الاستجابة للأصوات والبكاء أكثر من المعتاد وتصريف سائل من الأذن وفقدان الشهية والصداع، أما الأعراض عند البالغين فتتضمن ألم الأذن ومشكلات في السمع وتصريف سائل من الأذن، كما تشمل المضاعفات الخطرة تمزق طبلة الأذن وانتشار العدوى وتأخر النمو أو الكلام.
يبين د.أميت أن تشخيص حالات الإصابة بالأذن الوسطى يعتمد على التاريخ السريري والفحص البدني الشامل والاختبارات التشخيصية المتخصصة مثل: قياس الطبلة للتحقق من وظيفة الأذن الوسطى ومخطط تقييم السمع ويبدأ العلاج بالمضادات الحيوية لمكافحة العدوى، والمسكنات لتخفيف الألم، ومزيلات احتقان الأنف وتحسين تدفق الهواء وفي حال استمرار المشكلة، يمكن إجراء عملية شق صغير في طبلة الأذن لتصريف السوائل وعلى الأغلب يتبعه إدخال أنبوب تهوية لمنع المزيد من التراكم واستعادة وظيفة الأذن الطبيعية.
4 طرق منزلية للسيطرة على الدوخة
ينصح خبراء الصحة ببعض التدابير المنزلية التي يمكن أن تسهم في إحداث تغيير في نمط الحياة وفرقاً كبيراً في تقليل الدوخة وتخفيف الأعراض المزعجة، ومنها:
1- اتباع نظام غذائي صحي غني بفيتامين «سي» من البرتقال والجريب فروت والفراولة والفلفل وفيتامين «ه» من جنين القمح والحبوب والمكسرات والكيوي والسبانخ وفيتامين «د» والمعادن كالحديد، كونه يلعب دوراً هاماً في الحد من أعراض الدوخة.
2- يحافظ شرب كمية كافية من الماء والسوائل على اتزان الجسم وخاصة في الحالات الناجمة عن الجفاف والتي تكون مصحوبة بالشعور بالعطش والتعب، ونقص كمية البول وضرورة الحد من المشروبات التي تحتوي على الكافيين، كونه يزيد من أعراض الدوخة.
3- يلعب تنظيم نسبة السكر في الدم لمرضى السكري الذين يتعرضون لنوبات الانخفاض، دوراً أساسياً في علاج الدوخة.
4- الحصول على قسط كافٍ من النوم وتجنب التوتر والقلق، من العوامل الهامة في علاج الدوار في البيت ومنع حدوثه كونه يعمل على التخفيف من أعراض الدوخة.