كما يرتبط الجسم السليم والوزن المثالي والقوام الرشيق بأحلام وأمنيات الكثير من أفراد المجتمع الذين يشتكون من مظهرهم ويطمحون إلى معدلات صحية في حياتهم فإن الأمر يمثل لمعسكر آخر تجارة رابحة يمكن الضرب عبرها على وتر المشاعر وتسويق آلاف المنتجات والخدمات التي تمثل الحلول السحرية التي توصلك إلى مبتغاك دون تعب أو جهد وفي خلال فترة زمنية بسيطة.
وفي وسط ذلك كله يبرز محتوى ملفق ومغشوش وغير موضوعي في وسائل التواصل يروّج لتلك الأحلام، ويعرض قصصاً وتجارب «مفبركة» عن فلان الذي استطاع تخفيض وزنة بمقدار 20 كيلوجراماً خلال شهر واحد دون أن يمارس رياضة أو يشترك في صالة أو يمارس تدريبات خاصة، بل عبر منتج سحري يشربه ويأكل بعده ما يحلو له أو عبر جهاز يقضي على الشحوم في جلسات معدودة، بينما تمارس أنت أنماطك الغذائية المعتادة وتلتهم ما لذ وطاب ولا حاجة للرياضة أو المشي أو ممارسة التمارين أو إجهاد نفسك في أي نشاط بدني.
وحتى لو فكرت في أن تسلك مسلكاً موضوعياً سليماً يحدد بوصلتك نحو تخفيف وزنك والوصول إلى جسم صحي، سيتشتت فكرك وتحار في توجهاتك في عالم غريب يشدك إلى منتجه أو خدماته أو ناديه أو غذائه أو مركزه الصحي أو خبيره الغذائي أو تلك الحقن والحبوب والمستحضرات، وحتى الخلطات المعدة منزلياً وأنواع الشاي والأعشاب والعمليات التي يتم تصغير وتسفيه آثارها، حتى تكاد تشبه جلسة المساج دون أن تذكر أعراضها أو الحياة بعدها أو مضاعفاتها أو مدى مناسبتها لك وتأثيرها على مستقبلك القادم.
ترى هل المشكلة (عويصة) فعلاً إلى هذا الحد، وهل السعرات الحرارية التي يتحدثون عنها وتناول الطعام عبر ميزان دقيق وشراء عشرات المستحضرات الصحية، ومراقبة الوزن وكتلة الجسم والخطوات عبر الساعات الذكية وتطبيقات الصحة أمر أساسي، إلى جانب الانخراط في مجموعات مدفوعة تطرح برامج غذائية ورياضية معينة، أو الاشتراك في مطاعم توصل وجباتك اليومية إلى منزلك بحيث ترتبط بها ولا تتناول غيرها هو الخيار السليم؟
هل باتت الحياة الصحية معقدة إلى هذا الحد وتحتاج كل هذه الدقة وكل تلك المنتجات والبرامج والعمليات؟ ترى ما هو حجم الميزانية المرصودة لكل ذلك بعد أن تحول الأمر إلى تجارة تعتمد زرع الوساوس لترويج عملها وتسويق مبيعاتها؟
نحن أمام واقع جديد، ضحيته صحتنا التي باتت وبكل أسف سلعة تجارية بسبب اللعب على مشاعرنا، بينما نعيش اليوم فجوة في الأنظمة الصحية التقليدية ونحتاج لحلول عملية ومستدامة لتحسين نمط الحياة وبسيطة. في نفس الوقت لا تتطلب كل هذا التعقيد والحماس.
راجع نفسك قبل أن تتورط وكن موضوعياً في تقييمك، ولا تصدق كل محتوى تراه ويحاول استغلال مشاعرك والتأثير على نفسيتك.
مقالات أخرى للكاتب
قد يعجبك ايضا







