عادي

سلطـان العويـس.. حضـور عصي على الغيـاب

23:00 مساء
قراءة 4 دقائق
1

دبي: علاء الدين محمود

شهدت ندوة الثقافة والعلوم، في دبي، أمس الأول، جلسة حوارية إحياء لذكرى الشاعر سلطان بن علي العويس بعنوان: «سلطان العويس.. 21 عاماً من الحضور المتجدد»، شارك فيها: محمد المر، رئيس مجلس إدارة مكتبة محمد بن راشد آل مكتوم، و سلطان العميمي، رئيس مجلس إدارة اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، والشاعر محمود نور، وأدار الجلسة علي عبيد الهاملي، نائب رئيس مجلس إدارة الندوة، وبحضور د. صلاح القاسم المدير الإداري للندوة، وعائشة سلطان، ومريم بن ثاني، ود. سعيد حارب ود. رفيعة غباش ود. حصة لوتاه، وحشد من المهتمين.

استهل عبيد الهاملي، الجلسة بتقديم نبذة عن سلطان بن علي العويس، وذكر أن الرجل كان أحد القامات الثقافية التي شاركت في النهضة الأدبية في الدولة، وكان من كبار الداعمين للحركة الثقافية، وعرج الهاملي، على عدد من المحطات المهمة في حياة العويس ومواهبه المتعددة، وذكر أن العويس هو شاعر الكلمة العذبة، وفي ذات الوقت هو رجل الخير والأعمال الإنسانية، دعم الكثير من المؤسسات الثقافية وعلى رأسها الندوة، ويعتبر أكبر المساهمين في إنشاء مبنى الندوة، ودعم ميزانيتها.

ولفت الهاملي، إلى المزايا والسمات العديدة التي كان يتصف بها، فقد كان يمتلك حضوراً خاصاً، وصاحب شخصية آسرة خاصة في الجانب الشعري الذي يحوي لمحات من الإبداع والشفافية والمشاعر الإنسانية.

وتناول الهاملي، الاهتمام الكبير الذي وجده العويس في حياته، فقد كرمه المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وحكام الإمارات، كما كرم من قبل الكثير من الدول العربية، وقام بتأسيس مؤسسة سلطان بن علي العويس التي تحتفي جائزتها كل عام بباقة من الكتاب والمثقفين والمفكرين العرب، حتى صارت اليوم من الوجهات الثقافية المهمة في العالم العربي.

قصص ومواقف

وأبحر، محمد المر، في عوالم العويس، وقدم العديد من القصص والمواقف، تلك التي تشير إلى الخصائص الإنسانية في شخصية العويس، وحبه لتقديم الخير للجميع، وبصورة خاصة للكتاب والمثقفين والمبدعين في الإمارات وكافة أنحاء العالم العربي.

وعاد المر، بالذاكرة إلى مجلس العويس، الذي كان يعقد بمنزله، وكان قبلة للمثقفين والأدباء داخل الدولة من مواطنين ومقيمين، في مختلف المجالات الإبداعية من شعر وسرد وموسيقى؛ بل إن العويس كان ينقل مجلسه إلى الخارج، في الدول التي كان يزورها؛ حيث كان يجد الاهتمام من قبل مثقفي ومبدعي تلك البلدان، فيحضرون إلى مقر إقامته الذي يتحول إلى منتدى للأدب.

وأوضح المر، أن أهم ما كان يميز العويس، هو انفتاحه على كل الأشكال الإبداعية وعدم تحجره، فلم يكن لديه موقف معارض للأنواع الحديثة في الشعر مثل التفعيلة، وكان يرى أن الجيد من الإبداع سيبقى، وكان يتقبل كل الأفكار والرؤى، وذلك الأمر جعله يتحمس لفكرة قيام ندوة الثقافة، على الرغم من أن معظم رجال الأعمال في ذلك الوقت لم يكن لديهم ذلك الحماس، وكان مفهوم عمل الخير لديهم ينحصر في بناء المساجد وحفر الآبار، غير ان هنالك قلة منهم كانت تسهم في دعم الثقافة مثل جمعة الماجد.

وأوضح المر، أن العويس كانت له رؤى وتخطيط لأجل المؤسسات الثقافية؛ حيث كان يؤكد أهمية «الوقف»، من أجل توفير واستمرار الدعم لها، وقد ترك سلطان العويس، مبالغ مالية ضخمة وقفاً ثقافياً لدعم العمل الثقافي والإبداعي في الإمارات وعلى مستوى الوطن العربي.

وشدد المر، على المكانة الكبيرة التي احتلها العويس، في المشهد الثقافي الإماراتي كشاعر مجيد، يقف ضمن كبار الشعراء في العالم العربي، وكان يتذوق الشعر النبطي ويحفظ الكثير منه، كما كان قارئاً مطلعاً، ويضيف المر قائلاً: «كان العويس تاجراً ورجل أعمال استهواه الشعر، وظاهرة قل أن يجود بمثلها الزمان».

قراءة تجربة

وقدم سلطان العميمي، قراءة لتجربة سلطان بن علي العويس، الشعرية، وذكر أن علاقته بالنص الشعري ترتبط بذاته، والمكان والأشخاص، ولم يكن يعمل على إنجاز وتكريس مشروع شعري خاص به، وأشار إلى أن القصيدة عنده أحياناً أقرب للومضة؛ حيث يكتفي فيها بتصوير الموقف أو الحدث، أو تعبر عن حالة شعورية تكتنفه تجاه شخص أو موقف أو حالة وجدانية معينة، فكان يلجأ إلى التكثيف والاختزال.

وذكر العميمي، أن كثيراً من قصائد العويس قصيرة، وتتوهج بحب الحياة، وجاء ديوانه الشعري ليوثق في عدد غير قليل من قصائده، لتاريخ، ومكان كتابة النص، وذلك الأمر يشير إلى أهمية المكان في شعر العويس، لذلك فإن كثيراً من قصائده حملت أسماء مدن وعواصم مثل: «لبنان» و«فينس» و«حديث الرياض» و«بيروت» و«يا ليالي الشام»، وغيرها من القصائد التي يوثق فيها للأمكنة، وأوضح العميمي، أن الشخوص أيضاً يشكلون حضوراً في النصوص الشعرية عند العويس، خاصة أولئك الذين تأثر بهم وأحبهم، كما أن للمرأة أيضاً وجوداً كبيراً في أشعاره، لذلك فإن العديد من قصائده معنونة بأسماء نساء.

وأشار العميمي، إلى أن بعض قصائد العويس، قد كتبها في الطائرة؛ حيث كانت ولادتها في ذلك المكان الذي يقع بين الأرض والسماء. 

وأكد العميمي، أن العويس، لم يكن ينظم الشعر النبطي، لكن كانت له بعض النصوص القليلة والنادرة، ولم يكن لديه موقف ضد الشعر الشعبي؛ بل كان يتذوقه، ويشجع الجيد منه، وكان معجب بصورة خاصة بشعر سعيد بن عتيق الهاملي، وأحمد بن سلطان بن سليم وراشد الخضر. 

وفي الختام ألقى الشاعر محمود نور بعضاً من قصائد سلطان العويس منها قصيدة عن قيام الاتحاد، تلك التي يقول فيها:

الاتحادُ قَصيدةٌ وحُروفُها

أبْناؤها وقِوامُها الأمَراء

وأبو الجميعِ قِيادةً وريادةً

هُو «زايدٌ» تُجْلَى بِه الظَّلْماءُ

ماضٍ يُحقِّقُ في الحياةِ طُموحَنا

بالرِّفْقِ حتَّى عَمَّتِ النَّعْماءُ

نِعَمُ الحياةِ كَثيرةٌ لمكافِحٍ

ما لَمْ تُغَيِّرْ نَفْسَهُ الأهْواءُ.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"