منـاهـج كالمعلومات السائلة

00:25 صباحا
قراءة دقيقتين

هل ثمّة بشرى أروع من بشرى تطوير التعليم؟ الأمر هذه المرّة مختلف. اليوم ومستقبلاً كل عقد تظهر مردة علوم جديدة، عفاريت تقانات تقلب مفاهيم التفكير، وتعيد النظر في أداء الحواس.
 قبل نهاية مراهقة مواليد اليوم، لا تستبعد أن ترى الإنسان الآلي في مجالس إدارات المؤسسات، لأنه إذا بزغت شمس الوعي في الروبوت، فلن تجد من ينافسه في التعبير عن نفسه. هل تعرف آدمياً يُجري دماغه مئة تريليون عملية في الثانية؟ أمّا عن أداء الحواس، فعجائب الواقع الافترضي لم تبتل لنا قدم بعدُ من بحرها
أمام هذه التحولات، هل يُعقل أن تظل المناهج تُنقّح بلمسات موضعية كل حفنة عقود؟ ثمة مصطلح معلوماتي انتشر قبل سنوات، ثم توارى: «المعلومات السائلة» (ليكويد انفورميشن)، وهو عبارة عن النص الذي يكون كالبرمجية المفتوحة، لك أن تضيف وتحذف، تعديلاً وشرحاً، وتضمين روابط. من السهل فهم عدم رواجها، لكونها قد تصير عبثاً بالمؤلفات. لكن هذا النموذج على الأرجح مثالي للمناهج، لكونه يقبل التغيير والتحوير مواكبة لكل جديد في العلوم والتقانات، وتصحيح المعلومات.
اليوم، تشهد الحياة العامة تحولات لم يعد في الإمكان عدم أخذها في الحسبان في المناهج. عندما يكون الدارس يحيا في بيئة يسودها الجيل الخامس من الاتصالات، فمن الكاريكاتور أن تكون بيئة الدروس في الجيل الأول أو الثاني. حين تكون مواد الدروس برمجيات مفتوحة للجهات المسؤولة عن النظام التعليمي، فإن في إمكانها إجراء التحديثات الضرورية متى ما شاءت. لقد ولى زمن الكتب المدرسية. الجغرافيا تغدو خرائط متحركة في أشرطة وثائقية، يجول فيها الطالب ويصول افتراضياً بالواقع الافتراضي. الكيمياء مخبر تجريبي يتفاعل فيه الدارسون مع العناصر وتركيباتها وتفاعلاتها مباشرة افتراضياً، كذلك التطبيقات في الفيزياء.
لا شك في أن واضعي المناهج هم خير من يدرك أن مواد المقرر يجب أن تكون مرآة زمانها ومستشرفة مستقبلها، فلا يُعقل ألاّ تضع في الحسبان أننا في عصر صعود نجوم الذكاء الاصطناعي، البرمجة المعلوماتية، العلوم العصبية، حواسيب الكوانتوم... أليست هذه العوالم العلمية المعرفية الجديدة تحتاج إلى إعداد ذهني؟ أليس هذا يتطلب بناء من الأساس، من الابتدائية، إذا تعذر البدء من الحضانة؟ بلى.
لزوم ما يلزم: النتيجة اللغوية: المناهج تستدعي منهجية مستدامة.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"