سيدة الإخراج السينمائي

23:49 مساء
قراءة دقيقتين

مارلين سلوم

الإعلان عن تكريم المخرجة كاملة أبو ذكري في الدورة المقبلة لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، له وقع مختلف، الخبر لم يسعدها وحدها، ولكنه أسعد كل عشاق الفن الهادف، وكل المنحازين للسينما والدراما المثيرة للجدل. ومصدر السعادة الأكبر هو أن أبو ذكري سيتم تكريمها بجائزة فاتن حمامة للتميز، وربط اسم سيدة الإخراج السينمائي والدرامي باسم سيدة الشاشة العربية هو أكبر تكريم لها، بجانب أن هذه الجائزة منذ استحدثها المهرجان لم تذهب سوى لفنانين متجددين متألقين، مثل كريم عبدالعزيز، ومنى زكي، ومنة شلبي، وهند صبري، ولم ينلها من المخرجين سوى المبدع الكبير شريف عرفة.

نعم، كاملة أبو ذكري سيدة الإخراج السينمائي والدرامي، فهي الاسم النسائي الذي تباهت به مهنة الإخراج، وهو علامة الجودة لكل عمل تذيّل تتره به، وهي المخرجة التي تفاجئنا بتجددها إبداعاً، واختياراً لسيناريوهات أعمالها وللموضوعات التي تناقشها والقضايا التي تطرحها، ابتداء من فيلمها الأول «سنة أولى نصب»، وليس انتهاء بمسلسلها الأحدث «بطلوع الروح» الذي اقتحمت فيه عش ال«دواعش»، وقدمت صورة درامية واقعية عن حياتهم وأساليب تفكيرهم وسعيهم لإشباع نهمهم الغريزي على حساب أقرب الناس إليهم.

ما بين أول أفلامها، وأحدث مسلسلاتها، أعمال أمتعت الملايين من عشاق الفن، وأثارت جدلاً كبيراً بين المشاهدين، وخرجت عن المألوف والمعتاد، فهي التي تجسد الغوص في أعماق النفس البشرية لتضحكنا أحياناً، مثلما حدث في المسلسل المفاجأة «ب ١٠٠ وش»، وتبكينا أحياناً، مثلما حدث مع «بنت اسمها ذات»، و«سجن النسا»، ولن ينسى عشاق السينما أفلامها «ملك وكتابة»، و«عن العشق والهوى»، و«واحد صفر»، و«١٨ يوم»، و«يوم للستات»، واللوحة الدرامية التشكيلية «واحة الغروب».

ومن الطبيعي لمن تتلمذت على أيدي الكبير نادر جلال، والراحلين العظيمين عاطف الطيب ورضوان الكاشف، أن تكون علامة جودة إبداعية، وأن تكون سيدة الصورة والمشهد والكادر والرؤية الإخراجية، ولكن ليس من الطبيعي أن ندع بعض مرضى النفوس يحاربون مثل هذه الموهبة، ويدفعونها للتفكير في الاعتزال هروباً بنفسها من جحيمهم، وهو ما أعلنت عنه في أكثر من لقاء معها بعد إعلان مهرجان القاهرة السينمائي، ليأتي قرار التكريم في الوقت المناسب جداً ويمنعها من الهروب من ساحة الإبداع وتركها لأنصاف المواهب والمرتزقة والمحتكرين.

الانحياز لكاملة أبو ذكري ليس انحيازاً لشخصها، ولكنه انحياز إلى إبداعها، وانحياز إلى الفن الهادف، وانحياز إلى الرقي، ولو أدرك ذلك القائمون على الإنتاج لوفروا لها المناخ المناسب لتقدم لنا أعمالاً نستمتع ونتباهى بها، وتثري الأرشيف السينمائي والدرامي العربي.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2u43kpxx

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"