ضحايا صامتون

00:56 صباحا
قراءة دقيقتين

وسائل النصب كثيرة ومتعددة، وكلما خفتت واحدة، تُطل أخرى جديدة على العامة، تحاول سلبهم أموالهم، أو الاستحواذ على أي شيء يخصهم، ومن ثم البدء في عمليات استفزاز ومساومة للحصول على مقابل مالي. وفي بعض المرات يكون المقابل لمرة واحدة، وأحياناً يكون مستمراً، ومردّه خشية الشخص من كشف سره، أو دخوله في دهاليز صعبة قد تزيد الأمر سوءاً.
مسألة «التهكير» التي يتعرض لها بعض الأشخاص سواء لهواتفهم المحمولة أو أجهزتهم المنزلية، والاستحواذ على ما هو مخزّن فيها من صور وغيرها، أو السطو على «الواتس أب»، وسلب كل ما بداخله من صور ومحادثات، أمور باتت تُنذر بخطر كبير، قد يقع في شرَكه أي شخص يحمل هاتفاً متصلاً بالإنترنت.
الجريمة لم تعد تحتاج إلى جهد بدني أو القفز فوق الأسوار أو اقتحام النوافذ والأبواب، فهذه من جرائم الجيل القديم، فما قد يحصل عليه مجرم مجهول الهوية قد يكون أكبر بكثير مما قد يحصل عليه شخص قفز فوق سور فيلّا وسلب كل ما فيها من مجوهرات وأموال؛ لأن أسرار الناس وخصوصياتهم التي يحملونها بين أيدهم 24 ساعة، باتت أغلى وأثمن بكثير مما قد يضعونه في خزنة أو درج دولاب داخل المنزل.
إذاً نحن نعيش حالياً مستوى متقدماً من الجريمة؛ أشخاصه وطرقهم في السرقة تتطور كل يوم، وضحاياه والمسروقات التي قد تُفقد لا أحد يمكن أن يتنبّأ بها. أما المحاكمة والعقاب فقد يكون صعب التحقق، طالما أن المجرم في مكان مجهول، غير الدولة التي يقع فيها ضحاياه.
إزاء هذا كله، ومع تطور قوانين الجرائم الإلكترونية في كثير من دول العالم، بات الأمر يتطلب إيجاد منظمات دولية تعنى بأمور الجريمة الإلكترونية، حتى لا يبقى «الضحية» هنا رهن المكان والزمان اللذين هو فيهما، في حين أن المجرم لا مكان ولا هوية له.. فعل فِعلته ولا أحد يعرف من هو، وقد لا تنجح عمليات التحري الإلكتروني في إيجاد مكانه.
التوعية القانونية والأمنية من قبل رجال الشرطة واجبة، بشكل دائم، إزاء هذه الأمور، وعلى أجهزة الشرطة تعزيز منصاتها الرقمية لتوعية الناس بمخاطر هذا العبث، وأن تتنبّأ عبر القيادات الأمنية الأكاديمية التي لديها، بأشكال الجرائم التي قد يقع ضحيتَها الناس في قادم الأيام، لتوعيتهم بشأنها.
ومن الأهمية بمكان، في هذا الجانب، أن تخصص وحدة أو إدارة تتبع للأجهزة الأمنية، تكون مهمتها استقبال ضحايا الجرائم الإلكترونية أو على الأصح «الابتزاز الإلكتروني»، وتكون طريقة عملها محفوفة بسرية كبيرة؛ لأن الكثير من الناس وللأسف، يخضعون لشروط المبتزّين؛ لأنهم يخشون الفضائح، فيتحولون إلى ضحايا صامتين.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2s4ek8es

عن الكاتب

مساعد مدير التحرير، رئيس قسم المحليات في صحيفة الخليج

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"