مهرجانات اختلاط الحابل بالنابل

23:31 مساء
قراءة دقيقتين

مارلين سلوم

من يشاهد عن قرب، أو يشارك في المهرجانات السينمائية والفنية الكبرى والمعروفة، يدرك أن أجمل اللحظات التي يعيشها الفنان، وكل المشاركين والمتنافسين وضيوف المهرجان، هي لحظة إعلان النتائج النهائية في السهرة الختامية؛ كل المتنافسين يجلسون في القاعة بانتظار الرابح وحامل اللقب والجائزة، وعادة ما يتم التصويت على اسم من بين أربعة مرشحين للتصفيات النهائية.. لحظة إعلان الفائز هي لحظة تفجّر المشاعر الصادقة، ارتباك وفرح وبكاء في وقت واحد، كأن النجوم يقفون للمرة الأولى في حياتهم على خشبة المسرح، وأمام جمهور كبير، وكاميراتن وميكروفون..

رهبة الفوز رائعة يصل تأثيرها إلى الجمهور الجالس في بيته، فيتأثر هو أيضاً، ويسعد لمشاهدة تلك الاحتفاليات الضخمة، مثل مهرجان كان السينمائي، والأوسكار وغيرهما.. وعلى هامش المهرجانات المعروفة والمعترف بها دولياً، والتي تملك رصيداً كبيراً من المصداقية عربياً وعالمياً، تنبت طفيليات تتمحّك باسم «المهرجان» فاسحة المجال أمام مؤسسيها لدخول عالم الأضواء والفن، وهم في الأغلب، يأتون إليهما من عالم «البيزنس» ورؤوس الأموال.

لم نعد نفهم مَن يكرم مَن، ولماذا، وكيف يتم اختيار الفائزين؟ مهرجان هنا وآخر هناك، وكل الحاضرين في القاعة، حيث يقام العشاء والحفل الضخم، يخرجون وفي اليد جائزة، لدرجة أنك تتذكر برنامجاً فرنسياً للأطفال اشتهر في السبعينات والثمانينات اسمه «مدرسة المواهب»، أو «ليكول دي فان»، وكان مقدمه المذيع الفرنسي الظريف جاك مارتان، يمنح كل المشتركين فيه الدرجات النهائية 10 من 10 ويفوزون بجوائز في نهاية الحلقة، والكل يخرج سعيداً. مقبولة هذه المجاملات لتشجيع ودعم مواهب الأطفال، لكن ما مبررها في مهرجانات يختلط فيها الحابل بالنابل، فينال جائزة كل من حضر من النجوم من دون فرق بين من تعب وتألق وترك بصمة مميزة هذا العام، ومن ظهر على الشاشة وقدم عملاً أو أداء متوسطاً وعادياً؟

كيف يمكن أن نصدق مهرجاناً وزع جوائز كمن يوزع الحلوى على المعازيم، ومنح جائزة «التميز والإبداع» لنحو عشرين ممثلاً وممثلة؟ فضلاً، طبعاً، عن الجوائز الأخرى التي تشمل كل المجالات، وكل من حضر الحفل.

لا مفاجآت، فكل فنان جاء إلى المهرجان وهو يعلم مسبقاً أنه آت ليخرج بجائزة، حتى الفرحة لحظة إعلان الاسم مصطنعة، والتصفيق يأتي مجاملة؛ فمَن يقف خلف تلك المهرجانات التي نقلت الاحتفاء بأهل الفن والإبداع من المستوى الراقي والمصداقية والاستحقاق، إلى مستوى أغاني المهرجانات، والكل يغني، والكل يصفق؟

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5n7t3xfz

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"