فيروسات الكبد الوبائية . . هل تنتقل من الأم إلى الجنين؟

02:49 صباحا
قراءة 9 دقائق
تحقيق: مكتب القاهرة ورحاب زيد

هل ثمة علاقة بين أمراض الكبد والحمل؟ . . وهل يمكن لفيروسات الكبد أن تنتقل من الأم إلى الجنين؟ وما إجراءات الوقاية؟
أسئلة تدور في عقل كل أم تحمل الفيروس الكبدي وتخشى من خطورة انتقاله منها إلى جنينها، فأمراض الكبد تعتبر من الأمور التي تشغل تفكير العديد من الناس على اختلاف طبقاتهم ومستوياتهم الثقافية والمادية لما لها من تأثير مهم في صحتهم العامة والخاصة، وخوفهم من أن تكون معدية وقابلة للشفاء أم لا .
الحقيقة أن الكبد ليس هو الذي يؤثر في صحتنا فقط، فنحن أيضاً نؤثر في صحة الكبد من خلال عاداتنا الغذائية ووعينا الصحي بما يضر وينفع، وتكون مخاوف الأم الحامل على جنينها مفرطة وخصوصا إذا كانت تحمل أحد أنواع الفيروسات الكبدية .
ويقول الأطباء إن وظائف الكبد تضطرب بسبب تسمم الحمل الذي يحدث عادة في الثلاثة أشهر الأخيرة من الحمل (مع أن نسبة حدوثه ضئيلة)، وغالبا ما يؤدي ذلك إلى ارتفاع طفيف فى إنزيمات الكبد ونسبة الصفراء، ولا يحتاج الكبد عادة إلى علاج محدد في هذه الحالة، ولكن عندما ترتفع هذه الإنزيمات بصورة ملحوظة فإن هذا يعتبر مؤشراً على مدى خطورة المرض ويستدعي الحاجة إلى الولادة المبكرة وإنهاء الحمل تفادياً للمضاعفات الخطيرة مثل الفشل الكبدي الحاد .
كما يمكن أن تتعرض المرأة الحامل إلى اضطراب الكبد المصحوب بتكسر خلايا الدم الحمراء مع نقص الصفائح الدموية ونزيف تحت الجلد، وتعتبر هذه الحالة أشد من حيث مضاعفات المرض السابق، وهي تحدث بنسبة 2-12% عند الحوامل، ويتميز بحدوث أعراض مشابهة لمرض الأنفلونزا في بدايته، ويكون مصحوباً بصداع شديد، وقيء والآم في أعلى البطن الأيمن مع ارتفاع شديد بالضغط وتورم بالقدمين وزيادة ملحوظة فى وزن الجسم مع انتفاخ بالوجه وارتفاع نسبة إنزيمات الكبد بنسبة 10-20 ضعفاً . ويقول الأطباء إنه في معظم هذه الأمراض تظل الأسباب الحقيقية غامضة وغير محددة حتى الآن .

العلاقة بين الحمل وفيروسات الكبد

عن العلاقة بين الحمل والأضرار التي قد تلحق بكبد الحامل، يرى الدكتور محمد عبد الباسط جميعي - أستاذ الجهاز الهضمي والكبد بطب الزقازيق - أن الأمراض النادرة التي تنتج عن الحمل تظهر في أعراض الغثيان والقيء واصفرار العين والجلد، وذلك نتيجة التدهن الكبدي الحاد المسبب لهبوط وظائف الكبد، وهذه الأعراض تظهر على الحامل في الأشهر الأخيرة من الحمل، وتسبب ارتفاع الوفيات بالنسبة للأم والجنين، وهنا يكون التدخل السريع بالولادة وعرض المرضHELLP) ) وهو تكسير صفائح الدم والتهاب الكبد ونزيف الأم بما يمثل خطورة على حياتها، وفي هذه الحالة يتم إنهاء الحمل حماية للام، كذلك انسداد القنوات المرارية الكبدية التي تتكرر مع الحمل وتتطلب العلاج السريع للام .

طرق العدوى والوقاية

من جانبه يوضح الدكتور قاسم عباس الصراف استشاري الجهاز الهضمي بالشارقة أن فيروس الكبد الوبائي "B" يصيب الكبد بعدة طرق منها العدوى العمودية أي عن طريق الأم المصابة إلى الجنين، ولكن هذا نادر حدوثه في الوقت الحالي لأن الإجراءات الوقائية المتخذة عند الولادة كفيلة بحماية الطفل حيث إن الفيروسات لا تنتقل من الأم إلى الجنين أثناء فترة الحمل، وهناك فرق بين أن يحدث الحمل لامرأة مصابة بفيروسات الكبد، أو أن تصاب المرأة الحامل بالفيروس خلال فترة حملها، ففي الحالة الأولى يصبح الأمر عادياً لأن الفيروس يكون خاملاً في معظم الحالات وتكون الأم في أفضل حالاتها الصحية، أما في الحالة الثانية يجب أن تُعالج فوراً لأنها قد تؤدي لإسقاط الجنين . وعن الإجراءات الوقائية للجنين يقول الدكتور قاسم الصراف إن هناك عدة إجراءات لابد أن تُتبع للحفاظ على حياته مثل أن تكون الولادة قيصرية لتجنب عسر الولادة الذي غالباً ما يؤدي إلى انتقال الفيروس من خلال النزف الذي يحدث، وسبب أن تكون قيصرية فلأنها تجرى في ظروف مدروسة تمنع إصابته بالفيروس الموجود في دم الأم، والإجراء الثاني هو إعطاء اللقاح مباشرة عند الولادة، والإجراء الثالث يكون في حالة الشك في إصابة الطفل بالفيروس فيتم إعطاؤه مضادات جسمية ضد الفيروس عن طريق الوريد .

الكشف المبكر

وترى الدكتورة سوسن عبدالمنعم - أستاذ الجهاز الهضمي والكبد بطب المنصورة ذ ان هناك إمكانية للحمل عند الأم ذات الكبد المتكافئ، والمصابة بالفيروسات دون حدوث مخاطر على الجنين، وتقول إنه في حالات الإصابة بفيروس(سي) يتخلص المولود من الفيروس خلال 15 شهراً بعد الولادة .
أما حالات الإصابة بفيروس بي ففي 90% من الحالات ينتقل الفيروس من الأم إلى الجنين، مسببا التهاباً كبدياً مزمناً له، وفي 10% يتخلص الجنين من الفيروس، ولهذا ينصح بعمل مسح شامل للحوامل للكشف المبكر عن الإصابة بالفيروسات من عدمه، وتحضير التطعيمات والأجسام المضادة لنوع الفيروس لتعطى للمولود .

كيف ينتقل الفيروس إلى الجنين؟

يوضح الدكتور محمد عزام قياسه اختصاصي أمراض الكبد والجهاز الهضمي أن أمراض الكبد أثناء الحمل تندرج تحت ثلاثة أنواع هي:
1-أمراض كبد ماقبل الحمل: فالعديد من النساء اللواتي يعانين اضطرابات أولية طفيفة في وظائف الكبد قبل الحمل قد يحظين بحمل ناجح وسليم، وقد تعاني نسبة صغيرة من المصابات بالتليف الكبدي (التشمع الكبدي) بعض المضاعفات بنهاية الحمل .
2- أمراض الكبد التي تحدث مصادفة أثناء الحمل: مثل التهابات الكبد الفيروسية بأنواعها A,B,C,D,E)) وهنا ينبغي أن نشير إلى أن نسبة الإصابة بالفيروس الكبدي تعتبر متساوية بين الحوامل و غير الحوامل .
3- أمراض الكبد التي تحدث فقط أثناء الحمل وبسببه، والتي تعرف باسم (أمراض الكبد الحملية)، وفي هذه الحالة يتأثر الكبد أثناء الحمل فقط عند حوالي2% من عدد النساء في سن الإنجاب وذلك في أسوء الأحوال .
وأوضح أن التهاب الكبد الفيروسي البائي(ب) يصيب حوالي 1% من النساء الحوامل، والالتهاب الكبدي الفيروسي الجيمي (سي) تصل نسبة الإصابة به إلى 5,2% .
ويقول إن الحمل غالباً ما يستمر من دون مضاعفات تذكر في حالات العدوى الطفيفة وخاصة تحت إشراف الطبيب المختص، لضمان عدم حدوث المضاعفات التي تستوجب التدخل الطبي حفاظاً على الجنين والأم معا لضمان صحتهما المستدامة .
أما التهاب الكبد الفيروسي اليائي (إي) فهو أهمها و أخطرها أثناء الحمل . وأضاف أن الحمل لا يؤثر عادة في شدة المرض الفيروسي الكبدي الجيمي (سي)، أما عن انتقال هذا من الأم الحامل للجنين، فيعتمد على شدة الإصابة بالفيروس، فإذا كان الفيروس (سي) خاملاً فستقل احتمالية انتقاله من الأم للجنين، وفي الأحوال العادية هي من (صفر: 7% وتزداد فرصة انتقال الفيروس(سي) من الأم إلى جنينها إذا كان معدل الحمل الفيروسي الجيمي (viral load) عالياً نسبياً أو بدأ يتجاوز 1مليون لكل 1مللتر من الدم، وهنا ننبه أنه يتوجب على المتزوجة المصابة بالتهاب الكبد الفيروسي الجيمي سي، أن تحتاط من تعريض نفسها للحمل ما دامت تتناول الأدوية لعلاج الفيروس الكبدي الجيمي، وينبغي ملاحظة أنه إذا أصيب المولود بالعدوى فإن حوالي 90% منهم سوف تكون لديهم إصابة مزمنة وإذا حدثت الإصابة في الأطفال دون سن الخامسة فإن النسبة تقدر بحوالي 60% أما البالغون فإن النسبة حولي 6,2% ولا يؤدي التهاب الكبد الفيروسي البائي (ب) إلى تشوهات خلقية، ولكن وجد أن وزن الأطفال يقل لدى الأمهات اللاتي تعرضن للعدوى أثناء الحمل .
وعن مدى خطورة التهاب الكبد الفيروسي البائي (ب) يوضح الدكتور عزام أن التهاب الكبد الفيروسي البائي (ب) من الأمراض الشائعة، والإصابة بهذا المرض لها مضاعفات عديدة وخطيرة على الأم والجنين، فمن الممكن أن يصبح المرض مزمناً ويؤدي إلى تليف الكبد وتطور الحالة إلى أن تصل إلى حدوث فشل في الكبد، ويعد هذا الفيروس من المسببات الرئيسة لسرطان الكبد .
وعند الإصابة بهذه العدوى تظهر الأعراض في حوالي 50% من المرضى وقد يحدث الفشل الكبدي في حوالي 1% فقط،
وتظهر أعراض المرض في مدة تتراوح ما بين 6 أسابيع إلى 6 أشهر من وقت التعرض للعدوى .
وعن كيفية انتقال فيروس (ب) للمريضة وأضرار انتقاله للجنين يقول الدكتور عزام ان هذا الفيروس يوجد بتركيز عال جداً في دم المرضى المصابين وبتركيز أقل في السائل المنوي والافرازات المهبلية وافرازات الجروح، ولذلك يعتبر نقل الدم الملوث أهم مصدر لانتقال العدوى وكذلك ينتقل جنسياً . وإذا أصيب المولود بالعدوى فإن حوالي 90% منهم سوف تكون لديهم إصابة مزمنة، وإذا حدثت الإصابة في الأطفال من دون سن الخامسة فإن النسبة تقدر بحوالي 60% أما البالغين فإن النسبة حوالي 2-6% .
ولا يؤدي التهاب الكبد الفيروسي البائي (ب) إلى تشوهات خلقية ولكن وجد أن وزن الأطفال يقل لدى الأمهات اللاتي تعرضن للعدوى أثناء الحمل، ومن الممكن أن تحدث ولادات مبكرة، ويمكن أن تحدث العدوى داخل الرحم ولكن أكثر ما تنتقل العدوى من الأم إلى الجنين أثناء الولادة، وإذا حدث وأصيبت الأم بالعدوى في الثلاثة اشهر الأخيرة من الحمل فإن نسبة إصابة المواليد بالعدوى عالية جداً قد تصل إلى80% وإذا كانت الأم حاملة للفيروس أثناء الحمل فالخطورة عالية للعدوى بالمرض .
وأكد الدكتور عزام أنه يمكن وقاية المولود من خطر انتقال المرض من الأم إليه عن طريق إجراء اختبار للفيروس لجميع النساء في أول زيارة مراجعة لعيادة الحوامل مشيراً إلى أن خطورة واحتمالية تعرض المواليد للعدوى بالتهاب الكبد الفيروسي البائي(ب)، واحتمالية حدوث مرض مزمن تحتم إجراء هذا الاختبار . واذا لم يتم اجراؤه أثناء متابعة الحمل فإنه يتوجب إجراء الاختبار لجميع الحوامل عند دخولهن غرفة الولادة، وفي حالة التأكد من أنها حاملة لفيروس التهاب الكبد البائي (ب)، فإن العلاج الوقائي للمواليد يجب اجراؤه وذلك بإعطاء مضاد نوعي للفيروس البائي (ب) (HBIG) كما يجب تطعيم الطفل ضد فيروس الكبد البائي (ب) بعد الولادة مباشرة واعطاء هذه المضادات النوعية خلال 24 ساعة من ولادة المولود فإنها تمنع حدوث العدوى، وخطورتها في المولود بنسبة 85-95% .
ويؤكد الدكتور عزام أن الأمهات غير الحاملات للعدوى ولكن لديهن خطورة كبيرة للتعرض للعدوى يجب إعطاؤهن التطعيم ضد التهاب الكبد الفيروسي البائي، وهو عبارة عن ثلاث جرعات تعطى الجرعة الأولى في العضل وبعد شهر واحد تعطى الجرعة الثانية، أما الجرعة الثالثة فتعطى بعد 6 أشهر .

أخطر مراحل الحمل

وتحدثت الدكتورة وداد العبيدي اختصاصية النساء والتوليد بالشارقة عن العلاقة بين الكبد والحمل واعتمادها على مراحل الحمل التي قالت إنها تنقسم إلى ثلاث مراحل وهي من بدايته وحتى 3 شهور، ومن 3-6 أشهر، ومن 6:9 أشهر .
وأوضحت أن أخطر هذه المراحل هي الأولى، وتعتمد قوة الفيروس على حالة جسد الحامل نفسها ونسبة تطوره في جسدها، ونصحت كل من تعاني الفيروسات الكبدية أن تقوم بالفحوص اللازمة قبل الحمل، حيث إن الفيروسات الكبدية تشكل خطراً على صحة الجنين ومن الممكن أن تتعرض الأم لإسقاط الجنين .

زرع الكبد

أما الدكتور أحمد فؤاد الجيوشي - أستاذ أمراض الكبد والجهاز الهضمي بطب الأزهر - فيشير إلى الأمان الذي يحيط بعملية زرع الكبد قبل وأثناء الحمل، مشيرا إلى انه يوجد ما يزيد على 350 حالة لزرع الكبد أثناء الحمل في العالم، حيث يمكن الحمل بعد عملية زرع الكبد بعد فترة أمان تصل إلى عامين حتى يتم تثبيت الكبد، ووجود حالات تم فيها زراعات متكررة للكبد في أثناء الحمل، ويشير إلى قلة مخاطر تناول مثبطات المناعة خلال فترة الحمل، مع أهمية إجراء الفحص الشامل لوظائف الكبد كالصفراء والزلال، وزمن تجلط الدم، مع عمل فحص للفيروسات الكبدية في حالة ارتفاع دلالات إنزيمات الكبد، كما يمكن أن تعالج الأم من الفيروس الكبدي خلال فترة الحمل وبشكل آمن تماما .

مخاطر التخدير على كبد الحامل

وعن مخاطر تخدير الحامل في حالة إجراء العمليات الجراحية العاجلة يقول الدكتور محمد محيي الدين عوض- أستاذ أمراض الجهاز الهضمي والكبد بطب قناة السويس - هناك مخاطر كبرى تنتج عن العمليات الجراحية لمرضى الكبد، مشيرا إلى أن إعطاء مخدر عام لا يقلل نسبة تدفق الدم إلى الكبد، ومع ذلك لا ينصح بالمخدر الموضعي في حالة زيادة سيولة الدم، كما يجب مراعاة عدم إعطاء محلول الملح بعد العمليات بكميات كبيرة، وذلك لعجز مريض الكبد بشكل عام عن التخلص منها بسهولة، وإعطاء المضادات الحيوية التي يتم التخلص منها عن طريق الكليتين .

تطعيم الحامل ضد الفيروسات الكبدية

يشير الدكتور عمر هيكل - أستاذ واستشاري أمراض الكبد - إلى انه من الضروري أن يتم تطعيم الأم الحامل ضد فيروس (بي) في حالة إصابة الزوج بهذا الفيروس، أما في حالة إصابة الأم بالفيروس فهنا يتم تطعيم الوليد ضد الفيروس خلال 12 ساعة من ولادته وأقصى مدة لتأخير التطعيم بالنسبة للوليد لا تزيد على 30 يوما، وذلك إذا كان وزن الوليد يقل عن 2 كيلو جرام .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"