أطرافك في خطر

«اعتلال الأعصاب المتعدد»..
00:47 صباحا
قراءة 5 دقائق
يقصد باعتلال الأعصاب المتعدد تلف أو اعتلال الأعصاب الطرفية، وهي جميع الأعصاب في الجسم عدا الموجودة في المخ والنخاع الشوكي، فهي تنقل المعلومات بين الجهاز العصبي المركزي «المخ والنخاع الشوكي» وبقية أجزاء الجسم. يصيب اعتلال الأعصاب المتعدد العديد من الأعصاب في مختلف أجزاء الجسم في نفس الوقت، أما اعتلال الأعصاب الأحادي فيصيب أحد الأعصاب فقط. يمكن أن يصيب اعتلال الأعصاب المتعدد الأعصاب المسؤولة عن الإحساس، ويسمى اعتلال الأعصاب الحسية، كما يمكن أن يؤثر في الأعصاب المسؤولة عن الحركة، ويسمى اعتلال الأعصاب الحركية، ويمكن أيضاً أن يصيبهما معاً، وهو ما يعرف باعتلال الأعصاب الحسية الحركية.
إضافة إلى ذلك، فإنه يمكن أن يؤثر في الأعصاب اللا إرادية التي تؤدي وظائف مختلفة مثل الهضم والتحكم في ضغط الدم ومعدل ضربات القلب والتحكم في المثانة، وعلى الرغم من أن عدد الأشخاص المصابين باعتلال الأعصاب المتعدد ليس معروفاً بدقة حتى الآن، فإن المعهد القومي للأمراض العصبية والسكتة الدماغية، يقدر أن عشرين مليون شخص في أمريكا يعانون نوعاً أو آخر من اعتلال الأعصاب الطرفية، علاوة على أن الأغلبية يعانون اعتلال الأعصاب المتعدد.
أنواع اعتلال الأعصاب المتعدد

يوجد هنالك أكثر من 100 نوع من اعتلال الأعصاب الطرفية ومعظمها متعددة، حيث يقسم كل منها على حسب نوع الضرر الذي يلحق بالعصب، والمسبب والأعراض التي تنتج عنه، فعلى سبيل المثال، فإن اعتلال الأعصاب الناتج من مرض السكري يصيب مرضى السكري، في حين يبدو اعتلال الأعصاب مجهول السبب. هنالك ثلاثة أنماط لاعتلال الأعصاب، أولها الاعتلال العصبي الطرفي المتماثل المزمن، والذي عادة ما يتطور على مدى عدة أشهر، أما النوع الثاني فهو اعتلال الأعصاب المتعدد ويؤثر على الأقل في منطقتين منفصلتين عن الأعصاب، انتهاءً بالاعتلال العصبي الطرفي المتماثل الحاد، وهي الحالة التي تعتبر نادرة الحدوث، وتعتبر متلازمة (Guillain-Barré syndrome) المسبب الأكثر شيوعاً للمرض، والتي يمكن أن تكون قاتلة، مع العلم أن بعض الاعتلالات العصبية قد تتطور خلال سنوات والبعض الآخر قد يصبح شديداً في غضون ساعات أو أيام.
الأسباب وعوامل الخطورة

تتعدد العوامل المسببة التي تساهم في حدوث المرض، ومنها مرض السكري، وخاصة عند المرضى ذوي القراءات المرتفعة لسكر الدم، حيث أثبتت دراسة أن واحداً من بين كل 5 من مرضى السكري من النوع الثاني يعاني اعتلال الأعصاب، كما أن الاستهلاك المفرط للكحول يمكن أن يدمر الأعصاب، وعادة ما يكون مصحوباً بنقص في المواد الغذائية الذي يساهم بدوره في حدوث اعتلال الأعصاب. وتعتبر أمراض المناعة الذاتية أحد العوامل المؤدية إلى تلف الأعصاب وباقي خلايا الجسم، ومن أهم هذه الأمراض التهاب المفاصل الروماتويدي، وداء الثعلبة، ومتلازمة «غيلان- باريه» ومرض الالتهابات الهضمية (celiac disease). ومن المسببات الأخرى للمرض أيضاً الالتهابات البكتيرية والفيروسية، بما في ذلك مرض «لايم» والقوباء المنطقية، والتهاب الكبد B وC، وفيروس نقص المناعة المكتسبة.
ويمكن أيضاً لاضطرابات نخاع العظم أن تعمل على تطور المرض، ويشمل ذلك بعض أشكال سرطان العظام، وسرطان الغدد الليمفاوية. كما يؤدي التعرض للسموم لحدوث اعتلال الأعصاب بسبب التعرض للمواد الكيميائية الصناعية مثل الزرنيخ والرصاص والزئبق والثاليوم، ويشكل تعاطي العقاقير أو المواد الكيميائية أحد عوامل الخطورة، إضافة إلى كذلك الاضطرابات الوراثية مثل مرض شاركو ماري- توث (Charcot-Marie-Tooth disease ). كما أن قصور الغدة الدرقية قد يؤدي إلى اعتلال الأعصاب، على الرغم من أنه أمر نادر الحدوث. ويعتبر اعتلال الأعصاب اليوريمي هو شكل من أشكال اعتلال الأعصاب الذي يؤثر على 20 إلى 50% من المصابين بأمراض الكلى، وفقاً لمركز الاعتلال العصبي الطرفي، كما تشير الأبحاث إلى أن الاعتلال العصبي الطرفي شائع جداً عند الذين يعانون تليف الكبد. ويمكن أن يتسبب العلاج الكيميائي بجانب بعض الأدوية المستخدمة لعلاج فيروس نقص المناعة البشرية الإيدز، في الإصابة بمرض الاعتلال العصبي.
ويعد نقص الفيتامينات B-1، B-6، B-12، وE، والتي تعتبر مهمة جداً لصحة الأعصاب، أحد أسباب اعتلال الأعصاب الطرفي. كما أن الإصابات الجسدية أو الجروح والحركة المتكررة مثل الكتابة، والحوادث، أو غيرها من الإصابات يمكن أن تلحق الضرر بالأعصاب الطرفية، مع العلم أن بعض الاعتلالات العصبية لاتزال مجهولة السبب حتى الآن.
الأعراض

يسبب المرض العديد من الأعراض الحسية أو الحركية، والتي تتضمن التنميل والخدر وصعوبة تحريك الساقين واليدين أو القدمين وزيادة الألم، ومشاكل قلة النوم بسبب الألم ليلاً، وعدم القدرة على الشعور بالألم والحساسية القصوى للمس، إضافة إلى عدم القدرة على الإحساس بالتغيرات في درجة الحرارة ونقص التحكم وزيادة نوبات السقوط، والتغييرات التي تطرأ على الجلد والشعر أو الأظافر، وقرحة القدم والساق وعدوى الجلد والأظافر وضعف العضلات وارتعاشها. وتشمل الأعراض المرتبطة بتلف الأعصاب اللا إرادية عدم تحمل درجات الحرارة العالية، والتعرق غير الطبيعي ومشاكل المثانة أو سلس البول ومختلف مشاكل الجهاز الهضمي، فضلاً عن ارتفاع ضغط الدم وعدم انتظام ضربات القلب وصعوبة في تناول الطعام أو صعوبة في البلع والتنفس، وعدم القدرة على الشعور بالتغيرات في درجة الحرارة.
المضاعفات

من المضاعفات الشائعة المرتبطة باعتلال الأعصاب كثرة السقوط والإصابات بسبب نقص التوازن والتنسيق، جنباً إلى جنب مع ضعف العضلات، إضافة إلى الحروق وتلف الجلد، حيث إن الخدر وعدم القدرة على الشعور بالألم أو التغيرات في درجات الحرارة يمكن أن تؤدي إلى الحروق العرضية، والجروح، والتي يمكن أن تصاب بالعدوى وتصبح المشكلة أكثر تعقيداً.
التشخيص والعلاج

يعتمد التشخيص على التاريخ المرضي والكشف السريري والتقييم العصبي، ويتم بناء على حالة المريض طلب التحاليل اللازمة التي تشمل فحص الدم لمعرفة تركيز هورمونات الغدة الدرقية ووظائف الجهاز المناعي ونقص الفيتامينات ومعدل السكر في الدم. كما يترتب أحياناً عمل رنين مغناطيسي أو أشعة مقطعية وعمل تخطيط كهربائي للعضلات لمعرفة نشاط الأعصاب، وفي الحالات المستعصية قد يتطلب الأمر أخذ عينة من العصب المصاب أو من الجلد لفحصها.
وتوصي الأكاديمية الأمريكية لأطباء الأسرة بأنه يجب أن يتم أولاً علاج السبب الأساسي للمرض، كما يجب تصحيح أوجه القصور في النظام الغذائي، والتخفيف من الأعراض. وتشمل العلاجات المتاحة الأدوية والإجراءات الطبية الأخرى والعلاجات البديلة. ومن العقاقير المستخدمة لعلاج السبب الرئيسي لاعتلال الأعصاب، الإنسولين لمرضى السكري، وهورمونات الغدة لمرضى قصور الغدة الدرقية، إضافة إلى مسكنات الألم بأنواعها المختلفة ومضادات الاكتئاب والاستيرويدات. كما تستخدم بعض العمليات والتقنيات مثل تحفيز الأعصاب الكهربائي، ونقل البلازما ونقل الأجسام المضادة (Immune globulin)، وقد يكون العلاج الطبيعي (physiotherapy) مفيداً جدا في بعض الحالات. ويعتبر الوخز بالإبر والعلاج بتقويم العمود الفقري والتدليك والتأمل من طرق الطب التكميلي المستخدمة لعلاج المرض.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"