«زرياب» السعودية

04:47 صباحا
قراءة دقيقتين
د. حسن مدن

قالت بعض الصحف إن النقاد اعتبروا إطلاق وزيرالثقافة السعودي اسم الفنان الراحل طلال مدّاح على مسرح مركز الملك فهد الثقافي في أبها (قرية المفتاحة)، انتصاراً وتكريماً لرائد الأغنية في السعودية، تقديراً لمسيرته الفنية الغنية ومساهمته في تاريخ الأغنية السعودية، فهو أول من حمل الأغنية السعودية للخارج، عن طريق إقامة حفلات غنائية خارج السعودية، وبثت أغانيه، مصحوبة بترجمة، على التلفزيون الفرنسي.

ما من شهادة في حق هذا الفنان الكبير أبلغ من تلك التي جاءت من موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب حين وصف طلال مدّاح ب «زرياب السعودية»، نسبة إلى الموسيقي ذائع الصيت في بغداد والأندلس، ويعلم القاصي والداني أن عبدالوهاب معروف بدقة أحكامه، فهو في الغناء والموسيقى لا يجامل أحداً، ولولا إيمانه بموهبة هذا الفنان ما كان أطلق عليه هذا الوصف، وهو نفسه القائل «إن صوت طلال مدّاح من أجمل الأصوات التي استمعت إليها في الوطن العربي». وينقل الملحن السعودي صالح الشهري عن الموسيقار بليغ حمدي قوله له: «أنا مذهول بهذا الصوت الذي لا يتكرر».

لا يمكن الحديث عن تاريخ الفن والغناء في السعودية وفي منطقة الجزيرة والخليج دون الوقوف أمام تجربة طلال مداح، بما له من تأثير هائل فيه، حيث كان، وبلا منازع، رائد الحداثة بالأغنية السعودية، وصوتها الأهم.

اقترن مسرح «المفتاحة» بالذات باسم طلال مدّاح، فهو المكان الذي شهد آخر لحظة في حياته، قبل أن يسقط على خشبته في ليلة باردة حزينة، بينما كان يحيي حفلته الأخيرة في العام 2000، في واحدة من أكثر اللحظات حزناً وتأثيراً، لذلك تحمل بادرة إطلاق اسمه على هذا المسرح، ضمن ما تحمل من معانٍ، تخليداً لتلك اللحظة التي بقيت، وستبقى، راسخة في ذاكرة السعوديين وأشقائهم.

ولد طلال مدّاح في 5 أغسطس/ آب 1940 في مكة المكرمة، وبدأ مشواره الفني في أواخر خمسينيات القرن الماضي، حين أطلق أولى أغانيه: «وردك يا زارع الورد»، التي اعتبرت أول أغنية عاطفية سعودية. ثم لحّن وغنى كثيراً من الأعمال، منها «يالي الليالي مشوقة»، «مجروح»، «هو حبك»، «غريبة»، «مكتوب ومقدر» وغيرها. وتشير سيرته إلى أن ألحان بعض أغانيه نحت نحو الموسيقى الغربية مثل أغنية «وعد»، وإلى حد ما «يا حلوة شيلي اللثام»، كما خاض تجربة الأغنية الطويلة، في أغان مثل «يا حبيب العمر»،«تعالي»، «خلصت القصة»، «أحرجتني»، وغيرها. خطوة وزارة الثقافة السعودية تكريم صادف أهله، فالتراث الغنائي والموسيقي لطلال مدّاح ذاكرة يجب أن تصان.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"