الأقصى يستغيث

01:37 صباحا
قراءة دقيقتين
صادق ناشر

ينشغل العرب والمسلمون في أزماتهم وصراعاتهم الداخلية؛ فتتوحش الدولة المتوحشة أصلاً «إسرائيل» أكثر فأكثر، فهي تدرك أن خصومها لا يستطيعون فعل شيء، وأن الذين يواجهونهم على الأرض هم الفلسطينيون، الذين تركوا لوحدهم منذ عشرات السنين، لكنهم اليوم صاروا أكثر انعزالاً عن أشقائهم، الذين تحكمهم أنظمة لا تملك شيئاً سوى الخراب والدمار.

في فلسطين، حيث يموت الناس كل يوم ويصارع من تبقى من أهلها للبقاء، تغيب خطوط التواصل مع العرب والمسلمين المنشغلين بمشاكلهم الداخلية، فهي مشاكل تكفي لإبقاء الأزمات مشتعلة لسنوات بل ولعقود طويلة، فما يحدث في بلاد العرب يؤكد أننا نحتاج لعشرات السنين حتى نتمكن من التغلب على التحديات التي تواجهنا كأمة.
من المستفيد مما يحدث اليوم من خراب وتدمير في كل قطر عربي؟ لمصلحة من تتناحر القوى السياسية والاجتماعية والدينية في البلاد العربية في وقت يستغيث فيه الأقصى لنصرته ونجدته؟ من هي تلك القوة العربية التي تستطيع مواجهة الصلف «الإسرائيلي»، الذي يتزايد مع كل يوم، خاصة في ظل الضعف الذي يعتري العرب والمسلمين في كل مكان؟
منذ أشهر وأزمة المسجد الأقصى تتصاعد، فيما لم تحدث أي ردود أفعال حقيقية، إذا ما استثنينا البيانات التي تصدر بين الفينة والأخرى من الجامعة العربية أو منظمة المؤتمر الإسلامي، أو حتى من بعض الشخصيات والرموز الإسلامية التي صار بعضها غارقاً في متاهات الصراعات الداخلية بين الأنظمة العربية وشعوبها وتحولت إلى بوق ومشرع للفتنة من خلال الفتاوى التي تصدرها بين وقت وآخر لمصلحة هذا الطرف أو ذاك، ونسيت القدس وأهلها المرابطون، الذين يدافعون عن آخر قلاع الشرف العربي والإسلامي.
المواجهات التي حدثت ولا تزال قائمة منذ أسابيع، بين قوات الاحتلال «الإسرائيلي» وأهلنا المرابطين في القدس الشريف ، تدل على أن «إسرائيل» لن تتوقف عند حد لأطماعها، فما تريده أكثر مما يعتقد كثيرون من العرب والمسلمين. إنها ترغب في إزالة كل ما يربط المسلمين بالأقصى، وتريد تغييب دورهم في الدفاع عن المسجد المبارك، وهي تتحدى في ذلك إرادة الشعوب العربية والإسلامية، التي تكبلها الصراعات الدائرة اليوم في أكثر من بلد.
العرب والمسلمون سيخسرون كثيراً في إطار الصراع الدائر اليوم في فلسطين، والقدس تحديداً، وسيكتشفون بعد سنوات أن الصراعات التي دارت وتدور في بلدانهم تحت مسميات ولافتات مختلفة، إنما تخلت عن واحدة من أهم المقدسات الإسلامية، ونقصد بها الأقصى الشريف، وتركوا الفلسطينيين يواجهون لوحدهم آلة الموت والخراب والدمار التي تمتلكها «إسرائيل» وتستخدمها في الوقت الحاضر في محاولة لتركيع الفلسطينيين من خلال محاصرتهم داخل المسجد وخارجه وزيادة الضغط عليهم للتخلي عن حمايته لتتمكن من التحكم بمصير القدس لوحدها ، في ظل غياب كبير للعرب والمسلمين.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"