الإنسان و«الروبوت»

03:30 صباحا
قراءة دقيقتين
صادق ناشر

هل سيستطيع الإنسان منافسة «الروبوت» في المستقبل؟ يبدو السؤال غير منطقي، لو كنا لا نتابع التطور المذهل في عالم التكنولوجيا، وما وصلت إليه آخر الابتكارات، خاصة في ما يتصل بالإنسان الآلي، الذي صار يحتل مكانة غير عادية في حياتنا اليوم وفي المستقبل أيضاً، فبعد أن كان الكثيرون يتساءلون في الماضي عما إذا كانت الآلة ستنافس الإنسان في وظائفه، صرنا اليوم نتحدث عن استحواذ كامل للروبوت على مختلف مناحي معيشتنا، لدرجة أن وظائف عدة كان يؤديها الإنسان بدأت بالتلاشي.
منذ سنوات فرضت التكنولوجيا المتطورة نفسها على حياتنا فرضاً، وصرنا نصحو وننام على ابتكارات جديدة تُغيّر حياتنا وتُقلص مساحة نفوذنا كبشر، صحيح أن الذكاء الاصطناعي أسهم في تسهيل حياة الناس وأنماط أعمالهم وقتل البيروقراطية، لكن هذه التكنولوجيا أسهمت أيضاً في إذابة شخصية الإنسان نفسه، لدرجة تحوّل معها إلى مجرد آلة يتقبل كل يوم جديداً صادراً عنها.
قبل سنوات توقع تقرير متخصص صادر من شركة «كاسبرسكي لاب»، أن تتحول نبوءات «الخيال العلمي» التي كنا نسمع عنها ونشاهدها في الأفلام العلمية والخيالية، عن عالم يحل فيه الإنسان الآلي محل الإنسان العادي، إلى واقع بحلول عام 2045. بمعنى آخر، فإن الإنسان سيكون على موعد مع تغيير جذري في حياته بعد نحو ربع قرن، فالمنازل ستتحول إلى ذكية و«مأتمتة» بالكامل، وتصبح الطابعات وسيلة لإنتاج كل المواد، فيما ستنقرض أجهزة الكمبيوتر بحلول ذلك العام.
من مظاهر هيمنة «الروبوت» في حياة الإنسان في المستقبل، أنه سيكون قادراً على الحلول محله في كل شيء تقريباً، وسيكون قادراً على إجراء العمليات الجراحية بدون الحاجة إلى طبيب، وإتمام العمليات المالية بدون محاسب، وإطفاء الحرائق بدون رجل إطفاء، وبناء الأبراج بدون مقاول ولا عمال، فيما سيكون هاجس الناس الوحيد هو ضمان وجود ما يكفي من المال في حساباتهم المصرفية لسداد الفواتير.
لكن السؤال هو: هل سيصبح الإنسان سعيداً بهذا التغيير في حياته، بعد أن تسلب منه التكنولوجيا التي جلبها وصنعها هو، وظيفته كإنسان، أم سيتمرد عليها؟.
في مؤتمر عقد مؤخراً بالصين حول مستقبل «الروبوتات»، شهد مناظرة بين متخصصين في مجال التكنولوجيا، محورها أيهما سيتغلب على الآخر، وظيفة «الروبوت» أم عقل الإنسان؟، وجاءت الإجابة عن السؤال مختلفة، فأحدهما كان يشير إلى أن المستقبل سيكون لصالح «الروبوت»، أما الثاني فإنه يرى أنه على الرغم من هيمنة التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي على العالم، فإن الإنسان يظل هو المسيطر على الوضع؛ لأنه هو من أوجد «الروبوت» وليس العكس.
ومع ذلك، فإن المخاوف بشأن الحدود الفاصلة بين الإنسان الآلي والبشري ستبقى تهيمن على علاقة الإنسان بالآلة والعكس، وهي حدود من شأنها أن تزيد من حدة الجدل حول ما إذا كان الإنسان كتب نهايته بيده، أم إنه سيتمكن من الانتصار لعقله في نهاية المطاف.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"