محمد بن راشد.. والطاقة الإيجابية في صنع النهضة

05:17 صباحا
قراءة 5 دقائق
عبدالغفار حسين

«الغد يبدأ اليوم والسبق لنا»

محمد بن راشد

في قراءاتي للتاريخ والتراجم لم أقف على سيرة زعيم وقائد بنّاء، يؤمن بأن الزمن في سباق، وأن عليه إذا أراد أن يسابق الزمن ويلحقه ويتعداه، أن يسارع من خطواته، ولا يؤجل عمل اليوم للغد، والتجارب علمته أن الزمن يعدو بسرعة، وإذا لم يرك الزمن أنك تعدوه وتنافسه فإنه قد يركلك، ويدفعك إلى ورائه..
وقد صدق الشاعر العربي في قوله:

يعدو الزمان فمن لم يعدُ مستبقاً
                                        أمامه، ركلته أرجل الزمن

وفي هذا الحديث لا أريد التطرق إلى منجزات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، في العمار والإعمار خلال هذه الفترة الوجيزة من ولايته حاكماً لدبي، والتي لا تتعدى 11 عاماً، فهي مسفرة وبادية للعيان أينما التفت الإنسان، وأينما اتجه ونشد المعرفة..
ولكني أتحدث هنا عن الطاقة الإيجابية لدى محمد بن راشد، وهو الحديث الذي ألقيته في منتدى دبي لأفضل الممارسات الحكومية يوم 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2013، وأشرت إلى أن للقيادة في أي مجتمع دوراً أساسياً، بل هو الدور المحوري الذي يعوّل عليه في خلق الطاقة الإيجابية في المجتمع الذي تتولى أمره تلك القيادة، فإذا كانت القيادة خلاّقة، وتسعى إلى الإبداع والإتيان بالجديد، سرعان ما تثير بين الناس في مجتمعها، الحماس للمتابعة والتقليد للقيادة، والسعي للإتيان بالجديد أيضاً..
فالمثل العربي القديم الذي يقول «إن الناس على دين ملوكهم»، مثل واقعي، ودين الملوك هنا لا يعني عقائد تقليدية دينية وطائفية وإيديولوجية وخلافها، إنما يعني النهج والمرام اللذين تمشي عليهما القيادة والقادة، وتعني أن الناس تُقلد وتقتدي وتسير على المنوال نفسه الذي تسير عليه القيادة أو الرؤساء في الأمور العامة.
لننظر إلى الإمارات، دولة ذات رقعة صغيرة ومحدودة جغرافياً وديمغرافياً، استطاعت في فترة لا تُحسب في حساب الزمن شيئاً، أن تخلق لنفسها كياناً يكاد يكون في تركيبته السياسية لا نظير له في منطقة الشرق الأوسط، وأصبح هذا الكيان نموذجاً تطالب بعض المجتمعات الأخرى بتقليده..
في العراق، مثلاً، طالب وزير الخارجية الأسبق هوشيار زيباري، وهو سياسي معروف، بأن تقوم فدرالية في العراق، مماثلة لفدرالية الإمارات، وهناك مطالب مماثلة في اليمن، اليمن الشمالي واليمن الجنوبي، كيف وُجد هذا التميز الُمشاد به، في هذه البقعة..
سبب هذا الوجود طبعاً، وبلا أدنى شك، الطاقة الإيجابية التي هي عند القيادة في الإمارات، والتي نشاهدها ونلمسها في كل يوم.
كان هناك رجال دولة، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان، وكان هناك المغفور له، الشيخ راشد بن سعيد، القائدان الكبيران المليئان بالطاقة الإيجابية المحفزّة واللذان وضعا أساساً متيناً لكيان متين، كيان هذه الدولة التي نعيش في ربوعها اليوم.. وهنا اليوم زعيمٌ تربى وترعرع في كنفّ القائدين زايد وراشد، هو محمد بن راشد، يواصل المسيرة وينشر الطاقة المحفزّة والدافعة إلى الأمام، في كل خطوة يخطوها، وفي كل مشروع يقيمه، حتى أصبحت دبي، يُضرب بها المثل في كل عمل تطويري، وفي كل ما يحفزّ الإنسان للمضي إلى الأمام، إلى الإبداع والتجديد المستدامين.
من مزايا هذا الزعيم والقائد القدير، أنه يركز في بداية أي مشروع فيه إبداع، على تنظيم الصفوف، وإعداد فريق عمل، لأنه يقدس العمل الجماعي، ويؤمن بأن العمل الجماعي هو الذي يأتي بالإبداع والخلق الجماعي، ولا ينحصر الإبداع في جهة بعينها، بل فكرة الإبداع تعم المجتمع كله، والكل يسعى إليه ويعمل من أجله..
وآية ذلك، ما يحدث في الإمارات، وفي دبي، المدينة التي تشكل القلب الخليجي بكل ما في القلب الخليجي عامة من طاقة إيجابية..
فهذا الشيخ محمد بن راشد، رعاه الله، هو الذي يحمل شريان هذا القلب، ويغذيه بطاقته الإنتاجية وببرنامجه المليئين بالطاقات الإيجابية المنتجة..
يقول محمد بن راشد في كتابه «رؤيتي»، ويكشف لنا، كيف تكون القيادة واكتشاف الطاقة الإيجابية..«من مهام القائد الناجح العثور على المديرين والإداريين لتحقيق رؤيته وأهدافه لكن المهمة لا تكتمل ما لم يبحث في صفوف مرؤوسيه عن النشطين المبدعين ذوي الروح الإيجابية والتفاؤل بالحياة والمستقبل.
حتى هذه المهمة الحاسمة لا تكتمل ما لم يبحث في صفوف إدارته عن المحبطين والضجرين والملولين والمتعبين، ويحاول إذكاء نارهم الخامدة وإنقاذهم من أنفسهم أو تغيير الأوضاع والشروط التي أدت في البدء إلى هبوط المعنويات والتشاؤم والكسل».
بهذه الروح الوثابة وبهذه الرؤية الثاقبة.. اكتشف الشيخ محمد بن راشد منابع الطاقة الإيجابية وسخرها من أجل إعمار دبي، وجعلها واحة لمن يريد أن يستقي مما يتدفق منها من الطاقة الإيجابية، ومن أراد أن يتثقف ويدرك ما في دبي من الطاقات الإيجابية التي نمت وترعرت على يد محمد بن راشد، فعليه أن يقرأ بإمعان ويفهم كتابيه «رؤيتي»، و«ومضات من فكر»، اللذين في رأيي، لم يُكتب مثلهما في السنوات الأخيرة، فيما يتضمنان من الشأن الاجتماعي والشأن التنموي والإبداعي.. لاسيما ذلك المتعلق بخلق الطاقة الإيجابية، وبثها في نفوس فرقاء العمل لدى أي قيادة في أي مجتمع.. ولكي نخلق جيلاً يؤمن بالطاقة الإيجابية، ويعمل من أجل تحفيزها في النفوس، على وزارة التربية والتعليم، أن تضع في أولويات مناهجها وخاصة التربية الوطنية، تدريس كتب الشيخ محمد بن راشد، وما تحمل هذه الكتب من ثقافة متعددة وتجربة ناجحة.. فلنستمع، إلى نصيحة هذا القائد، وما تحمله هذه النصيحة من معانٍ رائعة.. «نصيحتي لجميع إخواني بالطاقة الإيجابية أن يعملوا دائماً على رفع معنويات فرق العمل لديهم بهذه الطاقة، ففريق العمل يتأثر أكثر ما يتأثر بقائد الفريق. لا تخفض معنوياتهم بأي تشاؤم أو تردد. الجيوش لا تنتصر لأن لديها السلاح والطعام فقط، إنما تنتصر بمعنوياتها وتنهزم بمعنوياتها. فإذا كانت معنويات المرؤوسين عالية فإنهم يستجيبون لرؤية القائد ويحققون أهدافه ويسيرون على خطاه. وإذا هبطت معنوياتهم فاللوم من قلة الإنجاز يقع على القائد وحده. أعطهم تفاؤلاً وإيجابية، يعطوك إنجازاً وإبداعاً».
هذا الكلام العفوي في ألفاظه، والعميق في معناه ومراميه، من المؤكد أنه صادر عن تجربة، وفي كتابه الذي يسمعنا فيه هذا الكلام، يضرب الشيخ محمد بن راشد الأمثال الحية والتطبيقية على ما يطرحه، أي بمعنى أنّه يأتي بالدليل.. قد تحدث إخفاقات أثناء العمل والبحث عن الطاقة الإيجابية من هذه الجهة أو تلك، من التي أوكل إليها السعي لخلق الطاقة الإيجابية، ولكن أي إخفاق من هذا النوع طبيعي وبديهي، والشيخ محمد بن راشد نفسه، يقول لنا في أكثر من موضع في كتبه، إن الإخفاق وعدم نجاح تجربة ما، لا يعني مطلقاً أن يكون هناك إحباط، وأن علينا البحث عن البديل، البديل الأحسن ونواصل السير.. وبمثل هذه العزيمة والإرادة القويتين، وبمثل هذه الطاقة الإيجابية التي متى توفرت في القائد، فإن النجاح آتٍ لا ريب فيه.. ولنستمع إلى كلمات مضيئة من الشيخ ابن راشد، في نهاية هذا الحديث، عن الطاقة الإيجابية وتأثيرها في نفوسنا..
يقول الشيخ محمد..
«الطاقة الإيجابية تحول الأوقات الصعبة لأوقات جميلة، وتحول المصاعب والمشاكل لتحديات، يمكن التغلب عليها، وتحول المستحيل إلى مجرد كلمة ووجهة نظر.. الطاقة الإيجابية تعطيك منظوراً جميلاً للحياة وتزودك بالدافع والتحفيز والطموح الذي تحتاجه للنجاح».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"