مطرنا وزلزالهم

كلمات
04:58 صباحا
قراءة دقيقتين

يوم السبت الماضي لم تفاجئنا العاصفة الرملية منذ الصباح الباكر وعلى امتداد ساعات النهار، فقد أعلمنا مسبقاً بقدومها الكاسح. ورغم أننا كنا نسير كالعميان في الطرقات، لم تمنعني أحوال الطقس أن أسرق نفسي مع أعز صديقاتي لنجلس في منطقة هادئة مفتوحة، صحبتها لطفت أحوال الطقس، وكانت الجلسة الجميلة أشبه بمصدات للعاصفة الرملية.

لم نتذمر كثيراً من أحوال الطقس وأقسى ما قلناه جميعاً يااااااه لو ينزل المطر ويغسل الجو من الغبار والرمال، واستجاب الله سبحانه وتعالى دعوتنا، وحمل القادمون من السفر لنا هديته الجميلة سحباً حبلى بالمطر الرائع، وفرحنا آخر الليل، لهدوء العاصفة، وكانت لمعة البرق وصوت الرعد وزخات المطر أشبه بأوركسترا ناعمة نتراقص على ألحانها.

ورغم كل المفاجآت التي صاحبت هذه الرقصة من تسرب المياه إلى داخل البيت من شتى الأماكن والمنافذ، وانقطاع التيار الكهربائي، وانشغالنا طوال الليل بالركض بين الغرف والصالات لتفادي تسرب أكبر، إلا أن كل هذا كان ممتعاً مع المطر.

ولو كانت هذه الحفلة الماطرة في الصباح لتركت كل ما بيدي واستعدت طفولتي وركضت تحت المطر، ومارست كل شغبي معه، لكن أتى الزائر الكريم آخر الليل، ولو تجاوزت حدود العقل، لوجدت الجن في الحديقة يشاركونني جنوني.

في الصباح الباكر استيقظنا على حقيقتنا الإنسانية أننا بشر لا نقدر النعمة والرحمة التي وهبنا الله إياها، وعدنا نطلق أبواق التذمر والتأفف والصراخ والشكوى، وتلقفت هذا الصراخ المحطات الإذاعية، كأنها مسابقة كل يدلي بدلوه، ورقص المذيعون على سباب الناس وتشكيهم، كأنهم وجدوا ضالتهم، ولم يبق أحد لم تطله ألسنتهم من بلدية ودائرة أشغال، ودائرة تخطيط، وشرطة، ولم يبق إلا سب المطر ولعنه.

تناسى الجميع كل شيء، إلا التأخر عن الدوام والعمل والوقوف بالساعات، كل هذا لمطر طلبناه من الله تعالى ليغسل الجو، ووصل المطر إلى أعماق الأرض لكن لم يغسل نفوسنا من الكفر بنعمة الله ورحمته بنا.

نحن لم نجن إلا عاصفة رملية، ومطراً غزيراً، ترى لو كنا في تشيلي التي تعرضت في نفس الوقت الذي نتعرض فيه للمطر لزلزال بقوة 8،8 على مقياس ريختر، وبعد ساعة لهزة ارتدادية أخرى بقوة 6،5 ريختر، وبعدها بساعة يهاجمها تسونامي، هل سنعتبر حينها المطر نعمة ورحمة؟

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"