«رهاب الحشرات».. إزعاج نفسي وأسري

00:46 صباحا
قراءة 6 دقائق

يعاني الأطفال بعض مصادر الخوف، التي تظل عالقة في أذهانهم، وتستمر معهم طوال حياتهم، وتظهر هذه المشكلة؛ بسبب الكثير من العوامل النفسية والمجتمعية.
ولا تزول هذه المخاوف بالنضج والتقدم في العمر؛ بل تستمر مسببة الكثير من الصعوبات للمصاب بها، ومن هذه المخاوف الانتوموفوبيا أو فوبيا الحشرات، ويعرفها الأخصائيون بأنها الخوف المرضي الزائد من الحشرات.
على الرغم من أنها تبدو غريبة إلا أن هناك كثيرين يصابون بهذا النوع من الخوف المرضي؛ حيث يصاب به الرجال والنساء والأطفال؛ لكن من أبرز الفئات تعرضاً للإصابة بهذا الخوف المرضي هما النساء والأطفال.
كما ينعكس خوف الأمهات والآباء الشديد من هذه الأنواع من الحشرات على الصغار، فالرعب الذي يبدو على وجه الأم والصوت الذي يصدر منها، ينتقل إلى الأطفال ويصبح الخوف بنفس الأسلوب. وتنتاب المصاب بالخوف المرضي من الحشرات حالة من الرهاب بمجرد أن يسمع صوتها أو يراها حتى لو من بعيد، ولا يقتصر الأمر على الحشرات الخطرة؛ مثل: العقارب وبعض أنواع العناكب السامة، أو الكبيرة؛ مثل: الجراد أو بعض أنواع الذباب؛ لكن الفوبيا يمكن أن تكون من أصغر الحشرات، وهي بمعنى آخر فوبيا من مجرد جنس الحشرة.
يؤثر الخوف المرضي في المصاب؛ حيث يمكن أن يسبب له حرجاً في الأماكن العامة، إذا رأى حشرة ولو صغيرة، كما أن هذا الخوف يمنعه من التواجد في الأماكن، التي من الممكن أن تظهر بها الحشرات.
وفي هذا الموضوع سوف نتناول مرض رهاب الحشرات بالتفاصيل، والعوامل والأسباب التي تؤدي إلى الإصابة به، وطرق الوقاية الممكنة وأساليب العلاج من هذه المشكلة.

الخبرات السابقة

يمكن أن يكون وراء إصابة الشخص بمرض فوبيا الحشرات تخويف الأطفال بأسماء الحشرات، الذي يمتد معهم حتى عندما يتجاوزون هذه المرحلة، ويمكن أن ينتقل الخوف للأطفال من الكبار، فتصبح العملية وكأنها مشاركة وجدانية أو نوع من تقليد الآباء، وبسبب الحكايات المخيفة التي تحكى عن الحشرات والأضرار التي تسببها.
وكذلك يمكن أن يكون هذا الرهاب متعلقاً بالخبرات السابقة مثل أن يكون نتيجة رؤية إحدى الحشرات وهي تقرص شخصاً ما أو تسبب له أذى.
وكذلك يمكن أن يتعرض المصاب بفوبيا الحشرات للدغ من إحدى الحشرات، وبالتالي ينتابه الخوف المرضي من أي نوع من الحشرات حتى غير الضارة، ويخاف البعض من حشرات معينة؛ بسبب شكلها المرعب أو المخيف؛ مثل بعض أنواع الذباب، والخوف يزيد في حالة الزواحف مثل البرص وغيرها.

هلع شديد

يظهر على الشخص المصاب برهاب الحشرات عدد من الأعراض، منها الهلع والذعر الشديد بمجرد رؤيته أي حشرة، حتى لو كانت غير مؤذية على الإطلاق أو حشرة بسيطة.
ويمكن أن تصل حالة الهلع الذي يصيبه إلى درجة أن يجري ركضاً، وسماع أصوات بعض الحشرات دون رؤيتها يصيب المريض بالرعب. وفي بعض الحالات الشديدة يمكن أن يصاب بالرعب ويصرخ بشكل مستمر دون توقف لمجرد رؤيته أي حشرة، ويكون ذلك أمام الناس وفي الأماكن العامة، وهذا يسبب الحرج للمصاب أمام الآخرين؛ بسبب الخوف الزائد الذي يصيب مريض فوبيا الحشرات وترتفع درجة حرارة جسمه، وفي نفس الوقت يهبط فيه ضغط دمه بسرعة.
ويعد من أكثر مخاطر الخوف الشديد من الحشرات أن ينتقل للأبناء، وبالتالي تجعلهم يكرهون مواد دراسية مثل العلوم والأحياء.

فوبيا الصراصير

تعد حشرة الصرصار أكثر الحشرات إثارة للرعب والخوف، ويصل الأمر لدرجة أن هذه الحشرة أفرد لها الباحثون تصنيفاً خاصاً بها، ويعد رهاب الصراصير أحد الأمراض النفسية التي تنتشر بصورة كبيرة لدى النساء، خاصة اللاتي تقل أعمارهن عن 40 سنة.
ويصيب هذا الخوف من الصراصير أصحاب المنظومة السيكولوجية الحساسة والضعيفة، وأبرز أعراض فوبيا الصراصير تتمثل في عدم قدرة المريض على الاحتكاك بهذه الحشرة؛ نظراً لخوفه الشديد منها، الذي ينبع من اللاوعي.
وتمثل له هذه الحشرة عدواً لا يستطيع التفكير فيه أو أن تأمله؛ لأنه يشعر بالقشعريرة تسري في جسده، ويمكن أن تصل الأعراض في بعض الحالات إلى فقدان الوعي والوقوع في غيبوبة. ويتأثر المصابون بهذا النوع من الخوف المرضي بشكل الحشرة؛ حيث إن قوائم الحشرة الخشنة المنشرية، ولونها البني المائل للسواد، والبريق الذي يظهر على ظهرها، كل هذا يجعل المصاب يشعر بالاشمئزاز؛ لأنه يربط هذه المظاهر بالمكان الذي يتواجد فيه الصرصور.
والصرصار يعد مرادفاً لكل ما هو مقزز؛ وذلك لأنه يعيش في مجاري الصرف الصحي، وهذا الأمر يجعله كتلة متحركة من البكتيريا والجراثيم والأمراض الفتاكة.

مشكلة نفسية

تعد فوبيا الحشرات مشكلة نفسية، وبالتالي فإن المصاب بها يحتاج إلى عرض نفسه على طبيب نفسي، حتى يقدم له المساعدة المناسبة؛ ليتجاوز مخاوفه المرضية. ويجب في بداية العلاج تحديد إن كان ما يشعر به الشخص المصاب هو حالة خوف مرضي بالفعل، أما أنها مجرد نفور وتقزز فقط، وعامة فإن المعالجين النفسيين ينصحون بعدد من النصائح في هذا المجال، ومنها عند رؤية أي حشرة لا يجب أن يهرب الشخص المريض منها؛ بل عليه أن يحاول قدر الإمكان أن ينظر إليها مدة ثوان قليلة. ويمكن أن يحدث نفسه بأنها لن تؤذيه وأنها ليست مخيفة، وبعض من الأطباء النفسيين ينصحون بوضع صور للحشرات على الحائط والنظر إليها باستمرار، ويكون كأنه تمرين يومي؛ لأن هذه الطريقة تقلل من مخاوف المريض بفوبيا الحشرات، التي تتلاشى بفضل هذه الطريقة.
ويفيد جمع معلومات عن الحشرات في تقليل هذه المخاوف الشديدة، وعلى سبيل المثال يمكن التعرف إلى حجم الحشرة وأنواعها ونقاط ضعفها وكيفية تكاثرها والطعام الذي تتناوله وكيف يمكن التخلص منها، وهل يوجد منها أضرار على الأشخاص. والقاعدة في التعامل مع الحشرات أنها لا تحاول إيذاء أحد إلا لأنها خائفة منه، وبالتالي فيجب على الشخص عدم محاولة إيذاء الحشرة إلا إذا كانت مؤذية أو سوف تسبب له بعض الأضرار، فيمكنه القضاء عليها بالطرق الآمنة.
وكذلك يفيد في التخلص من فوبيا الحشرات التفكير في أن التخلص من الحشرات هو أمر سهل وميسور، ويمكن أن يوفر الشخص مبيدات حشرية في البيت بشكل دائم حتى يسهل التخلص منها، وعليه أن يطمئن نفسه بأن القضاء عليها هو أمر يسير ويتم بكل السهولة.

تمارين التأمل

يمكن أن يفكر المريض في الحشرات التي تخيفه بأنها ضعيفة، ولا تستطيع أن تصل إليه، وبالتالي فهي لن تؤذيه بهذا التصور الذي يسيطر عليه، وهذا التفكير يفيد في أن يجعل المصاب أكثر هدوءاً عند رؤية هذه الحشرة في أي مكان.
ومن المهم أن يواظب على التفكير بهذا الشكل بصورة دائمة، وتفيد أيضاً ممارسة تمارين التأمل؛ حيث تزيد من هدوء المصاب بالفوبيا، وتجنبه نوبات الذعر الزائدة. وتعد اليوجا مفيدة للغاية، وتساعد المريض على تجاوز مخاوفه شرط أن ينتظم فيها، كما أن الاختلاط بالذين لا يخافون من هذه الحشرات، يمكن أن يشجع المصاب بهذا الخوف المرضي على التقليل من تأثيره.
والتمارين اليدوية مهمة لتحسين الحالة المزاجية، ومن أمثلتها استخدام طرق التلوين والرسم، وبالنسبة لحالات الهلع الشديد يمكن تناول عقاقير دوائية؛ للقضاء على هذه الحالة، ويكون هذا تحت إشراف الطبيب المختص، وإن كان يفضل العلاج دون هذه الأنواع من العلاجات الكيماوية، التي تترك آثاراً جانبية، ويمكن أن يكون للأسرة دورها الجيد في التخلص من هذه الحالة المزعجة.

الواقع المعزز

أظهرت دراسة حديثة أن نظام الواقع المعزز يمكن أن يساعد الأشخاص، الذين يعانون رهاب الحشرات على تخطي هذه المخاوف، التي تنتابهم بقسوة.
ويعتمد هذا النظام على جلوس المشاركين أمام منضدة، وهم يرتدون سماعة الواقع الافتراضي، التي تكون مزودة بكاميرا؛ بحيث يعرض لهم شريط فيديو على نفس المنضدة التي يجلسون أمامها؛ لكنها مغطاة بالصراصير.
ويكون المعالج قادراً على التحكم بعدد الصراصير، التي يشاهدها المريض؛ حيث يقوم بزيادة العدد تدريجياً خلال جلسات العلاج، وهكذا يظل المريض يرى المزيد والمزيد من الصراصير، دون التعرض لأي أذى حتى يتم الشفاء من هذه المشكلة.
وبحسب الباحثين فإن 6 من النساء اللاتي تمت الدراسة عليهن سجلن مستويات عالية من القلق عندما واجهن الصراصير الافتراضية، وهذا القلق يعد مؤشراً جيداً على مستقبل الحقيقة المدمجة، فإذا استطاعت الصراصير الافتراضية إنتاج نفس الأعراض، التي تسببها الحقيقية، فيمكن علاج أنواع أخرى من الرهاب بنفس الطريقة؛ حيث يتم استخدام ذات التقنية في علاج المخاوف، التي يكون علاجها غير آمن؛ مثل: الخوف من الطيران أو المرتفعات أو الأشياء الميتة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"