العمل الإنساني والبيئة الاجتماعية

03:25 صباحا
قراءة 3 دقائق
د. داود حسن كاظم *

يحتفل العالم سنوياً في 19 من أغسطس/آب من كل عام باليوم العالمي للعمل الإنساني، للإشادة بعمال الإغاثة الذين يجازفون بأنفسهم في مجال الخدمات الإنسانية. كما يراد من هذا اليوم كذلك حشد الدعم للمتضررين من الأزمات في جميع أنحاء العالم. وقد تم اختيار شعار هذا العام 2017 #لست_هدفاً (#NotATarget)،
وسيجتمع الشرکاء في المجال الإنساني للتأکید أن المدنیین الذین یتعرّضون للصراع ليسوا أهدافاً، وستتم المناداة من خلال حملة عالمية على الإنترنت تضم شراكة مبتكرة في بث حي مع الفيسبوك، جنباً إلى جنب مع الفعاليات التي ستعقد في جميع أنحاء العالم، في سبيل التعريف بمن هم الأشد ضعفاً في مناطق الحرب، ولمطالبة قادة العالم ببذل ما في طاقتهم لحماية المدنيين في مناطق الصراعات.
وتسير هذه الحملة وفق تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بشأن حماية المدنيين، الذي دُشن في وقت سابق من هذا العام. داعياً إلى تعزيز احترام القانون الإنساني الدولي وقانون، حقوق الإنسان، وحماية المدنيين، بمن فيهم العاملون في المجال الإنساني والطبي، فضلاً عن الهياكل الأساسية المدنية.
إن الاحتفال بهذا اليوم جاء بناء على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 63/ 139 تحت عنوان «تعزيز تنسيق المساعدة الإنسانية التي تقدمها الأمم المتحدة في حالات الطوارئ»، في 11 ديسمبر/كانون الأول 2008.
} ما تعريف العمل الإنساني؟
هو الجهد التطوعي الفني، والمادي، والمعنوي، والعلمي، والاقتصادي الذي يقدمه الفرد إلى بني جلدته من البشر الذين يعملون للنهوض بالقضية الإنسانية، وكذلك للأفراد الذين قضوا نحبهم أثناء أداء مهامهم. ويعتبر هذا العمل ضارباً في القدم، فهو جزء من عادات وتقاليد وأخلاقيات المجتمعات في العالم، إلى جانب التأكيد عليه من قبل الأديان السماوية من خلال الدعوة للرحمة والعطاء والمبادئ وخدمة الإنسان لأخيه الإنسان.
} من يقدم العمل الإنساني؟ ومتى؟
كل من يستطيع على ذلك تطوعياً، سواء كان فرداً، أو مجموعة، أو مؤسسات حكومية، أو مجتمعاً مدنياً، أو قطاع الخاص. وكل واحد من هؤلاء يقدم الجهد الذي يناسبه، وبحسب إمكاناته المادية والمالية والفنية ومهاراته في فترات السلم والكوارث والطوارئ والحروب والصراعات من دون تميز على أساس الجنس، أو العرق، أو اللون، أو الدين. وكأي عمل، لكي يكون منتجاً ويقدم الفوائد المرجوة منه، لابد أن يكون منظماً وخاضعاً لاعتبارات إدارية، ولوجستية، وصحية، وأخلاقية، ويكون تحت إشراف وتنظيم وقواعد الدولة والمنظمات العالمية مثل الأمم المتحدة وهيئاتها المعنية، إلى جانب الأعراف والاتفاقيات الدولية المعمول بها والمتعارف عليها. لكون ذلك يمثل بديهيات وآليات تسهم في الوصول إلى أعلى النتائج بأقل الخسائر، وفي أوقات قياسية. كما أن العنصر البشري المنخرط في هذه المهام يجب أن يحصل على التدريب الكافي في كيفية التعامل مع مفردات المهمة، وإتاحة الفرصة لتقديم واقتراح الآراء والحلول على ضوء مهاراته، وخبراته، وتجاربه السابقة والحياة.
ولابد أن يحصل العامل في تلك المهام على الحماية الكافية والغطاء القانوني، والمالي، والمادي، والمعنوي، كي لا يشعر بأنه في غابة من المشاكل والمعوقات، وحيداً من دون دليل ومعين. وأصبح العمل الإنساني محفوفاً بالعديد من المخاطر منها التعرض للإصابات والخطف، والاعتقال، والقتل، والسرقة، والابتزاز.
إن اختيار هذا اليوم العالمي هو نوع من التكريم «لجميع العاملين في مجال تقديم المساعدة الإنسانية وموظفي الأمم المتحدة والأفراد المرتبطين بها الذين يعملون للنهوض بالقضية الإنسانية وإحياء لمن قضى نحبه منهم خلال أداء مهماتهم».
ونحن نستلهم تراثنا الاجتماعي في هذا الخصوص، تبرز خصال المجتمع العربي وهو يمارس دوره التلاحمي بالفطرة، ومن دون مقابل لأنه يستند أيضاً إلى العادات والتقاليد وتعاليم الدين الحنيف.
وفي «عام الخير»، تؤكد دولة الإمارات أن عطاءها الإنساني ليس جديداً، بل هو متجذر في تاريخها، إلا أنه في كل حقبة زمنية يتطور ويكبر بحسب الإمكانات التي تستطيع القيادة والشعب والمقيمون على أرضها تقديمها لمن يحتاجها، ضمن برامج متنوعة، سواء كانت بسبب الكوارث الطبيعية أو الصراعات والحروب التي ينتج عنها التشرد واللجوء إلى المخيمات في بقاع الأرض كافة. والمطلوب هو تثقيف وتربية أجيال الحاضر والمستقبل على هذه القيم، لأنها أصبحت علامة دالة على تفاعل الدولة مع الإنسانية من خلال العمل الإنساني.
بارك الله بكل العاملين في هذا المجال والرحمة لشهدائه في أي موقع، ومكان.
* خبير بيئي وزراعي
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"