جين غودال: الشمبانزي تخشى السخرية وتشعر كالإنسان

بلغت الـ 78 ولاتزال تجاهد لإنقاذها
13:02 مساء
قراءة 4 دقائق

جين غودال إحدى رائدات علم الأوليات (القردة العليا)، فقد أثبتت أن القردة ليست ذكية فحسب، لكن يمكنها أيضاً أن تعبر عن مشاعر وأحاسيس تقترب من مشاعر الإنسان، غودال تستحق أن تكتب حياتها في رواية من روايات المغامرات، فهي متخصصة في علوم الانثروبولوجيا، والقردة العليا وعلم السلوك، لذلك يمكن القول إنها غدت أسطورة حية، فأبحاثها حول سلوك الشمبانزي التي تعيش في براري إفريقيا، تثبت أن هذه الحيوانات أحدثت ثورة في علاقاتها مع الإنسان . وفي سن ال،78 لم تزل غودال تعمل جاهدة لإنقاذ الأنواع المهددة بالانقراض، فضلاً عن كفاحها الدؤوب في مجال حقوق الإنسان . استغلت مجلة إيل الفرنسية وجود غودال في فرنسا بمناسبة ظهور الفيلم الوثائقي الرائع شمبانزي من إنتاج اليستر وماركلينفيلد التابعة لديزني كي تقتطف منها أحد الدروس القيمة في الإنسانية فكان هذا الحوار:

في سن العاشرة كنت تحملين بين ذراعيك قرداً صغيراً، وكنت قطعت وعداً على نفسك بأن تعيشي يوماً في الغابة، ما قصة ذلك؟

كنت أعيس في بورنموث، في جنوب انجلترا، على شاطئ البحر . قرأت مغامرات طرزان لمرات عدة، وفي أربعينات القرن الماضي، كانت العديد من الفتيات يعشقن ويسمولير جوني الذي لعب بطولات عدة في السينما، أما أنا فوقعت في الحب الحقيقي لطرزان، والغابة والحيوانات من خلال الكتاب .

منذ أن كنت صغيرة السن وأنت مفتونة بسلوك الحيوان، لماذا؟

وأنا طفلة كنت أعرف أن الحيوانات ليست مجرد بهائم، بل تتمتع بالذكاء ولها مشاعر أيضاً . كان عندي كلب هجين وبدأت من خلاله دراسات سلوك الحيوان بشكل لم يكن علمياً .

كيف وصلت وأنت لم تزالي شابة إلى شرق إفريقيا؟

كان عمري 23 عاماً، ودعتني صديقة إلى كينيا، وكان عليّ أن أدخر المال كي أقوم بهذه الرحلة، وهناك رافقت عالم الأنثروبولوجيا الكبير لويس ليكي في رحلة سفاري إلى تنزانيا . وطلب مني ليكي مساعدته في دراسة الشمبانزي، وكان عليّ تسوية وضع إقامتي مع السلطات في تنزانيا التي كانت آنذاك محمية بريطانية، في البداية جاء الرفض، لعدم الرغبة في تحمل مسؤولية شابة إنجليزية تعيش بمفردها في البراري . وعندما وافقت والدتي على أن ترافقني وافقت حينها السلطات، علماً بأن الجميع كان يرى أن تصرف والدتي كان غير مسؤول لكنها شجعتني دائماً .

كيف كان لقاؤك مع الشمبانزي؟

في البداية هربت مني، وبعد شهر، كنت أكثر حذراً، ولم أكن أقترب منها كثيراً ولاحظت أن الواحدة تفلي الأخرى من القمل وتميل الى اللعب وصناعة الأدوات واستخدامها في تناول الطعام . والحقيقة أنني فتنت بها وقضيت شهراً أجمع المعلومات حول سلوكها في ذلك الوقت، لم أكن مؤهلة من الناحية العلمية، ولذا عدت إلى انجلترا للدراسة في جامعة كامبريدج ثم تخرجت ورجعت إلى إفريقيا .

أثبت أن الشمبانزي ليست ذكية فقط، لكنها تتمتع بمشاعر مثلها مثل الإنسان تقريباً، فما هذه المشاعر؟

الشمبانزي تعرف الحزن، والخوف، والفرح، والغضب، ولذة السلطة، مثلنا تماماً، وتشعر بالحرج وأتذكر فلويد وهو قرد يبلغ من العمر 6 سنوات، وكان يسعى إلى لفت انتباه والدته وشقيقها اللذين كانا يفلي أحدهما الآخر من القمل . كان هذا القرد يقدم استعراضاً حقيقياً، ويقفز من فرع إلى آخر، ويصرخ لكن نظراً للمبالغة في الألعاب البهلوانية سقط من أحد الأفرع ثم أخذ ينظر خلسة حوله وهو يفكر آملاً ألا يكون أحد لاحظ هذه السقطة السخيفة . وهنا أود أن أؤكد لك أنه كان محرجاً جداً، لأنه تصرف تصرفاً أخرق أمام العامة .

هل تعتقدين أن الشمبانزي لديها وعي؟

نعم، فهي على بينة مما هي عليه وتعلم بوجودها، وأثبت الباحثون أنها تتعرف إلى صورتها عندما تنظر في المرأة، وتفهم أن هذه الصورة تمثلها .

في الفيلم الوثائقي الشمبانزي لوحظ أن العلاقة بين القرد الصغير أوسكار ووالدته مفعمة بكثير من الحنان، فهل إناث الشمبانزي تعرف غريزة الأمومة؟

نعم، الأمهات ترعى، وتدلل، وتعلم أبناءها وتعمل على تأنيب وتهدئة صغارها والفرق الوحيد بيننا وبينها هو أن أطفالنا يبلغون مرحلة النطق والكلام .

أبحاثك غيرت الكثير من المفاهيم حول هذه الحيوانات، فكيف كان تفاعل العلماء إزاء هذه النتائج؟

العلماء في حكمتهم المتغطرسة، كانوا يعتقدون أن القردة التي تعيش في الأسر وعلى اتصال مع البشر هي القادرة على اتباع سلوكيات مشابهة لهم . وكان العلماء يعتقدون أن الشمبانزي التي تعيش في البراري تتصرف بشكل مختلف لكنهم اضطروا في النهاية إلى قبول ما لم يريدوا قبوله .

يوجه البعض انتقادات للمدافعين عن الحيوان، بأنهم لا يهتمون بالبشر بالدرجة نفسها، وما رأيك؟

معاناة البشر والحيوانات والبيئة ترتبط ارتباطاً لا ينفصم، بدأنا برنامج الجذور والبراعم، في عام 1991 مع 12 طالباً في تنزانيا . واليوم ثمة شبكة ضخمة تعمل في 132 بلداً على مشاريع محلية رائدة لتحسين نوعية البيئة وحماية الحيوانات، أيضاً لتطوير الرعاية الاجتماعية ومفهوم رفاهية المجتمع، ونحن بحاجة للأموال لمواصلة هذه الأعمال .

في سن ،78 مازلت تجوبين العالم بلا كلل، فمن أين تستمدين هذه الطاقة؟

جين غودال: أسافر ثلاثمئة يوم في السنة، وأحب إفريقيا بشغف وعندما أكون وحيدة في الغابة، أشعر بالسعادة، فهي بالنسبة لي مكان ثمين جداً لأنني أكون في تواصل مستمر مع الحياة حيث فيها الحشرات والحيوانات والأشجار . وبما أنني بروح الغابة أتخيل أنني ألمس السماء فيها .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"