حصون الإمارات شواهد التاريخ والتراث

تحتفظ بالعديد من التفاصيل الفنية والجمالية
05:52 صباحا
قراءة 3 دقائق
أبوظبي -مني أبو نعامة:
تعتبر الحصون من أكثر الأماكن التي يأوي إليها الناس وقت الحرب للأمن من الأعداء ودرء شرهم وصد الخطر عن حياة السكان وحمايتهم، وللحصون في دولة الإمارات العربية المتحدة رمزية خاصة وجمالية متميزة بوصفها الشواهد الحضارية الباقية التي مازالت شامخة وصلبة وباقية تغالب عوادي الزمن، وقد كانت تمثل وسائل للذود عن حياض القبيلة وكرامتها، وتنتشر الحصون في مختلف إمارات الدولة، وهي تزيد على 33 حصناً، وأقدمها "حصن الفجيرة" الذي بني عام 1670 فوق تلة مرتفعة، وقد جرى ترميم العديد من هذه الحصون في ثمانينات القرن المنصرم .
اكتسبت الحصون أهمية كبيرة في التاريخ العسكري للإمارات حيث كانت تمثل وسيلة دفاعية عن المدينة ويحتمي بها أهلها في أوقات الحرب من أي خطر خارجي، ويشير الباحث في مجال التاريخ والتراث ناصر العبودي في كتابه "دراسات في آثار وتراث دولة الإمارات العربية المتحدة" إلى طريقة بناء الحصون ومواد البناء بقوله: "يبنى الحصن عادة من الأحجار المرجانية والجص والخشب، بارتفاع يتراوح بين 10 إلى 15 متراً، ويتألف من باب سفلي داخلي يقود إلى سلم يؤدي إلى طبقات عدة، يتواجد فيها الحرس من أجل المراقبة والدفاع، حيث تحتوي جدرانها على فتحات ضيقة (مزاغل) موزعة على محيط جدرانها من أجل الرمي، وكذلك للقيام بأعمال الاستطلاع والاستكشاف للدفاع عن المنطقة من جميع الجهات" .
وعن شكلها ووظيفتها التاريخية والأمنية يقول العبودي: "تتخذ معظم الحصون في الدولة الشكل الدائري، ويسمى باللهجة المحلية "بري" أي البرج، وكان يستخدم للحراسة والحماية، لأنه لم تكن هناك مبان عالية قديماً، وكان الحصن يؤدي الغرض كوسيلة أمان، حيث كان الناظر يطلق الصائح (صافرة إنذار) لتحذير الناس، لذلك كان يتعين على من يقوم بالحراسة أن يكون قوي الصوت والنظر" .
وتكتسي الحصون أهمية خاصة في إمارة أبوظبي، ويعتبر الحصن الأبيض من أشهر الحصون في الإمارات، كما يقول علي محمد راشد في كتابه "الحصون والقلاع في دولة الإمارات العربية المتحدة"، وقد بني عام ،1793 وهو يتكون من بناء ضخم يغطي مساحة 6400 متر مربع تحميه أربعة أبراج، وطوال سنوات كثيرة كان يقف وحيداً بين الخيام وبيوت سعف النخل، وشهد الحصن أعمال ترميم وتجديد كثيرة ليأخذ شكله الحالي .
وتعتبر مدينة العين من أكثر مدن الإمارات حظاً في الحصون، وأكبر حصونها هو حصن الجاهلي الذي بني عام ،1898 وهناك الحصن المربع ويسمى حصن الشرطة، والحصن الشرقي الذي بني عام ،1910 وهو المكان الذي ولد فيه المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وهناك حصن الرميلة يقع شمال المدينة . وحصن المويجعي . وحصن الهيلي، وكل منهما يقع وسط واحة نخيل خضراء . وحصن المقرب الذي يتكون من مبنى رئيسي وحصن أصغر ببرج مراقبة . بينما يقع حصن مزيد عند سطح جبل حفيت . وهناك حصن حتا وبرجان منفصلان بنيت كلها في العقد الأول من القرن السابع عشر وحصن بثنة المبني وسط واحة خضراء ترتفع خلفها جبال حجرية .
كما يوجد في بقية الإمارات الأخرى عدد من الحصون التي لعبت أدوراً تاريخيةً لا تزال عالقة في أذهان السكان، ومنها حصن الفهيدي الذي بني عام 1800 وحصن نايف في دبي، وحصن الشارقة الرئيسي بني عام ،1820 وحصن دبا، وحصن رأس الخيمة الذي بني عام ،1749 وحصن الفجيرة، وحصن الحيل في الفجيرة أيضاً . وحصن عجمان، وحصن أم القيوين الذي يعود تاريخ بنائه إلى عام 1867 .

طابع معماري مميز

تتميز حصون الدولة بعناصر معمارية وجماليات فنية تعكس البعد التاريخي لتكوينها العمراني، وبعدها الجمالي كذلك، حيث تعود بعض مفرداتها الفنية إلى الطابع المعماري للعصرين الأموي والعباسي، كما استخدم في بناء بعضها الحجر المرجاني والجص وأخشاب الصندل وجذوع النخيل، واستخدم في بناء بعضها الآخر؛ الأحجار الصدفية والطينية . ورغم من أن بعض المعالم الرئيسية قد اختفت في بعض الحصون، إلا أن بعضها لا يزال يحتفظ بالعديد من التفاصيل الجمالية كالسقوف المصنوعة من الحجر وزخارف فتحات الرماية .

بعد جمالي

البعد المعماري والجمالي للحصون في الإمارات جعل منها شهوداً شامخة تروي قصة الماضي وتختزن ذاكرة المكان في أجمل صوره وأروع تجلياته، ذلك المكان الذي كان ولا يزال، بشواهده الباقية، شاهداً على حقب زمنية مملوءة بالقيم والمفردات العمرانية التي تعد امتداداً لطابع العمارة العربية والإسلامية في هذه الأرض، حيث لا تزال تزين بعض تلك الشواهد التاريخية مداخل بعض المؤسسات الرسمية، ك"نادي تراث الإمارات"، و"القرية التراثية" وغيرهما، كما تضفي بنكهتها التراثية المتميزة سمة جمالية ترافق الحاضر وتسافر إلى الماضي الأصيل .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"