منال السيد: المرأة انزوت بعد ثورة 25 يناير

المشهد يسوده التخبط والارتباك
05:51 صباحا
قراءة 5 دقائق

ترى الكاتبة المصرية منال السيد أن كل مشاهد الحياة في مصر بعد ثورة 25 يناير لا تنفصل عن بعضها، حيث يسودها التخبط والارتباك وعدم الوضوح، لذلك تخشى من الخوف الذى عاد وبدأ يتسلل إلينا مرة أخرى مع صعود التيارات الإسلامية ووصولها للحكم، حيث سنعود وندخل في معارك من المفترض أنها حسمت منذ عقود، ليتم محاسبة الأديب على كل لفظة، وأيضا مطالبته بتفسير معنى كل كلمة كتبها .

منال السيد روائية وقاصّة وفنانة تشكيلية أقيمت لها معارض فردية وجماعية عدة، وصدرت لها ثلاث مجموعات قصصية هي الذي فوق، أحلى البنات تقريبا، ودوقة البلاد، ومؤخرا رواية غنا المجاذيب .

كيف ترين المشهد الثقافي الآن؟

- كل المشاهد في مصر لا تنفصل عن بعضها، والأمور حتى الآن غير واضحة حيث يعتريها القلق والخوف، وربما بها بعض الأمل، ورغم ذلك أرى أن عام 2011 هو عام فريد في تاريخ مصر، فبعد الثورة اليوم الواحد يوازي ما يقارب عشر سنوات بأحداثه، تقلباته، تطوراته، انتقالاته من الفرح إلى الحزن، والأمور حتى الآن مرتبكة بذهني، لذلك لم أستطع الكتابة والتعبير عنها أدبيا، فالكتابات التي تلت الثورة بها رعونة أكثر من النضج، ولهذا اتجهت إلى إكمال مشاريعي الأدبية التي كنت قد بدأتها منذ فترة ولم أنته منها بعد .

رغم أن المرأة كانت مشاركاً أساسياً في الثورة فإننا لم نلمح أن هناك كتابات نسائية حاولت رصد أحداث الثورة أو التعبير عنها؟

- المرأة بعد الثورة حدث لها انزواء لا أجد له سبباً، وذلك واضح بداخل كل التيارات السياسية حتى الليبرالي منها، وكأنما تم إقصاؤها عن عمد، وهو ما لا يتناسب مع ثورة 25 يناير، إلى جانب أنني أخشى من الإقصاء المنظم والممنهج الذي سيحدث في الأيام المقبلة .

بدأت قاصة ثم تحولتِ إلى كتابة الرواية . . لماذا؟

- أرى أنه تطور طبيعي وليس تحولاً، وبرغم ذلك ما زلت أكتب القصة وأنشرها حتى الآن، وما زال عشقي الأول للقصة القصيرة، لكن الرواية تجربة فنية فريدة وممتعة جدا حيث الدخول إلى عالم من صنعي ككاتبة وأديبة ثم أصدره بعد ذلك للآخرين .

البعض عاب عليك أنه ليس لرواية غنا المجاذيب موضوع رئيسي تدور حوله؟

- حاولت في الرواية أن أخلق مشروعاً يمزج ما بين الأفكار والشكل التشكيلي الهندسي، والبعض أكد لي نجاحي في المزج بين عدة حالات مع عدم إعطاء الدور الرئيسي أو دور البطولة لشخصية واحدة، وكأنني أردت من هذا أن أجعل من كل شخصيات الرواية أبطالاً، كما أنه في مجموعاتي القصصية كان يعاب عليّ الذاتية الشديدة لذلك راهنت في أولى تجاربي الروائية على الخروج من هذه الذاتية، فعندما تم حصر عدد شخصيات الرواية قيل إنها 39 شخصية، حيث كانت الرؤية بالنسبة لي أن يكون المجموع هو البطل وليس فرداً واحداً .

لماذا كنت حريصة على وجود تداخل ما بين مشاهد من أفلام سينمائية قديمة وأحداث الرواية؟

- لا نستطيع أن نسلخ عن مصر فكرة السينما بأي حال من الأحوال، لأن الصورة المتخيلة لنا كمصريين مأخوذة عن أفلامنا سواء في الدول العربية أو غيرها من البلدان، فالسينما مكون أساسي في الشخصية المصرية الحديثة .

يعتمد أسلوب بناء الرواية على ما يسمى بالحكي الشفاهي ألا ترين أن هذا مرهق للقارئ؟

- كنت مرعوبة من تلقي القارئ هذا الكم الضخم من الحكايات، وربما هذا ما جعلني أحجم عن نشرها لفترة طويلة، حيث استغرقت كتابتها مني سبع سنوات، أما إن كنت أبحث عن السهولة فربما كنت اخترت الشكل التقليدي للرواية، حيث الشخصيات أقل والأحداث تتسلسل في شكل تقليدي، هذا إلى جانب أن الرواية هي التي اختارت شكلها البنائي ولست أنا، فتولدت الفكرة لدي في البداية وما كان مني إلى أن تتبعتها حتى النهاية، فالكتابة لديّ تشبه رسم صورة ما حيث أقوم في البداية برسم الخطوط الخارجية والرئيسية أولا، ثم أتتبع الشكل جزءاً فآخر، وهذا ما حدث أثناء كتابة الرواية، حيث وضعت الخطوط الخارجية ثم توالت الأحداث بعد ذلك .

ألاحظ في الرواية اهتمامك برصد اللحظات الحزينة في حياة شخصياتك وكأن السعادة لا تعرف طريقها إليهم؟

- الرواية عبارة عن تنهيدة أو زفرة أردت التعبير عنها، أما الفرح فتمثل في البحث عن الماضي، وكأننا في خضم كل أحزان هذه الحياة نتوقف لنتذكر لحظات سعيدة وجدت في حياتنا، ونتمنى أن تمر بنا مرة أخرى، ولذلك فالرواية لا يوجد بها البناء التقليدي للرواية من حيث البداية والنهاية والعقدة .

لماذا اهتمامك الشديد بكشف وتعرية دواخل شخوص روايتك؟

- لأنني أرى أن الحقيقة هي ما يدور بداخلنا، وهو غالبا ما لا يفصح عنه الإنسان ويحتفظ به لنفسه، ويجمل حواره الخارجي بالعديد من المجاملات وربما الأكاذيب أيضاً، ولكنه عندما ينفرد بذاته لا يستطيع أن يكذب على نفسه أو يجمل في الحقائق، وهذا ما قصدت توضيحه لدرجة أن هناك شخصيات بالرواية تتحدث بعد موتها، وهي لم تستطع الكلام طوال حياتها، وهناك من يتحدث مع نفسه كشخصية العم .

كان يقال إن إحسان عبد القدوس استطاع أن يعبر عن المرأة أكثر من نفسها واليوم هل استطاعت المرأة أن تخرج من الدوران في فلك الرجل؟

- فكرة أن إحسان استطاع أن يعبر عن المرأة أكثر من نفسها هو تعبير غير صحيح، وربما قيل هذا لأنه لم يكن هناك كاتبات في ذلك الوقت استطعن أن يصلن إلى دائرة الضوء، خاصة أنه معروف عن فترة الستينيات أنها فترة النجم الأوحد كأم كلثوم في الغناء، وعبدالوهاب في التلحين وهكذا، وربما كان هناك العشرات من الموهوبين، لكنهم لم يستطيعوا الوصول لدائرة الضوء، وربما في ذلك الوقت كانت توجد كاتبات عبرن عن أنفسهن لكنهن لم يظهرن إعلامياً، والمرأة قادرة على أن تكتب وتعبر عن أشياء لا يستطيع كاتب مهما أوتي من موهبة أن يشعر بها أو يعبر عنها، فالمرأة ليست لديها مشكلات كبيرة لكن لديها تفاصيل كثيرة، هي مغرمة بها بعكس الرجل تماماً .

في أعمالك تحكين عن نفسك وذكرياتك وطفولتك فهل نستطيع أن نعتبر أن هذه الأعمال سيرة ذاتية؟

- دراستي عن التصوير الزيتي بكلية الفنون الجميلة علمتني أنه عندما يرسم عشرة أفراد الشخص نفسه ستكون كل هذه الرسومات مختلفة عن بعضها بعضاً، فربما تكون العديد من المشاهد في أعمالي عشتها في الواقع لكن عندما أكتبها لا بد أن يكون هناك بعض الإضافات، لذلك لا أستطيع أن أقول إن كتاباتي سيرة ذاتية، أو نقل واقعي وحرفي للأشياء، وربما هذا واضح في شخصيات رواية غنا المجاذيب، حيث كان بعضها حقيقياً، وشخصيات أخرى متخيلة مع إضافات تتناسب مع كل شخصية على حدة حتى تؤدي الدور المطلوب منها .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"