نباتات ضارة تغزو البيئة

تنافس الأنواع المحلية على التربة والماء والغذاء والضوء
23:42 مساء
قراءة 6 دقائق
تحقيق: إيمان عبدالله
نباتات دخيلة غزت البيئة المحلية لها المقدرة على اقتحام البيئات الطبيعية والأنظمة الزراعية، لتنافس الأنواع المحلية على التربة والماء والغذاء والضوء ما يؤدي إلى تراجع النباتات المحلية وتدهور التنوع البيولوجي، وبعض هذه الأصناف يتم إدخالها إلى البلاد لاستخدامها في مجال الزراعات الحدائقية التجميلية وزراعات جوانب الطرقات أو البستانية، وبعضها عن طريق البذور والأسمدة العضوية، وأدى هذا إلى انتشارها وازديادها على حساب الأنواع المحلية وأصبح التخلص منها أكثر صعوبة .
يشير سلطان علوان وكيل الوزارة المساعد لقطاع الموارد المائية والمحافظة على الطبيعة بالوكالة إلى أنه توجد بعض النباتات الدخيلة التي غزت البيئة المحلية مثل نبات الغويف وهو دائم الخضرة يشتهر بأنه واحد من أكثر الأشجار المتحملة للجفاف والأراضي القاحلة، ولهذه النباتات المقدرة على غزو البيئات الطبيعية والأنظمة الزراعية .
ويضيف: "تقوم الوزارة حالياً بتنفيذ مشروع مسوحات للأنواع النباتية والحيوانية في بعض المناطق الهشة بيئياً حيث إن من مخرجات هذا المشروع إعداد قاعدة بيانات عن الأنواع الدخيلة الغازية للبيئة المحلية، إذ توجد العديد من الطرق التي تدخل بها النباتات بصفة عامة إلى بيئتنا منها على سبيل المثال الشتلات وتيارات المياه، والإتجار في تلك الأنواع عبر الاستيراد لاستخدامها للأغراض الزراعية" .
وعن فوائد النباتات الدخيلة، يقول: "بعض هذه الأنواع له قدرة عالية على تحمل درجات الملوحة العالية بالتربة، لذا فإن زراعتها في الأراضي المالحة لها فوائد، من أهمها إنشاء غابات خضراء في أراض هامشية باستخدام رشيد للمياه دون الحاجة لاستخدام موارد المياه العذبة الشحيحة، إضافة إلى إمكانية زراعة الأراضي المالحة ببعض المحاصيل الزراعية حيث إن بعضها يقلل من ملوحة التربة التي ينمو بها ويزيد من خصوبتها . وتستخدم هذه النباتات أيضاً كعلف للحيوانات أو في تجارة الأخشاب .
وعن أضرارها، يقول: عالمياً يعتبر انتشار الأنواع الدخيلة الغازية أحد العوامل الرئيسية المسببة للتدهور في التنوع البيولوجي، خاصة في ظل التوسع المستمر في التجارة الدولية وفي حركة النقل البري والبحري، ويسبب انتشارها العديد من الأضرار الأخرى منها تدهور الأراضي والتأثير في مخزون المياه الجوفية وعلى النباتات المحلية باعتبارها منافسة لها . ويشير إلى تنظيم ورشة عمل بالتعاون مع المكتب الإقليمي لغرب آسيا لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة بعنوان التصدي للأنواع الغريبة الغازية وذلك خلال الفترة من 11- 14 فبراير/شباط المقبل تهدف لمناقشة وتبادل الخبرات مع المنظمات العالمية والخبراء بغرض بناء القدرات وزيادة التوعية فيما يخص هذه الأنواع . وتعمل الوزارة في الدورة الاستراتيجية المقبلة على استكمال المنظومة التشريعية فيما يتعلق بالتنوع البيولوجي وبما يتفق مع الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة، وإنشاء قواعد بيانات خاصة بالأنواع الغريبة الغازية النباتية والحيوانية في الدولة، وإعداد خطة برامج لمكافحة هذه الأنواع بالتنسيق مع الجهات المعنية بالدولة، وتطوير برامج لرفع مستوى الوعي في المجال .
أشارت هنا سيف السويدي "رئيس هيئة البيئة والمحميات الطبيعية بالشارقة"، إلى أن من أبرز النباتات الدخيلة على المجتمع الإماراتي الداماس، والغويف، وتقول: "من الممكن أن تنتشر بواسطة الرياح، أو السيول، أو الطيور أو الحيوانات، ولكن تلك النباتات التي أدخلت الإمارات بواسطة التجار وبعض الأجانب الذين جلبوها لاستخدامها في التشجير والزينة وإقامة الغابات الصناعية أثبتت جدارتها في تحمل الظروف المناخية القاسية لبيئة الإمارات ولأنها بالرغم من هذه الظروف تبقى ذات اخضرار ومظهر جذاب، إضافة إلى ذلك تعتبر رعوية ولربما تم جلبها من قبَل التجار كمصدر غذاء لمواشيهم .
وعن فوائد النباتات الدخيلة، تقول: "الغويف ثماره غنية ومفيدة للرعي ، وأخشابه جيدة للوقود وهي مصدر جيد للفحم، أما الداماس فيستخدم كستار نباتي في المنازل والمزارع وتستخدم الأوراق كغذاء للمواشي" .
وعن أثر هذه النباتات، تضيف: "النباتات الدخيلة لها أضرار على البيئة والنباتات المحلية حيث إن الغويف، اجتياحية تحارب النباتات المحلية وتنافسها لتكوّن مستعمرات خاصة بها، وتحارب أشجار الغاف ذات الفوائد الجمة على البيئة والتوازن البيئي إضافة إلى أنها تعد خطراً على المياه الجوفية للدولة وتزيد من تملح التربة، وخطورة الغويف جعلت الاتحاد الدولي لصون الطبيعة يصنفه ضمن أخطر 100 نبات في العالم وذلك لمقدرته على غزو البيئات والأنظمة الزراعية وخطورته على النباتات والتنوع الحيوي، أما الداماس فضررها يكمن في جذورها القوية والكثيفة التي تمتد وتكسر شبكات المياه وتسبب الضرر لأساسات البناء" .
وعن دور الهيئة في إطلاق حملات توعية، تقول: "قامت هيئة البيئة والمحميات الطبيعية بتنظيم حملة (المدام بلا غويف) بالتعاون مع المجلس البلدي في منطقة المدام، حيث تم تقسيم المنطقة إلى أربع مناطق حسب الأهمية، من أجل التخلص من شجرة الغويف التي تشكل ظاهرة سلبية تثير قلق السكان وإداركاً لما تمثله هذه الشجرة من أضرار فعلية على حياتهم .
وكان الهدف من الحملة التوعية بالآثار السلبية لشجرة الغويف على الإنسان والبيئة وتحفيز جهود المجتمع المحلي للمساهمة في الحفاظ على نظافة المحيط البيئي في منطقة المدام، والتحفيز على التفاعل مع الأنشطة التطوعية، والمحافظة على المياه الجوفية وحماية الأشجار في البيئة المحلية من التأثيرات السلبية لهذه الشجرة، ووقاية المجتمع من المخاطر المرورية والأمنية التي تسببها .
ماهر قبشاوي "رئيس وحدة الأنواع والبيئات البرية المهددة في قطاع التنوع البيولوجي البري والبحري في هيئة البيئة -أبوظبي" يقول: هناك العديد من النباتات التي أدخلت إلى البلاد وليس بالضرورة أن تكون غازية حيث استخدمت في مجال الزراعات الحدائقية التجميلية أو البستانية بهدف الحصول على ثمارها وغيرها . إلا أن بعض تلك الأنواع كان لها المقدرة على الانتشار ومغادرة أماكن تواجدها ومن ثم ازدياد أعدادها ما أدى إلى منافستها للأنواع الأخرى سواء أكانت طبيعية أو مدخلة الأمر الذي أدى إلى انتشارها وازديادها على حساب تلك الأنواع وأصبح التخلص منها أكثر صعوبة، وبالتالي أصبحت نباتات غازية ذات أضرار مختلفة على البيئة وعلى الزراعات والنباتات الأخرى .
حصر 14 نوعاً نباتيا غازياً على مستوى الدولة وبدرجات مختلفة وتتراوح ما بين كونها أشجاراً أو حشائش أو أعشاباً صغيرة" . ويضيف: "أدخلت كافة هذه النباتات لأهداف معينة تزيينية أو إنتاجية من دون معرفة مسبقة أو بحث لمعرفة مدى مقدرتها على أن تكون غازية تؤثر في البيئات والأنواع المحلية وعلى الزراعات المختلفة . كما أن بعضها يدخل مع المواد الزراعية الأخرى كالبذور المستوردة غير النقية، أو الأعلاف الحيوانية المجففة، أو الأسمدة العضوية وغيرها من طرق الانتقال التي وجدت البيئة الملائمة للمنافسة والتكاثر والنمو والانتشار . وتساعد الرياح والمياه الجارية والحيوانات والإنسان في نقل البذور والوحدات التكاثرية لبعض تلك الأنواع خاصة التي تحتوي بذورها على الأشواك والشعيرات الصغيرة التي تسهل التصاقها بأقدام وأجساد الحيوانات والتي بدورها تقوم بنقلها من مكان إلى آخر كما أن البذور الخفيفة والمجنحة تنتقل بسهولة في الهواء" .
ويشير إلى أن للنباتات الغازية مضاراً أكثر من الفوائد فهي تعمل على منافسة النباتات المحلية والمزروعة على التربة والماء والغذاء والضوء ما يؤدي إلى اضمحلال وتراجع تلك النباتات ذات القيمة الاقتصادية .
ويضيف: "هذا ما نراه واضحاً في العديد من الأودية خاصة في الإمارات الشمالية حيث تعمل مياه الأمطار على توفير الرطوبة اللازمة لنمو بعض من النباتات الغازية ومن ثم تعمل على نقل بذور تلك الأنواع عند جريان الأودية، مثال على ذلك أشجار الغويف المقبلة من أمريكا الجنوبية تمكنت من الانتشار في العديد من الأودية منافسة بذلك الأنواع المحلية من الأشجار والنباتات الأخرى كالغاف وغيرها" .
ويشير إلى أن هيئة البيئة قامت بإجراء حصر شامل لكافة الأنواع الدخيلة والغازية على مستوى الإمارات قبل 4 سنوات اشتملت على تحديد طاقة هذه النباتات واشتملت أيضاً على الثدييات والطيور والزواحف والبرمائيات واللافقاريات المختلفة ونظمت حملة توعوية لذلك" .
يقول المهندس طلال محمد علي "رئيس قسم الزراعة": "توجد أنواع كثيرة من النباتات الدخيلة كالداماس والغويف وبعض نخيل الزينة والأروكاريا والأسباثورا، وغيرها أصناف عديدة وكثير منها جلب بغرض تجميل وتنسيق الحدائق . وبعضها كالغويف دخلت بذورها مع الأسمدة غير المعالجة في السبعينات وبداية الثمانينات وهذا النوع من الأشجار (الغويف والداماس) تبينت أضراره الصحية والبيئية . ويتم حالياً الاعتماد على نباتات البيئة المحلية في عملية التشجير والتنسيق لملاءمتها للبيئة .
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"