قال تعالى: هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم وقال أيضاً: ثم استوى إلى السماء وهي دخان إلى أن يقول سبحانه: فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها وفيها يبين الله مع العدد خلقه للسماوات السبع التي لم تكن شيئا قبل أن يوجدها (سبحانه) بإرادته، وأنها كانت كهيئة الدخان، وبعد أن أبدع سبحانه سبع سماوات محكمة البناء في قدرة إلهية باهرة ومعجزة، رتب سبحانه في كل سماء ما تحتاج إليه من الملائكة وما فيها من الأشياء التي لا يعلمها إلا الله، وبما يحفظ توازن الكون وانتظامه، وجاء كل ذلك الخلق للسماوات السبع وما فيهن في يومين، ولو شاء سبحانه لخلقهن في لمح البصر.
ويأخذنا العدد إلى مضاعفاته في الطريق إلى الله بقوله تعالى: مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم وفيها يضرب الله الأمثال حول مقدار مضاعفة الأجر والثواب لمن انفق في سبيله وابتغاء مرضاته، ومنها نعلم أن الحسنة الواحدة تتضاعف إلى سبعمائة ضعف فجعل الإنفاق في سبيله سبحانه كمثل حبة واحدة زرعت فأنبتت سبع سنابل في كل واحدة منها مائة حبة.. أي أن الحبة الواحدة تنتهي إلى سبعمائة مثلها.
يوسف ورؤيا الملك
وردت السنابل السبع مع البقرات السبع في قصة يوسف عليه السلام وهي من أجمل الآيات التي حفلت بالأعداد والدلالات شديدة العمق.. وعندما أراد الله أن يُفرج عن نبيه ويخرجه من السجن رأى ملك البلاد (مصر) آنذاك رؤيا غريبة أفزعته، فجمع لها السحرة والكهنة، فعجزوا عن تفسيرها فأرسلوا إلى يوسف فكانت عنده الإجابة والتأويل فقال تعالى: وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون.. إلى آخر الآيات التي تشير إلى قول رجال الملك وكهنته كانت أضغاث أحلام (أي خليط من الرؤى الكاذبة) وكان ساقي الملك حاضرا وقد رأى يوسف وجالسه وزامله واستمع إليه في السجن فتذكر وقال للملك أنا أخبركم بتأويل الرؤيا فأرسلوني إلى يوسف، وبعد أن قص عليه الرؤيا قال عليه السلام: تزرعون سبع سنين متتابعة بجد وعزيمة والذي تحصدونه اتركوه في سنابله لكي لا يأكله السوس (إلا ما أردتم تناوله) واتركوا الباقي حيث تأتي سبع سنين شديدة مجدبة ذات قحط على الناس بلا زرع ولا حصد وتأكلون ما ادخرتم إلا ما تتركونه لأجل الزراعة بعد ذلك ولكن يوسف زاد من عنده أيضاً مما علمه الله وقال: ثم يأتي بعد ذلك عام فيه يغاث الناس ويمطرون فيزرعون ويحصدون ويعصرون العنب وغيره لكثرة الخصوبة في الأرض والماء، وقد أعجب الملك وسر لهذا التأويل وأمر بإحضار يوسف عليه السلام وأطلق سراحه، ولكنه عليه السلام أصر أولاً على إظهار براءته من الاتهام الذي أدى به إلى السجن وعاود الملك استجواب النسوة وامرأة العزيز.. وعندما ظهر الحق جعله على خزائن الدولة ينظمها ويُصرف أمورها بالقسط والعدل.
سعة علم الله
ومع العدد نصل إلى بيان حول كلمات الله وسعة علمه سبحانه ويقدم لنا القرآن مثالا يقرب الأمر إلى أذهان الناس في قوله تعالى: ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم وهذا يعني أن جميع أشجار الأرض لو جُعلت أقلاما للكتابة وجعل البحر العظيم بحجمه الهائل حبرا ومداداً لتلك الأقلام وجعل من البحر ذاته سبعة أبحر مثله في الكبر والحجم لانتهت هذه الأقلام، وانتهى ذلك المداد العظيم من البحور قبل أن تنتهي كلمات الله الدالة على عظمته وصفاته العليا.
وأخيراً وسط كثير من دلالات العدد نتوقف أمام قوله تعالى: لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم وفيها يبين القادر سبحانه عدد أبواب نار جهنم (سبعة) ولا يعلم كيفيتها إلا الله تعالى، ولكن الثابت أنها دركات وطبقات بعضها أسفل بعض، وبعضها أشد من بعض، وفيها من ألوان العذاب الشيء الكثير.
