عادي

موسكو تحظر على الأمريكيين تبني أطفال روس

05:33 صباحا
قراءة 4 دقائق

وقّع الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، في ديسمبر/ كانون الأول، قانون ماغنيتسكي، الذي يسعى إلى معاقبة الروس الذين يُشتبه بانتهاكهم لحقوق الأطفال، ووقّع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في وقت لاحق من الشهر نفسه، قانون ديما ياكوفليف الذي يحظر على المواطنين الأمريكيين تبني أطفال روس .

وهكذا يجد البلدان نفسيهما في أجواء الحرب الباردة، التي تتخذ قضية الأطفال، ميداناً لها هذه المرة . .

في صحيفة الغارديان، (28-12-2012) كتبت الصحافية البريطانية، والناشطة السياسية لوري بيني: تتشاجر روسيا والولايات المتحدة على مَن منهما انتهاكاتها لحقوق الإنسان أكبر . فبعد أن وقعت الولايات المتحدة على قانون ماغنيتسكي، الذي يضع على القائمة السوداء أي روسي يُعتبر منتهكاً لحقوق الإنسان، ردّت روسيا بمنع الأزواج الأمريكيين من تبني أطفال روس، بعد أن تمّ تبنّي 60 ألفاً منهم في الولايات المتحدة منذ 1992 .

والحقيقة المثيرة للقلق هي أن فلاديمير بوتين، وعلى الرغم من المظاهر، قد أثار نقطة جوهرية . فالتجارة الدولية للتبني، مشروع تجاري مشبوه- وهو مثال نموذجي صغير على أنّ الصورة التي تحملها الولايات المتحدة عن نفسها- وهي أنها قوة عظمى فاعلة للخير- كثيراً ما تكون مناقضةً للواقع .

وهنالك نحو 25 ألف رضيع، يتم تبنيهم عبر الحدود كل عام؛ ونصفهم يذهب إلى الولايات المتحدة . ولكن مهما بلغ عطف الوالدين المحتملين للأطفال المتبنّيْن، فإن في العديد من الدول، صناعة تدور حول التبني، همّها الرئيس هو الربح، لا مصالح الأطفال، كما تقول منظمة أرض البشر، الخيرية التي تُعنى بحقوق الأطفال .

وقد وجد الوسطاء عديمو الضمير في فوضى الحرب فرصة سانحة، لجني المال . فكانت تجري مقايضة أطفال ووالِدوهم أحياء، أو يتمّ خطفهم، والتخلص منهم بإعطائهم لأمريكيين وأوروبيين شماليين، ممن يدفعون مبالغ طائلة من أجل أن يكون لديهم أطفال خاصون بهم .

ولم تكن السعادة مصير كل الأطفال الذين تم تبنيهم . ففي عام 2008 مات ديما ياكوفليف، وهو طفل روسي صغير، متبنّىً من قبل أمريكييْن، حين تركاه داخل سيارة مغلقة، في الحرّ اللاهب ساعات طويلة . ولم يُدَنْ الوالدان المتبنّيان بجريمة القتل الخطأ . وقد سُمي القانون الروسي الجديد، باسمه: ديما ياكوفليف .

وتقول الكاتبة، إن مشاكل تجارة التبني الدولية، تمتد إلى ما وراء أوروبا الشرقية . ففي نيبال، أرغم مئات الأطفال خلال العقد الماضي على الانفصال عن عائلاتهم بوعود بتعليم أفضل، ثم بيعوا من دون علم والديهم لأزواج أمريكيين . وقبل وقف التبني في بلدان ما وراء البحار، كانت تلك الصناعة تجلب ملايين الدولارات سنوياً .

وتضيف الكاتبة، أن الوضع يزداد سوءاً . ففي نيجيريا داهمت الشرطة في العام الماضي، مكاناً ادعِي أنه مزرعة للأطفال، تقيم فيها فتيات مراهقات مسجونات، ويجري إرغامهنّ على إنتاج أطفال للبيع .

وترى الكاتبة، أن التشريع الذي يُصلح مشكلة التبني، موجود فعلاً . وهو اتقافية لاهاي الخاصة بالتبني الدولي، التي تشترط، نظرياً على الأقل، حماية الأطفال من استغلالهم، أو بيعهم أو الاتجار بهم .

ولكن أحد الأسباب الكثيرة التي تجعل اتفاقية لاهاي عديمة الأسنان، هو أن روسيا لم تصادق عليها . ومع الأخذ في الاعتبار أن روسيا هي أكبر مصدّر لأطفال التبني إلى امريكا، ومع قلقها المفاجئ المزعوم، على سلامة الأطفال الروس الذي يُرسلون إلى ما وراء البحار، يبدو عدم تصديقها على المعاهدة، خطأ كبيراً غير مقصود .

وهكذا، فإن روسيا لا تحتاج إلى أن تمنع الأمريكيين من تبني أطفال من دور أيتام روسية . وإذا كانت معنية بأطفالها فعلاً، فكل ما تحتاج إلى فعله هو توقيع اتفاقية لاهاي، والعمل مع الدول الأخرى الموقعة عليها، لضمان اتباع توجيهات الاتفاقية، وتشديدها، عند الضرورة .

وتقول الكاتبة، إن التبني عبر الحدود، يمكن أن يؤدي إلى الكثير من النهايات السعيدة، وليس ثمة سبب لحظره بصورة تامة .

ولكن الأمر، في نهاية المطاف، لا يتعلق بحقوق الأطفال . بل بكبرياء دول كانت عظيمة ذات يوم . إنه يتعلق بازدراء روسيا لأمريكا . فعندما يقع شجار بين قوى كبرى، وقوى كبرى سابقة، تُدمّر حيوات كثيرة . إن تجارة التبني الدولية، في حاجة عاجلة إلى تفحص دقيق شامل- ولكن التلاعب السياسي بمستقبل الأطفال، لا يصلح أن يكون بداية لذلك .

وفي صحيفة موسكو تايمز، (26-12-2012) تنتقد يوليا لاتينينا، معاملة الأطفال في روسيا، لتقول في النهاية إن الأطفال الروس الذين يتم تبنيهم في امريكا، ليسوا أسوأ حالاً ممّن يُتبَنّوْن في روسيا، وبناء على ذلك، فإنها تنتقد القانون الذي وقع عليه الرئيس الروسي . كتبت لاتينينا، تحت عنوان، إساءة معاملة الأطفال، أمر روتيني في روسيا:

ليست صورة تبني الأطفال في روسيا زاهية، فقد جاء في الإحصاءات الحكومية الرسمية، أن احتمالات موت طفل متبنّىً من قِبل والديْن روسييْن، أكبر ب39 مرة من احتمالات موت طفل متبنىً من قِبل والديْن في الغرب . وبطبيعة الحال، لا يتضمن سبب الوفاة القتل العمد، والقتل الخطأ وحسب، بل حوادث السيارات أيضاً، والمرض وعوامل أخرى . وللأسف، حتى تلك الإحصاءات لا توفي المشكلة حقها لأن المحاكم الروسية، كثيراً ما تتقاعس عن اتخاذ اجراءات جنائية عندما يكون الأطفال ضحايا سوء معاملة أو تعسف . . وتعطي الكاتبة أمثلة عديدة على ذلك . .

ثم تمضي قائلة: إن المقارنة السابقة، تؤكد أيضاً الفارق الرئيس بين حقوق الأطفال في روسيا، وفي الغرب . ففي الولايات المتحدة، تُعتبَر إساءة معاملة الأطفال جريمة . أما في روسيا فهي أمر روتيني . فما يقارب 60% من الأطفال في دور رعاية الأيتام، يعانون سوء المعاملة من قبل مَن يرْعوْنهم، وتكون حالة نادرة أن يقضي شخص مدة في السجن بسبب جرائم ارتكبها ضدّ أطفال .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"