«كورونا» يغري الأدباء

02:10 صباحا
قراءة دقيقتين
علاء الدين محمود

يمثل الوضع الاجتماعي والنفسي الراهن جراء جائحة كورونا، إغراءً شديداً للمبدعين والفلاسفة للكتابة عنه وتناوله، فلا شك في أن التشظي الوجداني النابع عن العزلة ينتج عوالم ومشاهد وحكايات وغرائبيات تصلح لإنتاج المفاهيم الفلسفية والسرديات الروائية، وقد حدث ذلك في التاريخ، عندما اجتاحت العالم وبائيات فتاكة مثل الطاعون والجدري والكوليرا، وهي الأمراض التي كتب عنها عشرات بل مئات الأعمال الروائية والإبداعية، إضافة إلى المؤلفات في مجالات الفلسفة وعلم النفس، والتي تناولت الواقع الاجتماعي والسلوك النفسي للأفراد والجماعات تحت وطأة العزلة، وهنالك أعمال أدبية إبداعية خلدت بين الناس يلجأون إليها في كل حين، ويستعيدون قراءتها اليوم في ظل جائحة كورونا، والتي يواجهها البشر بترياق «التباعد الاجتماعي».
ومن شدة وله الناس هذه الأيام بأدب الأوبئة، صاروا لا يبحثون فقط عن الروايات التي تصور الأحداث والوقائع في زمن المرض، بل حتى تلك الأعمال التي تنبأت بالوباء، على نحو ذلك الإقبال الشديد لرواية أمريكية تدعى «عيون الظلام»، والتي قيل إنها تنبأت بمرض كورونا، وتصدرت قائمة الكتب الأعلى مبيعاً في العالم، والواقع أن العديد من الروايات التي تندرج تحت تصنيف أدب «الدستوبيا»، ظلت تحمل مثل هذه التوقعات الخيالية، وأمام هذا الهوس الشديد الذي يجتاح العالم بهذا النوع من المؤلفات السردية، فقد اتجه العديد من المؤلفين نحو الشروع في كتابة روايات عن مرض «كورونا»، تستهدف يوميات الإنسان في مختلف أنحاء العالم والذي يبحث عن أمل للخروج من هذه الأزمة الصحية ذات التداعيات المختلفة والمتباينة، ولعل من أكثر الأشياء التي ربما ستكون محور تلك الأعمال، تنامي روح التضامن العظيمة بين الناس، والبطولات الكبيرة للأفراد في زمن الأزمة، الأمر الذي يبشر بأن البشرية ستخرج من محنتها وهي أكثر ترابطاً وتعاضداً.
ولا شك في أن الأعمال الإبداعية التي ستتناول الواقع والمشاهد اليومية للجائحة ستكون كثيرة ومتعددة في طرق وأساليب تناولها، ولكن الروائية والصحفية الجنوب إفريقية لورين بيوكيس، أطلقت لخيالها العنان في روايتها «بعد الأرض»، الصادرة حديثاً، عندما تناولت مستقبل العالم ما بعد جائحة كورونا، من خلال قصة بطل العمل الطفل «مايل»، الذي تريد السلطات حجزه في حجر صحي، بينما تقوم والدته بمعاونته من أجل الهروب في تفاصيل سردية مشوقة، من خلال عمل يسعى إلى إعادة تشكيل المجتمع عقب الوباء على أسس جديدة من التفاعل الإنساني، ووضع أنماط حديثة للتنظيم الاجتماعي، ولعل ما يميز الرواية أنها محتشدة بحكايات الحب في وقت العزلة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

صحفي وكاتب سوداني، عمل في العديد من الصحف السودانية، وراسل إصدارات عربية، وعمل في قنوات فضائية، وكتب العديد من المقالات في الشأن الثقافي والسياسي، ويعمل الآن محررا في القسم الثقافي في صحيفة الخليج الإماراتية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"