المسرح صانع الفرحة في العيد

00:15 صباحا
قراءة 3 دقائق

علاء الدين محمود

لطالما كان العيد في الإمارات مناسبة لتقديم العروض المسرحية، والإسكيتشات، وغيرها من أشكال العروض المسرحية في الأسواق، والأندية، والمقاهي، والأماكن المختلفة، وربما لن تكتمل فرحة العيد دون تلك الأنماط الدرامية المرتبطة بالبيئة المحلية؛ إذ ظهر كثير من الفنانين الإماراتيين المعروفين الآن عبر تلك العروض التي كانت تقدم في مناسبات الأعياد، منهم عبد الله صالح، وأحمد الجسمي، ومرعي الحليان، وأحمد الأنصاري، وجمال مطر، وجمعة علي، وفيصل الدرمكي وغيرهم من النجوم الكبار الذين قدموا ممارسات فنية راقية ورائعة ونجحوا في التعبير عن الواقع والثقافة المحلية حتى ارتبط المسرح بالأعياد ارتباطاً وثيقاً، ولا تزال مسارح الدولة المختلفة تشهد نشاطاً كبيراً في العيدين “الفطر والأضحى”.

والحقيقة أن الفنانين الإماراتيين الكبار ربما يمتلكون حرصاً خاصاً على تقديم أعمالهم في العيد؛ ذلك أن معظم هؤلاء المبدعين ظهروا من خلال الأعمال التي قدمت في هذه المناسبة الجليلة؛ إذ كانت بداياتهم الفنية وموعدهم مع الشهرة والانتشار هناك، ولعل الأمر الذي غفل عنه الكثيرون من نُقاد ومشتغلين في المسرح والدراما هو أن العيد في الإمارات بمنزلة حالة مهرجانية متكاملة، مثله مثل المناسبات المسرحية الكبيرة التي تعقد في الدولة؛ إذ يشهد عروضاً كثيرة، وفي ذات الوقت يقدم أسماء جديدة في مختلف عناصر العرض المسرحي.

ولعل تأسيس تلك العلاقة بين النشاط المسرحي والأعياد لم يكن عبثياً؛ إذ إن هذه المناسبات تشهد نشاطاً اجتماعياً كبيراً، ويُقبل الناس على وسائل الترفيه التي كانت متوفرة في وقت باكر قبيل دخول التقنيات الحديثة مع الثورة الرقمية الكبيرة التي يشهدها العالم؛ إذ يلجأ الناس إلى المسرح في الأندية ذات الطابع الثقافي والرياضي بصورة أكثر خصوصية؛ إذ يحرص الجميع على حضور الإسكيتشات والمسرحيات التي كانت تقدم وفق ما يناسب العيد وبهجته.

لذلك نجد أن معظم الأعمال المسرحية والفرجوية التي كانت تقدم هي في الأصل أعمال ذات طابع وأسلوب وأفكار اجتماعية بقالب كوميدي ضاحك، وهو الذي يصلح في مثل هذه المناسبات غير أن تلك المسرحيات رغم أجواء الضحك إلا أنها كانت تحمل الكثير من المضامين والرسائل المهمة والتربوية، وترصد المتغيرات الاجتماعية، فهي تنتصر للخير ضد الشر، والقيم والأخلاق الرفيعة ضد الوضيعة والفاسدة؛ إذ إنها تعمل على رسم البهجة في الوجوه، وتعزيز قيم الخير والحب والجمال في كل فرجان إمارات الدولة المختلفة التي تصبح فضاء للبهجة والسعادة مع تلك العروض التي تحتفي بالابتسامة وتنشد الجمال والروعة والمتعة.

ولعل من الأشياء اللافتة والمهم تناولها في سياق الحديث عن المسرح في العيد أن تلك العلاقة هي التي رسخت “أبو الفنون” في الإمارات وكثير من دول الخليج والمنطقة العربية؛ إذ كان العيد مناسبة للتعرف إلى المسرح وتعميق ثقافته وسط الناس، فلئن كان حب المسرح يجري الآن في دماء الكثير من الناس الذين يقصدون المسارح في المناسبات المختلفة فإن المبتدأ في ذلك الحب هو العيد.

وفي ذات السياق، فإن كان المسرحيون يشكون من قلة الجمهور أثناء العروض المسرحية طوال العام فإن ذلك الأمر لا ينطبق على المسرحيات التي تقدم في العيد؛ إذ نجد الجمهور يتدافع من أجل مشاهدة الأعمال التي تقدم بشغف وشوق شديد بحثاً عن المتعة والضحكة والكوميديا الهادفة، وبذلك نستطيع القول أن العيد قد أسهم في صنع قاعدة جماهيرية للمسرح، وأن الأعمال الكوميديا قد استطاعت أن تخلق تراكماً مميزاً أسهم في رفع مستوى الذوق وتعميق المسرح في الوجدان.

وهذا العام تشهد الكثير من مسارح الدولة في إماراتها المختلفة عروضاً مسرحية لفنانين كبار، وهي بلا شك ستجد إقبالاً كبيراً من قبل جمهور متعطش للفرجة الجميلة، وعلى الرغم من الثورة الرقمية والمعلوماتية وظهور وسائل التواصل الاجتماعي لا تزال مسرحيات العيد تجد متعة خاصة وتحمل مذاقاً مختلفاً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mt68x4m5

عن الكاتب

صحفي وكاتب سوداني، عمل في العديد من الصحف السودانية، وراسل إصدارات عربية، وعمل في قنوات فضائية، وكتب العديد من المقالات في الشأن الثقافي والسياسي، ويعمل الآن محررا في القسم الثقافي في صحيفة الخليج الإماراتية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"