تأثير الموسيقى على القلب

03:18 صباحا
قراءة دقيقتين
د. نورة صابر المزروعي

علاقة الإنسان بالموسيقى لامست كل الحضارات القديمة. فقد أكد اليونانيون أن مكامن النفس وأعضاء جسم الإنسان، خاصة القلب، يتأثران بأصوات الموسيقى. لقد جعلت المدرسة الفيثاغورثية الموسيقى جزءاً أساسياً من حياة اليونانيين، ويُروى أن الفيثاغورثيين يبدأون يومهم بالموسيقى، حتى يطرد الكسل والخمول جراء النوم، فينتهي يومهم بالموسيقى قبل الخلود إلى النوم، وذلك يمنحهم شعوراً بالراحة والسلام والاتزان العقلي والجسدي.
يعتقد أفلاطون أن الموسيقى تُسَيِّرُ حركات الجسم وعملية التنفس، وأن نغماتها تضبط الرياضة البدنية وتتحكم فيها، فهو يرى أن الروح هي التي تهذب الجسد، وليس العكس. وكان لدى المدرسة الفيثاغورثية إيمان جازم بأن «الطبيعة تتألف من الانسجام الناشئ عن الأعداد». كان فيثاغورث أول من بحث في مفهوم المقاييس الموسيقية، من حيث النسب العددية. لذا حاول عالم النفس الألماني زوكر كاندل دراسة تأثير الأصوات على نفس الإنسان.
فوضع نظرية تعرف بنظرية النبض، وتدرس علاقة الألحان بالنسب العددية. فدقات قلب الناس تنبض بعدد معين، فإذا تزايدت أوتباطأت النبضات، فهذا مؤشر لتغيرات قد تحدث في الجسد. ونظرية النبض تربط الذبذبات كمقياس التقدم في الخط اللحني، وهذا يتناغم مع إيقاعات نبضات القلب، وهو مؤشر على أن الموسيقى تتماشى مع طبيعة جسم الإنسان. أما إذا كان المقياس أعلى من نبضات القلب، فتنحرف نبضات القلب الطبيعي عن الإيقاع، فتسبب له إثارة أو انزعاجاً لا يتقبله الجسد.
وإذا كان المقياس يسير ببطء، فهذا يوقظ فيه شعوراً بالذكريات، وما تحمل من مشاعر سعيدة أو حزينة، أو هدوء نفسي نابع من تلك الألحان المتباطئه. تشير دراسة إلى أن الموسيقى الكلاسيكية ليست ذات تأثير إيجابي فقط على مرضى القلب، بل على ضربات قلب الجنين، وحين سماعه لموسيقى الروك، تزداد ضربات قلبه، فيتأثر مزاجه بالسلب، ويندفع إلى البكاء.
وقد أجريت دراسة أكدت أن 94 بالمئة من الأطفال يتوقفون فعلياً عن البكاء، ويستغرقون في النوم، فور سماعهم الموسيقى التي كانوا يسمعونها وهم أجنة في بطون أمهاتهم. أما بالنسبة للأشخاص ممن يميلون إلى موسيقى الروك، فقد تمت برمجة أجسادهم وعقولهم على هذا النوع من الإيقاع الموسيقي، كما أكدت دراسة أجريت في السويد أن القلب يختار إيقاعات موسيقية مفضلة لديه، تسبب له الراحة والهدوء، كما نشرت دراسة في مجلة القلب الأوروبية بعنوان «تأثير نوعية الموسيقى على القلب»، أكد فيها الأطباء أن هناك علاقة طردية بين نوع الموسيقى المختارة وتأثيرها على الجسد، ولذا، فقد تأكد أن الموسيقى الكلاسيكة لها علاقة بالعلاج، وهذا ما يعرف ب«المعالجة بالموسيقى».
ففي المستشفيات الغربية تستخدم الموسيقى كطرق علاجية لأمراض القلب، كما تستخدم أنواع منتقاة بعناية من الموسيقى الكلاسيكية أثناء التدخل الجراحي لمرضى القلب، حيث يكون هناك تأثير للايقاع الموسيقي البطيء على الجهاز العصبي، مثل تأثير أدوية المسكنات، حيث يسترخي المريض بشكل تام.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

حصلت د.نورة على الدكتوراه في الدراسات الخليجية من معهد الدراسات العربية والإسلامية بجامعة إكستر بالمملكة المتحدة .وماجستر في دراسات شرق أوسيطية بجامعة أريزونا بالولايات المتحدة الأمريكية. ودبلوم خبيرة التسامح الدولي من كلية محمد بن راشد. ومن إصدارات الدكتورة: كتاب بعنوان "العلاقات بين الإمارات والسعودية"؛ حاز هذا الكتاب على جائزة العويس للإبداع في 19 أبريل 2017 عن فئة أفضل كتاب نشرته مؤلفة إماراتية. تعمل في أكاديمية الإمارات الدبلوماسية وجامعة زايد وجامعة أبوظبي. لها العديد من المنشورات، كتاباتها تنحصر حول الفنون والثقافة. تعمل حاليًا على كتاب بعنوان "تأثير الموسيقى في حياتنا".

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"