عادي

« المنوعات».. استراحة يومية بروح الشباب

20:52 مساء
قراءة 6 دقائق
1

إعداد: وليد عثمان
رغم صعوبات البدايات وقلة الإمكانيات، بدا منذ الأعداد الأولى حرص «الخليج» على أن تقدم لقارئها خدمة صحفية متكاملة. ولما كانت «الخليج» دوماً صحيفة تخاطب الأسرة في المقام الأول، أدرك القائمون عليها منذ البدايات أن كل فرد في هذه الأسرة يجب أن يجد على صفحاتها ما يثري معارفه ويسرّي عنه ويلبي شغفه للمعرفة.
ومن هنا، كانت مواد المنوعات موضع اهتمام الصحيفة جامعةً فيها ما يحقق كل المقاصد المهنية، وفي مقدمتها الأخبار والترفيه والجدّ والطرافة.
وتطورت هذه المواد ومساحاتها مع تقدم المجتمع وتزايد وسائل الحصول عليها، لكن بقي الهدف دائماً إفادة القارئ وإطلاعه على كل جديد وإراحته من عبء القضايا المنهكة لأعصابه خاصة إذا كان مهموماً بالتطورات السياسية حريصاً على الاشتباك اليومي مع تفاصيلها.

بين 1971، عام الإصدار الأول لـ «الخليج»، أو حتى بعد ذلك بعشر سنوات حين استأنفت إطلالتها على القارئ، وبين 2020 نصف قرن قفز فيها العالم قفزات هائلة على كل الصعد.
ومع كل قفزة، كانت «الخليج» حاضرة ومواكبة، تضع قارئها، فيما يخص المنوعات، في قلب الاكتشافات والتيارات الفنية والثقافية الناشئة وأحلام العلماء والباحثين، فما نعيشه اليوم من تطور تقني، كان قبل نصف قرن خيالات وأمنيات تتبعتها الصحيفة ووضعت مراحل تحقيقها بين أيدي قرائها.
كانت المسافات لا تزال بعيدة بين أقطار العالم، وكان تجدد المعلومات يدوم أياماً، وبين ذلك كله حرصت «الخليج» على أن تجمع لقارئها كل أطراف المعرفة بما تيسر لها من إمكانيات.
من يطالع أعداد الثمانينات من القرن الماضي، يجد في «الخليج» الروح نفسها التي لاتزال سارية، فالأحدث والأقيم والأغرب من أخبار النجوم العرب والأجانب لا يغيب عن الصفحات، سواء بأقلام محررين أو بما توفره المكاتب والوكالات والصحف الأجنبية.
ولما كانت الإمارات وقتها وجهة فنية جديدة بمحطاتها التلفزيونية التي تتابع أحدث الإنتاجات العربية والأجنبية، واستوديوهاتها التي بدأت في جذب الإنتاج العربي، خاصة المصري، انتهبت «الخليج» إلى قيمة النجوم الذين يأتون إلى هنا مرتبطين بأعمال فنية وتعددت الحوارات معهم.
في خضم ذلك، لم تنس «الخليج» مسؤوليتها تجاه الموهوبين من أبناء الإمارات فشرعت صفحاتها للاحتفاء بهم وتشجيع بداياتهم وإرشادهم إلى مسارات آمنة لتجاربهم. وهناك الكثير من أمثلة المواهب التي قدمت نفسها للجمهور عبر «الخليج»، خاصة في المسرح الذي كان الميدان الأرحب للتجريب وقتها وتشكلت في أروقته قامات فنية على مستوى الكتابة والتمثيل والإخراج أثرت فيما بعد أيضاً المجالين التلفزيوني والسينمائي.
كما قلنا، لم تغب فئة في المجتمع عن اهتمام «الخليج» وهي تقدم مادتها الصحفية اليومية، فحضرت على الدوام موضوعات الطفل والشاب والمرأة، والأسرة عموماً، باعتبار هذه الفئات مكوناً رئيسياً لقسم المنوعات بجانب المواد الفنية.
كانت «الخليج» جزءاً من العمل على الارتقاء بالإنسان وتسليحه بالوعي في بدايات نهوض المجتمع الإماراتي، ودعمت الصحيفة جهود الدولة وهي تشكل المؤسسات التي ترتقي بمكونات المجتمع بفئاته كافة، سواء بإيصال الرسائل إلى القراء أو نشر الدراسات والآراء الحديثة التي تفيد الفرد ذاته أو تعين الجهات المعنية على صياغة رسائلها.
وكانت «الخليج» مشغولة دائماً بالتطورات في الإمارات ومحيطها والعالم، لتقدم للقارئ ما يناسب كل مرحلة.
في 1989، كان العالم على أعتاب مرحلة جديدة استبقتها «الخليج»، فيما يخص مواد المنوعات بإصدار ملحق «آخر الأسبوع» في الخامس والعشرين من مايو/آيار من العام نفسه.
وكان هذا الملحق الذي فتح طريق بداية الملاحق المنفصلة للمنوعات، برهاناً عملياً على جدية تعاطي «الخليج» مع المواد المتخصصة في هذا الجانب التي يربطها البعض بالخفة أو الاستسهال.
كان الملحق مزيجاً جاداً من السياسة بوجهها الإنساني الذي يركز على الأبعاد المخفية للمشتغلين بها، باعتبارهم بشراً أو جزءاً من أسر وعائلات تشتغل بها، عبر قصص لا تتصدر نشرات الأخبار عادة، أو حوارات تستعيد كواليس المشاهد السياسية وصناعة القرار في المنطقة والعالم.
كان إصدار الملحق كل خميس، تأسيساً على أن هذا اليوم وقتها إجازة رسمية، وبالتالي تصبح المواد رفيقاً جاداً للقارئ في العطلة.
ومضى الملحق يحصد إقبالاً متزايداً قبل أن يتبعه بعد ذلك بأربعة أعوام ملحق آخر هو «استراحة الجمعة».
طبعاً لم يكن العالم، خاصة المنطقة، في الأول من أكتوبر/تشرين الأول 1993 حين صدر الملحق مثلما كان قبله.
كانت السنوات القليلة الفاصلة بين الملحقين شهدت طعناً لقيم عروبية مستقرة بإقدام النظام العراقي على غزو الكويت وما تبع ذلك من تدخل عربي ودولي والتهاب أعصاب لكل العرب، فكانت الحاجة ملحة إلى مواد صحفية تسهم في ترميم ما انكسر من غير إسفاف ولا خفة.
شكّل «آخر الأسبوع» مع «استراحة الجمعة»جرعة مكثفة في يومي العطلة الأسبوعية المعتمدة وقتها، وإن جنح الأول إلى الموضوعات ذات الصبغة الدولية والسياسية، مال الثاني إلى الداخل بمعنييه الجغرافي والإنساني.
«استراحة الجمعة» الذي احتوى فيما بعد الملحق الأول وصدر باسم «استراحة الأسبوع»، ركز على المجتمعين الإماراتي والعربي، طارحاً مساحات للبوح والتعبير عن مكنونات البشر وربطهم بجذورهم وتراثهم وأماكنهم، كاشفاً عن تطور الإمارات بعد أن جمعتها الوحدة وبدأت تجني ثمارها ارتقاء في الأماكن والبشر.
بعد ذلك بثلاث سنوات، وتحديداً في الخامس عشر من أكتوبر/ تشرين الأول 1996، انضم إلى ركب المنوعات ملحق «الشباب».
ونذكّر مرة أخرى بحقيقة أن فئة من المجتمع لم تغب عن اهتمام «الخليج»، لكن التطور هو ديدنها، فعينها دائماً على احتياجات قارئها ومجتمعها ومحيطها.
وبعيداً عن هذه الصفحات المتخصصة، التي تقلصت مساحات بعضها مع التطور، لا تزال «الخليج»، كما بدأت، تعرض لقارئها في صفحات المنوعات وجه العالم الآخر الخالي من المنغصات السياسية المنشغل بالإنسان من حيث التسرية عنه أو إفادته بما يستجد من ابتكارات وطرق تجعل مسيرته أسهل أو تعينه على مواجهة التحديات وعرض التجارب الإنسانية الحافلة بالقيم والمنتصرة لقيمة الإنسان لذاته بعيداً عن أي معيار آخر.

شباب

يقين مبكر بقيمة الشباب


في 1996 كان في الإمارات أجيال مختلفة من الشباب، أجيال ولدت مع الاتحاد وتخرجت في منظومته وكونت آراءها تجاه العالم والمجتمع تحت مظلة قيمه وبدأت تتحمل مسؤوليات في مؤسساته وتكوّن أسراً في رحابه. ومع هؤلاء كانت أجيال فتية في المدارس والجامعات تفتح عينيها على العالم المقبل على بداية ألفية جديدة.
صادق الملحق، وكان يصدر كل ثلاثاء، الشباب في المدارس الثانوية والجامعات وأماكن العالم يكتشف معهم مهاراتهم ومواهبهم ويحاورهم حول أفكارهم وتصوراتهم عن العالم ويبني جسراً بينهم وبين صانعي القرار في الدولة الذي يحتضنون كل فكرة جديدة أو مقترح يمكن الاستفادة منه.
كانت «الخليج» بهذا الملحق تعبر عن يقين القيادة السياسية المبكر بقيمة الشباب وجدوى احتوائهم والتعويل عليهم والاطمئنان إلى أفكارهم، وهو ما أيدته أحداث كثير جرت بعد ذلك في أنهار المنطقة.
وربما لا يعلم كثيرون أن من قراء هذا الملحق أو المساهمين في صفحاته بمواهبهم وخواطرهم صاروا من محرري «الخليج» فيما بعد، عقب أن اكتشفت فيهم قابلية تحويل الهواية إلى عمل محترف.
كل هذه الإسهامات الصحفية في ميدان المنوعات كانت تخضع دوماً للتطوير والمراجعة مواكبةً لكل ما في الإمارات وخارجها.
وكان من ثمار هذا النهج أيضاً ظهور ملحق «فضائيات وفنون» في 19 فبراير/ شباط 2003.
وقتها كانت الفضائيات أصبحت جزءاً من الواقع العربي بعد أن بدأت إخبارية قليلة ثم تعددت مجالاتها وتيسر لمعظم المشاهدين العرب الوصول إليها حتى غدت وسيلة الترفيه الأبرز بكل ما أفرزه ذلك من تداعيات، منها ظهور نجوم لهذه القنوات من مقدميها وآثار سلبية تركزت في اعتماد بعضها على العري والإسفاف أو الترويج لمحتوى قيمي يخالف العادات العربية والإسلامية.


فضائيات وفنون

نجوم ومواهب فنية


اهتم ملحق «فضايئات وفنون»، الذي كان يصدر كل أربعاء بقطع «التابلويد»، بإفرازات القنوات العربية محتفياً بما ظل قابضاً فيها على جمر المهنية، وكشف زيف وتفاهة بعضها مرشداً القارئ وصانع القرار على مكامن الخلل.
دخل الملحق بيوت النجوم باحثاً عن وجه آخر غير الذي يظهر على الشاشة وقربهم من محبيهم من المشاهدين، وقدّم للقراء وجوهاً فنية شابة في الأقطار العربية تستحق التوقف عند مواهبها وإجادتها، وأتاح لمواهب إماراتية كثيرة، جرياً على نهج الصحيفة الأم، فرصة الظهور بمدح إنجازاتها أو الإشارة إلى مواضع الخلل في اختياراتها الفنية لتتجنبها في تجاربها المقبلة.
ولا ينكر معنيّ بالفن العربي قيمة الاستطلاع السنوي حول ما قدمه النجوم العرب في دراما رمضان، ونتائجه التي كانت محور أول عدد بعد انقضاء الشهر الكريم.
وإن غاب الملحق بشكله الذي بدأ به، فإن الاستطلاع باقٍ بشموليته في تقصي آراء عينات ممثلة للجمهور في الإمارات وبعض أهم العواصم العربية، وصدقيته التي ترسخت مع السنوات حتى أصبح مرجعاً فنياً سنوياً ينتظره الفنانون قبل الجمهور وتمثل نتائجه ترسيخاً لمكانة كبار الفنانين أو إشارة لهم لتدارك سقطاتهم، وبداية نجومية للمجتهدين من الوجوه الجديدة وشباب الممثلين والكتاب والمخرجين.
في وجود هذه الملاحق لم تخلُ الصفحات اليومية لـ«الخليج» من المواد المنوعة التي واكبت بدورها تطورات المجتمعات العربية، والإماراتي في القلب منها.
والتفتت هذه المواد إلى ما لم تنتبه إليها مثيلتها في صحف أخرى كقضايا البيئة والفضاء والفلك التي كانت محور صفحات أسبوعية تصدر كل أربعاء، وكذلك قضايا التراث، والوجهات الأبرز في الدولة، والسعادة والأوبرا، وغيرها.

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"