يوسف أبو لوز
حقق صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، حلماً كان يرادوه منذ زمن طويل، حلماً شخصياً نما في وجدان وعقل وروح سموه، ولكنه في الوقت نفسه حلم المثقفين العرب، وحلم الثقافة العربية التي قامت على لغة الضاد. لغة القرآن الكريم، ولغة ديوان العرب، ولغة هوية الأمة العربية.
بفرح ظاهر، وانتصار للغتنا الأم أطلق صاحب السمو حاكم الشارقة الأجزاء الثمانية الأولى من «المعجم التاريخي للغة العربية» وتتصل هذه الأجزاء بحرفين فقط هما: الهمزة، والباء، ولكل من عاش هذه اللحظة التاريخية في الشارقة أن يتصور حجم الأجزاء المتبقية التي تتصل بكل حروف اللغة العربية، وأن يتصور أيضاً حجم الجهد، والوقت، والتركيز والبحث والمال الذي ينهض عليه هذا المشروع الأكبر من نوعه في تاريخ اللغة العربية، والثقافة العربية، والأدب العربي.
حقق صاحب السمو حاكم الشارقة بالصبر والمتابعة والمشاركة الشخصية والمادية والمعنوية ما لم يتحقق للغة العربية منذ الدولة الأموية، وحتى اليوم، هذا المعجم الذي لا يتوقف عند شرح معاني الكلمات، بل يوثق لتاريخ الكلمة وتحولاتها، بل، وحياتها اللغوية والأبجدية والجمالية.
مشروع تاريخي عظيم إلى جانب مشروع الشارقة الثقافي العربي الإماراتي العالمي يعطي للشارقة أحقية الوصف بـ«عاصمة اللغة العربية»، كما هي عاصمة الثقافة العربية، وعاصمة الثقافة الإسلامية، وعاصمة الكتاب العالمية قبل ذلك، ووراء كل هذه الإنجازات وفي قلبها هناك رجل يحمل ضميراً ثقافياً وإنسانياً ووطنياً يوجّهه إلى حماية أغلى وأعلى ما يملكه الإنسان العربي..«لغته» التي هي شخصيته، وتاريخه، وهويته.
«المعجم التاريخي للغة العربية» سهر عليه، وتعب من أجله لغويون عرب، ورموز معجمية عربية عريقة لها احترامها واعتباريتها الأدبية والثقافية. ووضع صاحب السمو حاكم الشارقة ثقته بهؤلاء الرجال الأمناء والأنقياء، وكانوا على قدر الثقة والمسؤولية الأدبية والثقافية والأخلاقية.
ولسوف نحتفظ بكل كلمة من رسالة صاحب السمو حاكم الشارقة التي وجّهها إلى الكتّاب والمثقفين العرب، فهي وثيقة وهي دليل رجل أمين على الثقافة، ومحب للكتّاب العرب عندما يشير سموه إلى أن المعجم التاريخي للغة العربية هو المرجع الأكبر والمورد الأعظم الذي يعود إليه المثقفون والمتخصصون في جميع المجالات.. ويعود إليه طلاب الجامعات والأكاديميون والشعراء والأدباء.
هناك رجال يصنعون التاريخ بالمحبة والنبل والعلم والثقافة. صاحب السمو حاكم الشارقة القلب النابض لهذه الكوكبة. حلم سموّه بأن يولد في الشارقة معجم تاريخي للغة العربية كان أملاً وصار حقيقة ثقافية تاريخية عربية.
في الوقت الذي تتعرض فيه اللغة العربية إلى محاولات إقصائها من الثقافة العالمية، ومحاولات تهميشها في المحافل الدولية، ومحاولة استلاب جوهرها الثقافي والمعرفي.. تنجز الشارقة معجماً تاريخياً يحرس اللغة، ويرفع من شأنها الثقافي العالمي بعقول عربية معجمية مخلصة لهذه اللغة العظيمة.