الأمانة فوق الحسابات

01:17 صباحا
قراءة دقيقتين

 

الأخلاق والمبادئ والقيم والتعاليم الدينية تكون في كثير من المواقف، أقوى مليون مرة من الظروف المعاكسة والحاجة الماسة والأوجاع المستدامة، خاصة عندما يتوازن المرء نفسياً وذهنياً وبدنياً، فإن الجانب القيمي لديه يكون أقوى من كل الجوانب الأخرى.
دعونا نفكر قليلاً في سائق الحافلة العامة بدبي، الذي عثر بعد الانتهاء من عمله ليلاً على حقيبة بها ربع مليون درهم، فتواصل مع مشرف الحافلات الذي اتخذ الإجراءات الكفيلة بتسليم الحقيبة إلى صاحبها، وهو أب لخمسة أبناء يتعلمون، أكبرهم 18 عاماً، وأصغرهم 6 أعوام.
لقد كان بين خيارين: الاحتفاظ بالحقيبة أو تسليمها للمؤسسة، لكنه بكل سلاسة اختار ألا يكون معتدياً ولا آثماً، ولا يسلب حقوق الآخرين.
لم يخضع لواقع احتياجه للمال الذي لا يملكه، ولم يقبل أن يكون تعليم أبنائه من غير دراهمه الحلال، كما أنه آثر أن يكون مخلصاً في عمله، أميناً ومتفانياً فيه.
الموظف المثالي انتصر للأخلاقيات والسلوكيات القويمة لتنعكس بصورة إيجابية على مكان العمل، ويكون مثالاً يحتذى به بين زملائه، الأمر الذي يدفع المؤسسة للافتخار بوجود أمثال هذا الموظف بين صفوفها، فتزيد من إيجابيتها مع هذه النوعية من الموظفين، بما يخلق جواً عاماً يزيد من فرص خلق البيئة الآمنة المواتية لمصلحة العمل وتطويره.
هذا الموظف القدوة ليس عملة نادرة في بلد أسسه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وبناه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، فهناك الكثيرون أمثاله، يتمتعون بالأخلاق نفسها، ويحرصون على سلامة العمل وحسن الأداء.
المشاعر النبيلة للسائق المثالي تؤكد أن الأمانة والإخلاص في العمل من صفاتنا كمسلمين، و«أول ما ورد على خاطري عندما وجدت الحقيبة والأموال التي بداخلها هو كيف لي أن أسهم في توصيلها إلى صاحبها».
مؤسساتنا الحكومية والخاصة مطالبة بتعزيز ثقافة العطاء والانتماء لدى موظفيها ومستخدميها لدعم النماذج الإيجابية منهم، فأبناء الإمارات ميالون بطبيعتهم لعمل الخير، وضيوفهم كذلك، وكلما نجحنا في تقديم نماذج جديدة سار المجتمع خطوات إضافية على طريق الفلاح، وبات أكثر قرباً للترابط والتكافل والتضامن.
دعونا دائماً ننطلق بالمبادرات الإيجابية والمتنوعة، وليكن الجميع أشد حرصاً على الآخر، ولينتظر نتائجه المذهلة، فستكون دروساً منتقاة في الحرص على السلام العالمي، والآخرين وعقائدهم وأفكارهم، لنعرف حينها أن السلم الأهلي نعمة لا يعرف قيمتها إلا من يفتقدها.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"