عادي

هل ظُلم فيسبوك؟

21:51 مساء
قراءة دقيقتين
فيسبوك
فيسبوك

* إريك بيترسون

أثارت الدعاوى القضائية التي رفعتها لجنة التجارة الفيدرالية، وائتلاف من المدعين العامين الآخرين في الولايات المتحدة بحق «فيسبوك» حفيظة الكثيرين بين مؤيد لقرار تفكيك عملاق التواصل الاجتماعي ومعارض لذلك.

والسبب الأبرز وراء تلك الدعاوى كان استحواذ «فيسبوك» غير المشروع على تطبيقي «واتس أب» و«إنستجرام»، وسحق المنافسة بين الأعمال ذات الصلة، ما أدى إلى احتكار خدمات الشبكات الاجتماعية الشخصية.

تبرز هنا قضايا مُقلقة بخصوص الإنصاف في إنفاذ قوانين مكافحة الاحتكار، إلى جانب اتخاذ القرار بأثر رجعي والذي قد تكون له تداعيات عميقة على مستقبل الأعمال الأمريكية.

عندما استحوذ «فيسبوك» على «إنستجرام»، مرّ عبر التسلسلات القانونية الرسمية، ونال موافقة لجنة التجارة الفيدرالية من دون تصويت معارض واحد. واجتذب اندماج «واتس أب» حينها تدقيقاً أقل؛ حيث كانت خدمة المراسلة منتجاً متميزاً جداً عن وسائل التواصل الاجتماعي.

تشير الدعاوى القضائية إلى أنه في وقت الشراء، لم يكن لدى «إنستجرام» سوى 30 مليون مستخدم، وأكثر من عشرة موظفين بقليل، ولا توجد إيرادات. حتى أن جون ستيوارت، من برنامج «ديلي شو» الشهير، أشار آنذاك إلى أن «فيسبوك» دفع للتو مليار دولار مقابل شيء «يُفسد صورك».

ولكن من خلال الاستثمار الجيد، وتحسين المنتج؛ حوّل «فيسبوك» «إنستجرام» إلى أحد أكثر خيارات وسائل التواصل الاجتماعي شيوعاً. فهل كان من المعقول ومن دون خبرة وموارد «فيسبوك» أن يزدهر هذا التطبيق كما هو الحال اليوم؟ أم كان سيبقى مجرد تطبيق صور آخر منسي؟

تعد الشكاوى المرفوعة ضد الاستحواذ على «واتس أب» محيرة أكثر. وعلى الرغم من أنه أكبر تطبيق مراسلة، ويضم أكثر من ملياري مستخدم، فإن «فيسبوك»، وهذه الحقيقة لوحظت في الدعاوى القضائية، لم يسترد بعد استثماراته في التطبيق الشهير، ناهيك عن المنافسة المحمومة بين تطبيقات التراسل الأخرى؛ مثل: «آي مسج» و«فيس تايم» و«جوجل مسنجر».

ينسى الكثيرون أنه لم يمض وقت طويل عندما كانت المكالمات الخلوية وفواتير الرسائل النصية مكلفة للغاية. اليوم باستخدام «واتس أب»، يمكنك إجراء مكالمات صوتية ومرئية لملياري شخص في جميع أنحاء العالم مجاناً.

لا أحد يشكك بنجاح «فيسبوك»، إلا أنه بالمقابل يواجه منافسة شديدة أيضاً، وهو أمر يتناقض مع ما جاء في الدعاوى الأخيرة. فعلى الرغم من إطلاقه في عام 2016، تم تنزيل تطبيق «تيك توك» الشهير أكثر من 1.5 مليار مرة، مما يجعله سابع أكثر التطبيقات تحميلاً خلال العقد، والأكثر شيوعاً لدى الجيل «زد»، الذين يرفض الكثير منهم تطبيق «فيسبوك» تماماً. عدا عن المنافسة الشرسة من «لينكدإن» و«تويتر» و«سناب شات».

بغض النظر عن الدوافع، فإن التراجع عن عمليات الاستحواذ الناجحة ليس سياسة غير عملية فحسب؛ بل مروّعة أيضاً. يجب أن تركز مكافحة الاحتكار على ضمان رفاهية المستهلك، وليس معاقبة نجاح الأعمال الأمريكية.

* ذا سنتر سكوير

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"