جلف فليكس

00:09 صباحا
قراءة دقيقتين
1

أسماء الجناحي

الطفل كما الشجرة، يكون بذرة في كنف أسرته ثم يكبر فيسقيه المعلمون الأدب والعلوم في المدرسة، ثم يغذيه الإعلام حتى تنضج ثماره، ولكن أياً من الثمار سوف نجني؟.
يساهم الإعلام بمختلف أنواعه بشكل كبير في تغيير الثقافة والمفاهيم والقيم لدى الناس، فالمجتمع أصبح مؤخراً يتوجس الأفكار التي تفرزها المسلسلات والأفلام المعروضة على بعض المنصات الذكية ومنها نتفليكس. مثل تقبل تعدد العلاقات وغيرها.
يأتي بعض أولياء الأمور على منع أبنائهم من مشاهدة «نتفليكس» لحمايتهم من هذه القيم، ولا ألومهم على ذلك بالطبع، فالكثير مما يعرض على تلك المنصة تخطى المقبول والمعقول وكل الحدود، ولكن هناك في المقابل تلك القيم المختلفة التي تغرسها مسلسلات خليجية في أبنائهم، ولا نعلم إن كان أولياء الأمور يدركون حجم المبالغات التي تعرض وعدم واقعيتها في مجتمعاتنا الخليجية.
ففي الوقت الذي يمنع فيه ولي الأمر ابنه من متابعة مسلسل ما نتيجة عرض بعض المقاطع النابعة من مشاعر الحب، نراه لا يمانع في مشاهدته لمسلسلات خليجية تغرس في الأجيال ضرب الأخ لأخواته وصراخه المستمر عليهم، وخوف البنت من والدها أو أخيها عوضاً عن أن يكونوا سنداً وصدراً حنوناً يحتويها، بالإضافة إلى قيم أخرى يتم تعزيزها في المسلسلات، مثلاً الصراع على الإرث والأموال، ظلم الأخ لأخواته وسرقة الأموال، صرامة الأمهات وتحكّمهن غير المفهوم على أفراد الأسرة، ضرب الزوج للزوجة، وحبسها أو حبس الأخت. 
كما أنه من الأمور المبالغ فيها أيضاً في هذه المسلسلات الإجبار على الزواج، وتحديد دور الزوجة في إعداد الطعام وخوفها من الزوج عوضاً عن تعزيز نموذج لعلاقة يسودها الاحترام والود والرحمة، فضلاً عن الموسيقى الحزينة المصاحبة سواء في تتر المسلسل أو أثناء توالي أحداثه، حتى شعور السعادة يعبر عنه بحزن مع أننا ولله الحمد والمنة نعيش في دول ملؤها الأمن والأمان وكل خير، فلم يعكس بعض المخرجين والمنتجين والمؤلفين شكل المجتمع الخليجي في أعمالهم بهذه الصورة السلبية؟، لم لا يكون هناك وعي كاف لتغيير النمط المتعارف عليه للمسلسلات الخليجية، لم لا تكون المسلسلات أحد أهم الوسائل لغرس القيم النبيلة في مجتمعاتنا؟، قد تكون هناك محاولات قليلة للخروج عن هذا السرب ولكنها غير كافية لمواجهة تيار السلبية في غالبية المسلسلات.
في وقت سابق، شاركت في جلسة حوارية بدولة الكويت الشقيقة ضمن مؤتمر جوهر المرأة بين التمكين والإعلام، وعرضت خلالها مقترح تشكيل لجنة مهمتها غرس القيم التي نود تأصيلها في المجتمع الخليجي من خلال الدراما، كقيمة الأخ الأكبر الداعم لأخته، الاحترام والمودة في العلاقة الزوجية، التعامل مع أصحاب الهمم، بحيث لا يتم تصوير أي عمل درامي قبل مرور النص على هذه اللجنة.
إن للصورة السلبية التي يظهر بها مجتمع الخليج العربي في عدد من الأعمال الدرامية أثراً سلبياً أيضاً على النشء، أم أن الأثر السلبي المتعارف عليه لدينا لا يزال في انتقاد شكل الملابس وشكل العلاقات.. فإذا كانت هناك «نتفليكس» يخافون منها، فلدينا أيضاً «جلف فليكس» يجب تقويمها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"